الثانوية العامة أصبحت لعبة كل وزير يتولى وزارة التربية والتعليم فلم يكد يمر 40 يوما على تولى د.محمود أبو النصر الوزارة إلا وأعلن عن نظام جديد للثانوية العامة - كالعادة - وذلك حفاظا على تقاليدنا الراسخة التى تقوم على «لخبطة» نظام التعليم بحجة التطوير.. وحتى الآن والكلام جميل ولكن ما هو غير جميل ما فاجأنا به معاليه بإلغاء مواد المستوى الرفيع فى الصف الثالث الثانوى العام لاول مرة بعد أكثر من 25 عاما.. (يانهار أسود).. ودون أن يحدد لنا الأسباب أو الأهداف وراء هذا القرار العجيب والغريب والذى جاء - كالعادة - فجأة وبدون دراسة أو نقاش استنادا لمبدأ الوزارة «اللى مشى عجبه يخبط دماغه فى الحائط» وكأن معاليه اكتشف أن العيب فى العملية التعليمية يكمن فى مواد المستوى الرفيع. وقد يكون هدف معاليه بهذا القرار هو التخفيف على الطلاب فى المناهج ولكن هذا ليس مبررا لإلغاء هذه المواد المهمة.. فالمفروض إذا أراد الوزير أن يلغى شيئا أو يستحدث شيئا فى العملية فإنه لابد وأن يخضع للدراسة المتانية من خبراء التربية وخاصة أن لدينا فى مصر 52 كلية للتربية فضلا عن مراكز البحوث التربوية.. فلماذا لا يستفيد بآرائها؟ فالعملية التعليمية فى مصر تتسم بالألغاز التى تحتاج إلى من يفك طلامسها وكان المفروض أن توضح لنا الوزارة ماذا تهدف من هذا القرار ومافائدته خاصة وأن مواد المستوى الرفيع كان يستغلها الطالب المتميز فى تحسين مجموعه كما كانت تميز الطالب المجتهد عن الذى يحفظ الكتاب وتساعد على اكتساب وتدعيم ورعاية الطلاب الموهوبين فى اللغة العربية والجغرافيا والعلوم. ياسادة.. هذا القرار يعد قتل للابداع والمتميز ويجعل الطلاب جميعهم فى مستوى واحد (متوسط ودون المتوسط) ويمنع إرساء المنافسة الحقيقية بين الطلاب فى الابداع.. فبدلا من التوسع فى مواد المستوى الرفيع لتشمل كل المواد يلغون المواد الأربعة الاساسية.. (يا نهار أسود). وكان الأجدى بدلا من إلغاء مواد المستوى الرفيع للتخفيف على الطلاب أن يتم إزالة الحشو من المناهج. هذه العشوائية والفجائية فى القرارات التى اعتادت عليها وزارة التربية والتعليم دون مراعاة للعواقب تعد سببا فى هذا «العك» الذى نشهده فى العملية التعليمية. وعموما.. هذا حال العملية التعليمية فى مصر فأننا نلف حول أنفسنا فمرة يأتى وزير يلغى السنة السادسة الابتدائى ويأتى آخر ويعيدها مرة أخرى ثم يأتى آخر ويلغى امتحان الشهادة الابتدائية.. (أى والله).. ويأتى آخر ويعيدها مرة أخرى ثم يأتى وزير آخر ويرى العيب فى العملية التعليمية فى الثانوية العامة فيجعلها من سنتين ثم بنظام التحسين ويأتى آخر ويعيد الثانوية للسنة الواحدة.. (يا نهار أسود). فلا يمكن أن كل وزير يتولى هذه الوزارة تكون لعبته الثانوية العامة وسنة سادسة ابتدائى.. فهذا ليس هو التطوير وإنما هو التدمير.. ولنا الله.