أوضحنا فى المقال الأول من هذه السلسلة الأسس الجديدة للقانون الجنائى الدستورى وأوضحنا مدى مساهمة مجلة أكتوبر الغراء معنا فى إعادة صياغة النظام الدستورى المصرى بعد أن أخذت لجنة وضع الدستور بوجهة نظرنا المنشورة فى التعديلات الدستورية المتعددة فى دستور 2013 والتى سبق أن اقترحناها فى مقالات متعددة تم نشرها فى أكتوبر. فقد أظهرنا عيوب دستور 2012 فى مقالات سابقة لنا منشورة فى مجلة أكتوبر بعد سريان دستور 2012 من 25/12/2012 وحتى 30/6/2013 وقد تضمنت تلك المقالات العيوب الجسيمة التى تضمنها الدستور المصرى المعلق لسنة 2012. ومن الموضوعات التى اقترحت تعديلها مواد السلطة القضائية ومواد الهيئات القضائية وسوف نتناول فى المقال الماثل ما أخذ به المشرع الدستورى من وجهة نظرنا المنشورة فى مجلة أكتوبر بتاريخ 23/6/2013 عن مقال لنا بعنوان «استقلال القضاء بين الواقع والمأمول المركز القانونى للهيئات القضائية» وكذلك مقالنا المنشور بتاريخ 30/6/2013 بعنوان « المركز القانونى للهيئات القضائية فى الدستور الجديد 1/4» وكذلك مقالنا المنشور بتاريخ 8/4/2012 بعنوان «هيئة قضايا الدولة ... المشكلة والحل العملى» وكذلك مقالنا المنشور بتاريخ 9/10/2012 « الحلول العملية المدروسة لمشكلتى النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة» وسوف نتناول الأسس الجديدة للسلطة القضائية والهيئات القضائية فى دستور 2013 وذلك فيما يلى : فقد تناول المشرع الدستورى السلطة القضائية فى الفصل الثالث من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم من مشروع دستور 2013 حيث تضمن الفرع الأول من ذلك الفصل الأحكام العامة التى تنظم عمل السلطة القضائية وقد وضع مشروع الدستور الجديد القواعد الجديدة التالية: أولاً: المركز القانونى للسلطة القضائية فى دستور 2013 حددت المواد من 184 إلى 187 الأحكام العامة التى تنظم أعمال السلطة القضائية حيث تضمنت ما يأتى: 1- التأكيد على استقلال السلطة القضائية وقيام المحاكم عليها: أوضحت المادة (184) أن السلطة القضائية مستقلة، تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقاً للقانون، ويبين القانون صلاحياتها، والتدخل فى شئون العدالة أو القضايا، جريمة لا تسقط بالتقادم. 2- استقلال كل جهة أو هيئة قضائية بشئونها القضائية الخاصة بها : تضمنت المادة (185) ضرورة أن تقوم كل جهة، أو هيئة قضائية على شئونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة، يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها، وتدرج بعد إقرارها فى الموازنة العامة للدولة رقماً واحداً، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونها. 3- التأكيد القاطع على استقلال القضاة وعدم قابليتهم للعزل: أكدت المادة (186) أن القضاة مستقلون غير قابلين للعزل، لا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات، ويحدد القانون شروط وإجراءات تعيينهم، وإعاراتهم، وتقاعدهم، وينظم مساءلتهم تأديبياً، ولا يجوز ندبهم كليا أو جزئيا إلا للجهات وفى الأعمال التى يحددها القانون، وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء والقضاة وحيدتهم، ويحول دون تعارض المصالح. ويبين القانون الحقوق والواجبات والضمانات المقررة لهم. 4- ضرورة علنية الجلسات وعلنية النطق بالأحكام: تضمنت المادة (187) ضرورة أن تكون جلسات المحاكم علنية، إلا إذا قررت المحكمة سريتها مراعاة للنظام العام، أو الآداب، وفى جميع الأحوال يكون النطق بالحكم فى جلسة علنية. ثانياً : تعزيز المركز القانونى للقضاء والنيابة العامة فى دستور 2013 حددت المادتان 188 و 189 من الفرع الثانى من الفصل الثالث المتعلق بالقضاء والنيابة العامة حيث أوضحتا المركز القانونى للقضاء والنيابة العامة وذلك فيما يلى: 1- اختصاص القضاء بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم: حددت المادة (188) اختصاص القضاء بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم، عدا ما تختص به جهة قضائية أخرى، ويفصل دون غيره فى المنازعات المتعلقة بشئون أعضائه، ويدير شئونه مجلس أعلى ينظم القانون تشكيله واختصاصاته. 2- اختصاص النيابة العامة واعتبارها جزءًا لا يتجزأ من القضاء العادى وعدم تبعيتها للسلطة التنفيذية: تضمنت المادة (189) بيان اختصاص النيابة العامة جزء لا يتجزأ من القضاء، تتولى التحقيق، وتحريك، ومباشرة الدعوى الجنائية عدا ما يستثنيه القانون، ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى. ويتولى النيابة العامة نائب عام يختاره مجلس القضاء الأعلى، من بين نواب رئيس محكمة النقض، أو الرؤساء بمحاكم الاستئناف، أو النواب العامين المساعدين، ويصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات، أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد، أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله. ثالثاً: الوضع القانونى لقضاء مجلس الدولة فى دستور 2013 حددت المادة 190 من الفرع الثالث من الفصل الثالث المتعلق بتنظيم قضاء مجلس الدولة حيث أوضحت المركز القانونى لقضاء مجلس الدولة وذلك فيما يلى: استقلال مجلس الدولة وتحديد اختصاصاته: أوضحت المادة (190) أن مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل فى الدعاوى والطعون التأديبية، ويتولى وحده الإفتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون، ومراجعة، وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة مشروعات العقود التى تكون الدولة، أو إحدى الهيئات العامة طرفاً فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى. ومع ذلك فقد خلا دستور 2013 من أمور أخرى طالبنا بها فى مجلة أكتوبر من قبل ومنها ضرورة النص على مجلس القضاء الأعلى واختصاصاته كما هو الحال فى الدستور الفرنسى والدستور الإيطالى كما طالبنا بالنص على الشرطة القضائية اللازمة لحراسة المحاكم وتنفيذ الأحكام القضائية كما طالبنا بأن يتضمن الدستور النص على ألا يقل معاش القاضى عن مرتبه قبل إحالته إلى المعاش وألا تقل سن الإحالة إلى المعاش عن سبعين عاماً كما هو الحال فى غالبية دول العالم وهى أمور نقترح أن تكون موضوع تعديلات مقبلة لدستور 2013 إن شاء الله تعالى. وسوف نتناول فى مقالات لاحقة باقى مساهمات مجلة أكتوبر فى صياغة الدستور الجديد والأسس الجديدة للمحكمة الدستورية العليا والهيئات القضائية الأخرى فى الدستور الجديد.