بعد 35 عاماً من سياسة الطفل الواحد اتخذت الصين فى 13/7 خطوة تعديلية بالإعلان رسمياً عن السماح لكل زوجين وحيدى أبويهما أو أولئك الذين ولدوا فى ظل سياسة الطفل الواحد بإنجاب طفل ثان على أن يُطبق ذلك فى جميع المقاطعات والمناطق ذاتية الحُكم والبلديات فيما عدا مقاطعة " خنان" باعتبارها أكثر المُقاطعات الصينية تعداداً للسكان، حيث تضم وحدها أكثر من 97 مليون نسمة، وكانت سياسة الطفل الواحد التى تُسمى بسياسة تنظيم الأسرة قد بدأ تطبيقها منذ عام 1973، وهذه السياسة منذ تطبيقها أفضت إلى ولادة مائة مليون طفل وحيد فيما حالت دون ولادة قرابة 400 مليون طفل جديد . ويتوقع المراقبون أن يزداد تعداد سكان الصين بنسبة كبيرة خلال الثلاثين عاماً القادمة، حيث سيصل التعداد السكانى إلى 1.36 مليار نسمة بحلول عام 2010 وإلى 1.45 مليار نسمة بحلول 2020 قبل أن يقفز إلى الذروة بحلول عام 2033 مُسجلاً 1.5 مليار نسمة، ويرى المتخصصون أنه لم يكن ثمة خيار آخر أمام الحكومة الصينية سوى تطبيق هذه السياسة وسط إحصائيات رسمية أشارت إلى أن إجمالى عدد السكان لم يكن يتجاوز لدى تأسيس جمهورية الصين الشعبية فى أكتوبر عام 1949 أكثر من 524 مليون نسمة قفز خلال عقدين إلى نحو 807 مليون نسمة فى أكتوبر 1969 .. الأمر الذى شكل ضغوطاً رهيبة على مسيرة التنمية للاقتصاد الوطنى . ويرى المحللون أن سياسة تنظيم الأسرة فى الصين أدت إلى انخفاض ملحوظ تم تسجيله تباعاً فى معدلات المواليد خلال العقد الحالى ولولا ذلك لقفز التعداد السكانى اليوم إلى مليارى نسمة، وهى معضلة تكفى لتؤرق مضاجع حكومة أى دولة وليست الصين فقط .. ورغم النتائج الإيجابية التى أسفرت عنها سياسة الطفل الواحد على مدار العقود الثلاثة الماضية تبدو الحكومة الصينية اليوم أمام مشكلة على خلفية التداعيات الخطيرة والسلبية الناجمة عن تلك السياسة على أمن ومستقبل المجتمع الصينى، حيث دخلت الصين مجتمع الشيخوخة منذ عام 1999، فيما قفزت إلى مركز الصدارة العالمى فى نهاية عام 1998 كأكبر دولة من حيث عدد مواطنيها المُسنين ممن تتجاوز أعمارهم الستين عاما – 143 مليون مواطن يُشكلون خُمس الإجمالى العالمى و 11 بالمائة من إجمالى تعداد الصين البالغ 1.3 مليار نسمة – وسط توقعات أن يصل عدد المُسنين إلى 284 مليوناً بحلول عام 2020 . وأشار تقرير لمنظمة الأممالمتحدة إلى أن الصين ستظل أكبر دولة على مستوى العالم من حيث عدد المُسنين طوال النصف الأول من القرن الحادى والعشرين فيما ستتراجع إلى المركز الثانى بعد الهند خلال النصف الثانى من القرن الحالى، وفى هذا السياق حذر تقرير للجنة الدولة الصينية للسكان وتنظيم الأسرة من مغبة التحول السريع للبلاد إلى مجتمع الشيخوخة لافتاً إلى أن هذا التطور السريع لشيخوخة السكان صاحبته تغيرات كثيرة فى تركيبة العائلات فى الصين، ولفت التقرير إلى أن الصين دخلت مجتمع الشيخوخة فى ظل اقتصاد نامى لا يتجاوز فيه نصيب الفرد من إجمالى الناتج الوطنى المحلى ألف دولار أمريكى وهو ما يفسر ضعف القوة الاقتصادية للصين فى مواجهة مشكلة الشيخوخة . وتؤكد الدراسات الطبية إلى أن الطفل الصينى الحديث يعانى من انخفاض حاد فى نسبة الذكاء ويتأخر كثيراً فى الحركة وفى النطق بالنظر إلى افتقاره لعنصر هام هو المحاكاة والذى لم يكن يوفره سوى وجود الأشقاء من حوله وكلها دلائل لا تبشر بطبيعة الشخصية التى سيكون عليها رجل المستقبل والذى من المفترض أن يتسلم راية القيادة فيما بعد . وكانت الحكومة الصينية قد أصدرت قبل نحو عامين قانوناً جديداً يسمح بإنجاب طفل ثان لدى توفر ثلاثة شروط محددة تتضمن الزوجان اللذان يكون طفلهما الأول مُعاقاً والزوجان اللذان يكون كل منهما وحيداً لأسرته والزوجان اللذان يتزوجان للمرة الثانية ويكون لكليهما معاً طفلاً واحداً فقط من الزيجتين السابقتين وقد حل ذلك القانون محل القانون القديم الذى كان يفرض شروطاً تعجيزية على إنجاب الطفل الثانى . وتعترف السلطات الصينية بأن تلك القوانين واللوائح وغيرها من الإجراءات الصارمة على كثرتها عجزت إلى اليوم عن المواءمة بين حقوق مواطنيها وحمايتهم من الانحراف وبين مصالح الدولة العليا كما أخفقت فى تدارك العديد من السلبيات الناجمة عن تطبيق سياسة الطفل الواحد ومن ثم تعهدت بإجراء مراجعة دورية شاملة لإستراتيجيتها السكانية بمعدل مرة كل عقد مع الإبقاء على جميع الخيارات مفتوحة طالما اقتضت الضرورة ذلك، وفى هذا السياق جاء القرار الأخير الذى صدر أمس والذى يعنى عملياً أن نحو 65 بالمائة من إجمالى سكان الصين ممن هم فى سن الخصوبة أصبحوا غير ملزمين باتباع سياسة الطفل الواحد . 14/7/2007