أكثر من أربعة ملايين أمريكى يعيشون حالة من القلق فى ظل الانقسام الحالى بين الديمقراطيين والجمهوريين بشأن تمديد العمل بالبرنامج الفيدرالى للإعانات الطارئة للعاطلين عن العمل منذ فترة طويلة والذى يطبق على الأشخاص الذين يعانون من البطالة لفترة أطول من ستة أشهر، فحتى لو أقر الكونجرس مشروع القانون المقدم من قبل الديمقراطيين والذى يقضى بتمديد البرنامج لمدة ثلاثة أشهر، فماذا سيفعلون بعد انقضاء هذه المدة، إنهم بالطبع سيظلون موضع جدل فى بلدهم وسيظل شبح الفقر يهددهم. تعود القضية إلى عام 2008 عندما اعتمد الرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش برنامج «الإعانات الطارئة للبطالة» فى بداية فترة الركود الاقتصادى بهدف مساعدة الأمريكيين الذين فقدوا وظائفهم نتيجة أزمة الركود الاقتصادى ولم يستطعوا الحصول على عمل آخر خلال تلقيهم إعانات البطالة الحكومية والتى تنتهى فى معظم الولايات بعد ستة أشهر، وسمح هذا البرنامج للعاطلين بالحصول على تعويض شهرى يبلغ متوسطه نحو 1,166 دولار مدة 73 أسبوعا من تاريخ فقد الوظيفة. وقد مدد الكونجرس الإعانات الفيدرالية الطويلة الأجل للبطالة 11 مرة منذ تم تمرير القانون ولكن لم يحدث ذلك فى اتفاق الميزانية الأخير حيث تضمن الاتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين على الموازنة وقف المساعدات الحكومية للعاطلين عن العمل الذين تجاوزت فترة بطالتهم الستة شهور. وقد انتهى فى 28 ديسمبر الماضى العمل بالبرنامج الفيدرالى للمعونات الطارئة، وقدر عدد المواطنين الذين حرموا من تلك الإعانات فى المرحلة الأولية بنحو 1,3 مليون مواطن. ومن المتوقع أن يتأثر عدة ملايين آخرين فى مرحلة لاحقة حيث يستمر برنامج الإعانات لستة أشهر أخرى فى بعض الولايات. ويقدر عدد العاطلين الأمريكيين الذين تجاوزت بطالتهم ستة أشهر بنحو 4,1 مليون شخص، ثلثهم يعتمدون على إعانات البطالة. ويقول البيت الأبيض إن هذه الإعانات سمحت للملايين من الأسر الأمريكية بالبقاء خارج دائرة الفقر، إلا أن الجمهوريين يستكثرون الميزانية السنوية للبرنامج والتى تبلغ 25 مليار دولار. ويرى الديمقراطيون ومعهم كثير من الخبراء الاقتصاديين أن الإعانات الفيدرالية للبطالة تفيد أيضا الاقتصاد حيث توفر الأموال التى تنفق على السلع الاستهلاكية فتساعد على تحفيز النمو الاقتصادى وبالتالى خلق فرص عمل جديدة. ويرون أن عدم تمديد البرنامج الفيدرالى سيصاحبه انخفاض فى الإنفاق الاستهلاكى. وقد أكد الرئيس أوباما فى خطابه الأسبوعى على ضرورة عمل الكونجرس على تمديد البرنامج قائلا إن السماح بانتهاء البرنامج لن يضر بالأسر الأمريكية فحسب إنما سيمثل عبئا على الاقتصاد بشكل عام موضحا أنه عندما لا يتمكن الأفراد من دفع الفواتير أو شراء أساسيات الحياة كالمأكل والملبس فستضطر الشركات لخفض عدد الموظفين. وعلى الجانب الآخر، يرى الجمهوريون أن البرنامج أصبح غير ضرورى فى ظل مؤشرات النمو الاقتصادى والانخفاض فى معدل البطالة (تراجع إلى 7%). ويقولون إن التمديد سيزيد من عجز الميزانية الاتحادية إذا لم يعوض ذلك خفض آخر فى وجه آخر من أوجه الإنفاق بالميزانية، أو تحديد مصادر دخل معينة للإنفاق عليه أو اقتراح أى إجراءات أخرى من شأنها تحفيز نمو الوظائف. كما يرى البعض أن هذه الإعانات الاتحادية تجعل الناس تتكاسل عن البحث عن العمل. وفى هذا السياق، يقول السناتور راند بول من ولاية كنتاكى لشبكة «ايه بى سى» الإخبارية: «اعتقد أنه من الخطأ الاقتراض من الصين أو الإقدام ببساطة على طباعة الأوراق المالية للإنفاق عليه». ويؤكد بول أن البرنامج يزيد من أزمة البطالة بدلا من تخفيفها، مشيرًا إلى أن بعض الباحثين عن عمل ممن يحصلون على إعانات البطالة يصرون على العثور على وظائف ذات أجور مرتفعة وبدون الإعانات سيقبل هؤلاء بالوظائف ذات الأجور المنخفضة وبالتالى ستنخفض نسبة البطالة. أما صحيفة الإكونوميست البريطانية فترى أن إعانات البطالة لا تساعد العاطلين عن العمل فقط، ولكنها تعزز أيضا الطلب على السلع. فبخلاف بعض محفزات الاقتصاد الأخرى، فإن هذه الإعانات يتم إنفاقها سريعا على السلع الاستهلاكية. وتشير الصحيفة إلى أن مكتب الميزانية بالكونجرس وجد أن تمديد برنامج الإعانات حتى نهاية 2014 سيزيد الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 0,2% وسيزيد فرص العمل بنحو 200 ألف وظيفة، مما يعنى أن قطع الإعانات سيؤدى إلى فقد فى الوظائف. كما تلفت الصحيفة إلى ارتفاع نسبة العاطلين لأكثر من ستة أشهر حيث تقول إنهم كانوا فى نوفمبر 2013 يشكلون 37,3% من إجمالى العاطلين عن العمل، وهى نسبة أعلى بكثير من نظيراتها عند انتهاء مدة البرامج المماثلة فى فترات الركود السابقة. ومن جانبه، قدر الخبير الاقتصادى والأستاذ بجامعة هارفارد لورنس كاتز أن تصل خسائر الاقتصاد الأمريكى إلى مليار دولار أسبوعيا بسبب وقف الإعانات الحكومية التى يتلقاها العاطلون عن العمل لمدد طويلة، حيث قال لصحيفة الجارديان البريطانية إن «هناك آثارا متعددة على الاقتصاد الأمريكى بسبب هذا الخفض فى الإنفاق» مشيرا إلى أن هذه الإعانات تبلغ 400 مليون دولار لكن غيابها يكبد الاقتصاد الأمريكى خسائر تتراوح بين 600 مليون ومليار دولار أسبوعيا.