لأننا لا نسير وفق خطط وسياسات ثابتة ومدروسة وذات أهداف وإنما خططنا - دائمًا - ما تكون مرتجلة غير واضحة الأهداف ولا الأبعاد ويغلب عليها الأهواء.. فإننا دائمًا ما نفاجأ بتغير السياسات بتغيير الوزراء.. وخير مثال لذلك ما يحدث فى وزارة التربية والتعليم حيث تم إلغاء إمتحان الشهادة الابتدائية وما أن تغير الوزير حتى ثم إعادة الشهادة مرة أخرى.. وألغى القرار السابق.. ولا نعرف حتى الآن ما هو مصير الثانوية العامة وهل ستسير وفق النظام القديم أم الجديد.. والعام الدراسى الجديد على الأبواب. هكذا حال العملية التعليمية عندنا فى مصر.. وهذا ما ألفناه واعتدنا عليه فى ال 30 سنة الماضية.. (أى والله).. فأننا نلف حول أنفسنا فمرة يأتى وزير ويكون "مزاجه عالى" فيلغى السنة السادسة الابتدائى ثم يأتى آخر - ويحمر عيناه - فيعيدها مرة أخرى بحجة تصحيح خطأ الوزير الآخر.. ولعلكم تتذكرون ما سببته هذه القرارات من مشاكل تعليمية - لا أول لها ولا آخر - ومنها ظهور الدفعة المزدوجة التى مازالت تعانى منها الجامعات حتى الآن وكذلك حدوث السنة الفراغ فى السلم التعليمى.. ثم يأتى وزير آخر فيرى أن العيب فى العملية التعليمية فى الثانوية العامة فيجعلها من سنتين ثم من سنتين بنظام التحسين ثم يأتى وزير آخر ويعيد الثانوية العامة إلى السنة الواحدة.. (يانهار اسود).. والعرض مستمر لعدم وجود السياسات والخطط التى تلزم الوزير بتنفيذها والسير على خطاها مهما حدث بدلًا من السير حسب الأهواء والمزاج وتنفيذ ما يخطر على بال سيادته. فالأمر يتطلب منا ضرورة التعجل فى إنشاء المجلس الوطنى للتعليم والذى بُح صوتنا فى المطالبة بإنشائه - بأسرع وقت - لوضع حد لهذا التخبط فى السياسات التعليمية وغيرها وهذه العشوائية فى القرارات التى تؤخذ فى الغرف المغلقة ونفاجأ بصدورها دون مراعاه للعواقب! هذا المجلس الذى يضم فى طياته مجموعة من الخبراء فى العملية التعليمية يختص برسم ووضع السياسات التعليمية فى مصر ويحدد الأهداف ويتابع التجارب التعليمية الناجحة فى الدول المتقدمة.. ويلزم أى وزير يتولى وزارة التعليم بتنفيذها والسير على خطاها تجنبًا لهذا "العك" الذى تشهده العملية التعليمية.. وإذا أراد الوزير اتخاذ أى قرار تعليمى فإنه يعرض على هذا المجلس لدراستة قبل اتخاذه. إننى أناشد د. محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم بتبنى إنشاء هذا المجلس.. وسوف يحسب له هذا القرار كما أطالب كل وزارة بأن تكون لها استراتيجية وسياسات وأهداف واضحة للعمل على تحقيقها بحيث يأتى الوزير الجديد ليستكمل هذه السياسات وما قام به من سبقه ولا يهدمه ويبدأ من جديد.