يلاحظ فى مواد نظام الحكم فى الدولة .. الموازنة بين السلطات المختلفة: التنفيذية والتشريعية والقضائية.. و استقلال كل منها فى عملها، بالإيضافة إلى «ترشيد» اختصاصات رئيس الجمهورية وسلطاته مقارنة بالدساتير المصرية السابقة مع إمكانية سحب الثقة منه واتهامه بانتهاك الدستور، والخيانة العظمى أو أية جناية أخرى،من خلال الضوابط والإجراءات التى حددها الدستور.. وتبدأ بطلب مسبب من البرلمان وبأغلبية معينة وبعد تحقيق خاص يجريه النائب العام. وسوف نناقش هنا المواد الجديدة أو الأحكام المضافة بالنسبة لسلطات الدولة المختلفة والتى تكون معا ما يسمى بنظام الحكم فى الدولة. وتبدأ مواد السلطة التشريعية بالاختصاصات المعروفة لمجلس النواب، ثم تحديد عدد أعضائه بما لايقل عن 450 عضوا، وألا تقل سن العضو عند فتح باب الترشح عن 25 عاما، ويشترط أن يكون مصريا ولم يشترط أن يكون من أبوين مصريين، وأن يكون حاصلا على شهادة التعليم الأساسى على الأقل، مع إقرار حق رئيس الجمهورية فى تعيين ما لايزيد على نسبة 5% من عدد الأعضاء. ثم تتوالى المواد باختصاص محكمة النقض فى الفصل فى صحة العضوية، وعدم التعامل مع أموال الدولة بأى شكل طوال مدة العضوية وعدم جواز انتخاب رئيس المجلس أو وكيله لأكثر من فصلين تشريعيين أى لأكثر من 10 سنوات متتالية. ثم تنظم إجراءات سحب الثقة من الحكومة أو أحد وزرائها والذى يجب أن يتم عقب استجواب، مع عدم جواز حل المجلس إلا بعد استفتاء عام.. وعند الضرورة وبقرار مسبب. وينتقل المشروع بعد ذلك إلى السلطة التنفيذية، ويبدأ برئيس الجمهورية الذى حددت مدته بأربع سنوات فقط مع جواز إعادة انتخابه لمرة واحدة فقط، مع اشتراط أن يكون من أبوين مصريين وألا يكون قد حمل جنسية أية دولة أخرى هو ووالديه وزوجته، وألا تقل سنه عند الترشح عن 40 عامًا.. وبدون حد أقصى!. ولا يقبل ترشحه إلا إذا حصل على تزكية من عشرين عضوا على الأقل من أعضاء مجلس النواب أو أن يؤيده ما لايقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب فى خمس عشرة محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة. وهذا النص يفتح الباب لإمكانية بحث أيهما أولا الانتخابات الرئاسية أم البرلمانية.. فالدستور لا يمنع من ذلك.. المهم أن نتفق أولا على ما فيه مصلحة البلاد.. وأيهما الأفضل لنبدأ به، وخاصة أن الدستور أتاح أيضًا لرئيس الجمهورية أن يؤدى يمين القسم أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية فى حالة عدم وجود مجلس النواب. ولكن الجديد فى المشروع أنه لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يمنح نفسه أية أوسمة أو أى نياشين أو أنواط، وإذا تلقى بالذات أو بالواسطة هدية نقدية أو عينية، بسبب المنصب أو بمناسبته.. فإنه تؤول ملكيتها إلى الخزانة العامة للدولة!. كما اشترط المشرّع أنه فى حالة اختيار رئيس الجمهورية للحكومة رئيسها من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب فمن حق رئيس الجمهورية - بالتشاور مع رئيس الحكومة - اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل.. مع ملاحظة أن يكون وزير الدفاع من بين ضباط القوات المسلحة( المادة200). مع حق رئيس الجمهورية أيضًا (المادة 147) فى منع أعضاء الحكومة من أداء عملهم بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، وله أيضًا إجراء تعديل وزارى بالتشاور مع رئيس الوزراء، وبموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس. ونحن هنا نركز على المواد الجديدة فى الدستور.. أو أحكام جديدة أضيفت لمواد سابقة.. ومنها أيضًا ما ورد فى المادة 152 حيث إن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولكن لا يجوز له إعلان الحرب أو إرسال قوات مسلحة فى مهمة قتالية خارج حدود الدولة إلا بعد أخذ رأى مجلس الدفاع الوطنى، وموافقة ثلثى الأعضاء بمجلس النواب، وفى حالة غياب مجلس النواب، عليه أخذ رأى المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. وموافقة كل من مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطنى. كما أنه وبطلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب يجوز اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك أحكام الدستور، أو بالخيانة العظمى، أو بأية خيانة أخرى. وبشرط ألا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثى الأعضاء وبعد تحقيق يجريه النائب العام.. أو أحد مساعديه، وتكون محاكمته أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى وبعضوية نواب رؤساء النقض ومجلس الدولة وغيرهم. وفى حالة وجود ظرف مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته يحل محله رئيس مجلس الوزراء، وإذا خلى المنصب بالاستقالة أو الوفاة أو العجز الدائم عن العمل.. فيتولى المسئولية مؤقتا رئيس مجلس النواب. وفى كل الأحوال لا يجوز لرئيس الجمهورية المؤقت أن يترشح للمنصب ولا أن يطلب تعديل الدستور، ولا أن يحل مجلس النواب، ولا أن يقيل الحكومة.. وبمعنى آخر «تيسير الأعمال» والإشراف على إجراءات انتخاب الرئيس الجديد. كما أتاح المشرع سحب الثقة من رئيس الجمهورية بإجراءات معينة من مجلس النواب.. وبشرط عرض الأمر على الشعب للاستفتاء عليه وإذا جاءت النتيجة برفض سحب الثقة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. عُد مجلس النواب منحلا، ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس جديد. أما بالنسبة للحكومة.. فذات الأحكام التى وردت بالدساتير المصرية السابقة.. ولكن المشرّع نزل بالسن إلى 35 سنة عند تاريخ التكليف بالوزارة.. و30 سنة بالنسبة للوزير. والمهم عدم جواز الجمع بين عضوية الحكومة وعضوية مجلس النواب، وإذا عين أحد أعضاء المجلس فى الحكومة يخلو مكانه فى المجلس من تاريخ هذا التعيين. كما نص المشرّع على أن تشمل مناصب الإدارة العليا لكل وزارة على وكيل أول، وذلك لتحقيق الاستقرار المؤسسى ورفع مستوى الكفاءة فى تنفيذ السياسات. وبالنسبة للإدارة المحلية.. نص الدستور على كفالة الدولة دعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية.. مع ضرورة أن يتضمن القانون تحديد برنامج زمنى لنقل السلطات والموازنات إلى وحدات الإدارة المحلية. والمهم هنا أن المشرّع فتح الباب عند اختيار المحافظين (المادة 179) أن يتم ذلك بالتعيين أو الانتخاب، وكذلك رؤساء الوحدات الإدارية المحلية الأخرى.. فقد ترك ذلك للقانون لينظمه بالتفصيل. والجديد أيضا أنه نزل بسن أعضاء المجالس المحلية إلى 21 عاما فقط، على أن يخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون ال 35 عاما، وربع للمرأة، و50% للعمال والفلاحين وأن تتضمن تلك النسبة تمثيلا مناسبا للمسيحيين وذوى الإعاقة. وبالنسبة للسلطة القضائية.. فلا جديد فيها سوى أن مجلس القضاء الأعلى يختار النائب العام من بين نواب رئيس النقض أو الرؤساء بمحاكم الاستئناف أو النواب العامين المساعدين، ويصدر قرار تعيينه من رئيس الجمهورية ولمدة أربع سنوات فقط أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد. وكذلك الأمر بالنسبة للمحكمة الدستورية العليا، فهى التى تختار رئيسها من بين أقدم ثلاثة نواب لرئيس المحكمة، كما تختار نواب الرئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية. *** وإلى الأسبوع القادم لمناقشة الهيئات المستقلة للأجهزة الرقابية.