بعد ثلاثين عاما من تطبيق سياسة الطفل الواحد وأكثر من نصف قرن على معسكرات التثقيف، اتخذت اللجنة الدائمة للحزب الشيوعى الحاكم فى الصين قرارين للبدء فى تطبيقهما مع بداية العام الجديد 2014، أولهما تخفيف سياسة الطفل الواحد ليودع الصينيون ثلاثة عقود من التطبيق الصارم لهذا القانون، حيث أصبح من حق العائلة الصينية إنجاب طفل ثان بشرط أن يكون أحد الزوجين وحيدا لأبويه. ووصف القرار الجديد بأنه جاء فى الوقت المناسب بعد أن حذر خبراء من أن استمرار الصين فى تبنى سياسة الطفل الواحد سيؤدى إلى تراجع فى نسبة القوى العاملة حيث إنه أدى بالفعل إلى زيادة نسبة المسنين إلى حوالى 400 مليون نسمة وهو ما يعادل ربع السكان حيث أرهق التنامى السريع فى أعداد المسنين كاهل الحكومة واستنفذ الكثير من خزينة الدولة ، وتقول الأممالمتحدة إن 30% من سكان الصين سيتجاوزون الستين من العمر بحلول عام 2050. وقد فرضت السلطات الصينية قانون تنظيم الأسرة وطبقته بشكل قاس اعتبارا من عام 1979 بهدف ضبط النمو المتسارع للسكان حيث أدى تطبيق القانون طوال تلك الفترة إلى تجنب زيادة سكانية تقدر بنحو 400 مليون نسمة فلجأت السلطات إلى فرض إجراءات قاسية على المخالفين كعقوبات مالية مؤلمة أو اجبار الأمهات على إجراء عمليات إجهاض حتى لو كان ذلك فى المراحل المتأخرة من الحمل. كما ترفض السلطات الاعتراف بوجود الطفل الثانى وترفض منحه أية شهادة رسمية تثبت هويته ويتم حرمانه من كثير من حقوقه كحقه فى التعليم والتنقل. ويقول ستيفن موجر رئيس معهد البحوث السكانية فى الولاياتالمتحدة والمختص بديموجرافية الصين إنه كان يتم توقيف الأم والأب ووضعهما فى السجن بتهمة الحمل بدون رخصة وبعدها تجبر الأم على الإجهاض وتجبر البعض على تعقيم خصوبتها مدى الحياة، فى حين أفادت دراسة فى 2007 بأن قاعدة الابن الوحيد لا تطبق سوى على 37% من الأزواج الصينيين بينما لا يتردد الأزواج الميسورون من مخالفة هذه القاعدة ويدفعون غرامة مقابل ذلك. وفى المقابل، أدت سياسة الطفل الواحد طوال السنوات الماضية إلى اختلال عدد الذكور إلى الإناث ووصلت النسبة إلى 12 شابا مقابل مائة أنثى، كما أن نحو مليون عائلة صينية فقدت طفلها الوحيد بعد أن كان الزوجان بلغا الكبر وأصبحا غير قادرين على الإنجاب . ورأى خبراء أن تخفيف هذه القاعدة يشكل تقدما حاسما وإن كان المستفيدون من هذا القانون الجديد لن يزيدان عن 20 مليون عائلة ينطبق عليها شرط أن أحدهما وحيدا لأبويه. ومن المتوقع أن تؤدى الإجراءات الجديدة إلى زيادة 13 مليون طفل جديد خلال السنوات الخمس القادمة بمعدل مليونى طفل فى العامين الأولين زيادة على المعدل الطبيعى السائد وهو 17 مليون مولود جديد كل عام. كما ألغت اللجنة التشريعية فى الصين معسكرات إعادة التثقيف والتى عدت انتهاكا لحقوق الإنسان منذ سنها عام 1957 وهو نظام إعادة التأهيل بالعمل والذى يسمح باحتجاز أى شخص بقرار بسيط من الشرطة ولمدة يمكن أن تصل إلى أربعة أعوام، حيث لجأت سلطات الأقاليم إلى هذا النظام وسجلت انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان ولم يكن يتمتع بأى شعبية. وقدر تقرير الأممالمتحدة فى 2009 عدد المعتقلين بموجب هذا القرار ب 190 ألف شخص، وقد وعدت السلطات الصينية الشهر الماضى بإلغاء هذا النظام وإطلاق سراح الذين كانوا فى المعسكرات تدريجيا، فى الوقت الذى حذر خبراء من استمرار الصين فى اللجوء إلى أشكال أخرى من الاعتقال التعسفى تحت أى مسمى آخر.