انتهت المهلة تلو الأخرى، ولا تبدو فى الأفق بادرة حل للخلاف القائم فى تونس بين حركة النهضة والمعارضة حول اسم رئيس الوزراء الجديد، ويتبادل الطرفان المسئولية حول جمود الموقف فى هذه المفاوضات، حيث لم يتم التوصل إلى الحسم فى الاختيار بين شخصيتين هما أحمد المستيرى المدعوم من النهضة، ومحمد الناصر المدعوم من المعارضة.. وذلك حتى كتابة هذه السطور. وبعد أسبوع من المشاورات والمفاوضات فى لجنة المسار الحكومى المكلفة باختيار رئيس للحكومة، لم تنجح اللجنة فى اختيار مرشح يحظى بثقة الفرقاء السياسيين فى الحكم والمعارضة وينهى الأزمة السياسية التى تعيشها تونس منذ اغتيال النائب محمد البراهمى فى يوليو الماضى. وتتمسّك حركة النهضة التى تقود الائتلاف الحاكم بالوزير السابق فى عهد الحبيب بورقيبة أحمد المستيرى(87 سنة) بينما تصر المعارضة على أن يكون رئيس الوزراء القادم هو محمد الناصر (79سنة) والذى تولى مناصب وزارية عدة فى عهد بورقيبة وبعدها. ويرجع رفض المعارضة للمستيرى أن تقدمه فى السن لايمكنه من القيام بأعباء المنصب، وتخشى أن يجرى التحكم فيه بطريقة غير مباشرة من النهضة. وقال حمه الهمامى المتحدث باسم الجبهة الشعبية المعارضة «إن حزب النهضة يريد مغادرة الحكم من الباب والعودة من النافذة». فى المقابل قال زياد العذارى المتحدث باسم النهضة «نعتبر المستيرى رجل المرحلة وهو على مسافة واحدة من كل الأطراف». ويؤكد الهمامى أنه فى حال فشل الحوار الوطنى فإن «النهضة والائتلاف الحكومى يتحملان المسئولية» ملمحاً إلى إمكان لجوء المعارضة إلى الشارع لممارسة الضغط على النهضة وحلفائها. ومع تمسك كل طرف بمرشحه اتجهت بعض المقترحات إلى إمكانية صعود أحد المرشحين لمنصب رئيس الوزراء بينما يتم تنصيب الثانى نائباً له. وفى سياق متصل اعتبر رئيس المكتب السياسى لحركة النهضة عامر العريض أن اللجوء إلى شخصية أخرى غير المستيرى والناصر هو الحل الوحيد لتجاوز الأزمة. وقد تتجه الأمور نحو إعادة طرح الأسماء المرشحة منذ بداية الحوار الوطنى ومن بينها وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدى، ومحافظ البنك المركزى السابق كمال النابلى، ووزير المال السابق جلول عياد، إضافة إلى شخصيات أخرى لم تطرح من قبل على طاولة المفاوضات. أيضاً أشار القيادى فى جبهة الإنقاذ حمه الهمامى إلى إمكان اللجوء إلى شخصية ثالثة (غير المستيرى والناصر) فى ظل التعطيل وتباعد وجهات النظر، مشدداً على أهمية التوصل إلى اتفاق نهائى وإلا ستعلن الأطراف السياسية عن فشل الحوار الوطنى. الحوار الوطنى انطلق الحوار الوطنى التونسى فى أواخر أكتوبر الماضى بهدف إخراج تونس من أزمة سياسية منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمى فى عملية نسبت إلى التيار السلفى المتطرف. ووافق على لعريض رئيس الحكومة على الإستقالة وإفساح المجال أمام حكومة كفاءات، بشرط احترام مجمل الجدول الزمنى للحوار الوطنى. وينص الحوار على سن قانون انتخابى وجدول للانتخابات وإطلاق عملية صياغة الدستور الجديد. لكن تعطلت عدة ملفات فلم يتم التوافق على شخصية رئيس الوزراء، ولم يبدأ العمل على إعداد قانون الانتخابات الذى كان من المفترض المصادقة عليه يوم السبت التاسع من نوفمبر، ولن تستقيل حكومة لعريض قبل منتصف نوفمبر، ومازالت مشاكل التأخير والتأجيل تتراكم وتهدد الحوار الوطنى بأكمله بالفشل، فالمخاطر التى تهدد الحوار الوطنى التونسى ستبقى قائمة حتى فى حالة حدوث توافق بشأن شخصية رئيس الحكومة، وذلك عند بداية المشاورات حول التشكيل الحكومى، فضلاً عن نقاط شائكة أخرى تضمنتها خارطة الطريق تتعلق بالمسار التأسيسى، وبخاصة التوافقات حول الدستور. تمديد الطوارئ وعلى المستوى الأمنى أصدر الرئيس المؤقت منصف المرزوقى قراراً يقضى بتمديد حالة الطوارئ إلى نهاية يونيو المقبل، وهو أطول تمديد تقره الرئاسة منذ إعلان الطوارئ فى تونس، وينتظر أن يشمل موعد الانتخابات القادمة المتوقع إجراؤها الربيع المقبل. كما أقرت الحكومة فى مشروع الميزانية الجديد زيادة فى ميزانية وزارتى الدفاع والداخلية بهدف تأمين السيولة المالية اللازمة لشراء المعدات والتجهيزات لدعم مكافحة الإرهاب.