أدى الغضب الشعبى المتزايد، واستعداد اليونان لتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبى، إلى إجبار الحكومة اليونانية على التحرك ضد حزب الفجر الذهبى النازى الجديد المتهم بممارسة التطرف، والذى طالما اتهمت حكومة اليونان بالتساهل حيال ما يفعله فى البلاد خاصة بعد قتل مغنى راب معادى للنازية اعترف أحد أعضاء الحزب بقتله. ووجهت السلطات اليونانية ضربة قاسية للحزب النازى الجديد، حيث قامت الشرطة بمداهمة مقرات حزب الفجر الذهبى واعتقلت زعيمه نيكولاوس ميخالولياكوس والعديد من نوابه بتهمة الانتماء لتنظيم إجرامى، فيما فتح القضاء تحقيقا جنائيا ضد المعتقلين بتهمة تشكيل تنظيم إجرامى، فى الوقت الذى اجتاحت فيه العاصمة اليونانية مظاهرات عارمة منددة بحزب الفجر الذهبى. الحزب الذى عرف بمناهضته للأجانب، تأسس فى ثمانينيات القرن الماضى على يد زعيمه المعتقل حاليا نيكولاس ميخالولياكوس، ويقوم الحزب على هيكلية صارمة يملك فيها الزعيم سلطة مطلقة وفقا للمبدأ الذى أرساه زعيم النازيين السابق ادولف هتلر، واستطاع هذا الحزب كسب ثقة بعض اليونانيين فتمكن ثمانية عشر عضوا من الحزب من الدخول الى البرلمان فى 2012، وقد ارتفعت شعبية الحزب اليمينى المتطرف فى غضون ثلاث سنوات من 0,29 % إلى سبعة بالمائة إلى أن تجاوز 10% حتى أصبح القوة السياسية الثالثة فى البلاد. وفى 2012 شكل صعوده مفاجأة فى الانتخابات التشريعية اليونانية بحصوله على 33 مقعدا فى البرلمان، وهو ما أثار تخوف كثير من الأحزاب الأخرى فى اليونان من الحرب المعلنة من جانب الحزب الذى يتبنى أفكار النازيين، ووقتها اعتبر عدد من الساسة فى أوروبا أن المشهد يهدد استقرار الأوضاع فى اليونان التى لا تحتمل أزمة تضاف لأزماتها. وبدأ حزب الفجر الذهبى هجماته الإرهابية منذ عام 1987 وفى البداية كانت الهجمات موجهة ضد الأجانب ثم تحولت ضد اليونانيين أنفسهم، وكشفت شهادات لأعضاء سابقين فى الحزب عن أعمال إجرامية كثيرة ارتكبها الحزب، ويتلقى أعضاء الحزب تدريبا عسكريا للقيام بالعديد من عمليات القتل والاعتداء والتى كان أخطرها تجنيد القصر لتشكيل تنظيمات شبابية. ويقول خبراء إن النازيين الجدد خرجوا من الظل مستغلين تخبط اليونان فى أزمتها الاقتصادية، كما وصفوا أعضاءها بمثيرى الشغب، وحتى بعد أن دخلوا البرلمان لم يتردد نواب الحزب فى التصرف كمثيرى شغب من خلال وصفهم المهين لأعضاء حزب اليسار بقطيع الماعز وهو ما اضطر رئيس الجمعية الوطنية إلى طرد النائب عن حزب الفجر الذهبى من البرلمان عندما هتف بعبارة يعيش هتلر. وقد اتهم الحزب فى الأشهر الأخيرة بتنفيذ هجمات على المهاجرين والمعارضين السياسيين بما فى ذلك الهجوم على أعضاء فى الحزب الشيوعى اليونانى الشهر الماضى مما أدى إلى جرح تسعة أشخاص نقلوا إلى المستشفى. ويشير خبراء إلى أنه فى جميع أنحاء أوروبا يوجد متحالفون مع حزب الفجر الذهبى الذى انصهر عام 2004 مع أحزاب ومنظمات أوروبية يمينية متطرفة حاولت توحيد جهودها على صعيد دولى وهو ما اتضح من خلال المحاكمات التى تجريها ألمانيا حاليا والتى كشفت عن وجود شبكة دولية كبيرة يعتمد المتطرفون اليمينيون عليها فى تحركاتهم. وفى هذا السياق، يقول الخبير فى شئون التطرف اليمينى هايو فونكة إنه منذ منتصف التسعينيات بدأ النازيون الجدد فى إقامة الاتصالات بينهم عبر الانترنت، ويقول الكاتب اندرياس شبايت إن هناك تعاونا دوليا بين النازيين الجدد على مختلف الأصعدة حيث يحاول النازيون المتطرفون توسيع نفوذهم بصورة شرعية عن طريق اشتراك أغلب هذه الحركات فى أحزاب وهذه الأحزاب تسعى حاليا إلى المشاركة فى الانتخابات القادمة للبرلمان الأوروبى. كما لاحظ خبراء ازدياد حجم التعاون بين النازيين الجدد على المستوى الدولى، وأدى هذا التعاون إلى مشاركة البعض منهم فى ارتكاب جرائم عنصرية خارج أوطانهم.