لم يقتنع العالم بعد بالموقف المصرى تجاه الإرهاب، وهذا الأمر ليس بغريب، فجميع الدول والحكومات ترقب المشهد فى حذر وتخوف من موجات جديدة للإرهاب، وكانت هناك قناعة زائفة بأن الشرق الأوسط يجب أن يتحمل وحده تبعات عدم الاستقرار والمعاناة من الإرهاب الذى نشأ وترعرع به. أرى أن السبب الرئيسى وراء الموقف الغربى والذى قد يمتد تأثيره ليشمل دولا أخرى أنهم يعتقدون أن تلك الجماعات ستبدأ مرحلة جديدة من العمل تحت الأرض والذى سيتبع بالضرورة بموجات جديدة من الإرهاب أشد ضراوة وأكثر قسوة من سابقاتها وستطال يدها الجميع. بالإضافة لما سبق، فإنهم يعتقدون – كما أكدوا لنا مرات عديدة خلال حكم الرئيس المعزول – أن من أتى بالصندوق لا يرحل إلا بالصندوق ولا يمكن اسقاطه بطرق أخرى! نعم! نحن فى خضم معركتين فى منتهى القسوة والضراوة، معركة داخلية ضد إرهاب عنيد يقاتل بكل ما أوتى من قوة للحفاظ على حق البقاء ومعركة أخرى خارجية ضد موقف متزمت لا يلين يسعى لمصلحته الخاصة وحماية امنه وبراءة ذمته أمام تلك الجماعات. ماذا نفعل وقد كتبت علينا هاتان المعركتان؟ فى اعتقادى إنه لا مجال للتفكير فى أى حل إلا الصمود والتحمل أمام الإرهاب المجرم من جهة وأمام مواقف الدول المتعنتة من جهة أخرى. وأقولها بصدق، فمن يرد أن يصطف مع الشعب المصرى فى معركته الشرسة ضد الإرهاب فمرحبا به وسوف يأتي اليوم الذى يجني فيه معنا ثمار التخلص من هذا الوحش المخيف، أما من يدعمه ويقف أمام طريق حريتنا وتطهير بلادنا من بؤر الفساد فقد كشف عن نواياه ولم يعد اسمه فى عداد الأصدقاء بعد الآن. لو استطعنا الصمود فستصل الأوضاع إن شاء الله إلى المرحلة التى ينصاع فيها المجتمع الدولى لإرادة المصريين التى لم ولن تنكسر ولا تلين أمام أى من أنواع الضغوط أو الحروب، يجب أن ندعم شبكة الأمان العربية والتى هى مصر صمامها الأساسى وضوؤها الذى ينير الطريق أمام باقى الدول العربية. وفى هذا المقام انظر بإعجاب وتقدير إلى الدور البارز الحيوى لوزارة الخارجية واتمنى لكل العاملين بها التوفيق والنجاح وأن يسدد الله خطاهم ويكللها بالنجاح فى تلك المعركة الدبلوماسية الشرسة، وقد اجدها فرصة لأطرح على السيد وزير الداخلية فكرة ضرورة تفعيل ما يعرف بالدبلوماسية العامة، والتى ظهرت الحاجة الماسة لها فى هذا الظرف التاريخى الحساس الذى تمر به مصر تلك الأيام. الدبلوماسية العامة هى إطار متطور للعمل الدبلوماسى التقليدى، ويعتمد بالأساس على الاتصال المباشر بالشعوب الأخرى ومد جسور الاتصال بالرأى العام فى الدول المختلفة، وهى عنصر بالغ الأهمية فى المعركة التى نخوضها، ويجب أن تقوم الخارجية المصرية بتدريب دبلوماسييها على هذه المهارات والتى نحتاجها بشدة هذه الأيام. وأذهب إلى أبعد من ذلك فدولة صديقة مثل الهند تمارس دبلوماسية عامة داخلية بمعنى انها توفد السفراء المخضرمين لديها إلى المدن والولايات الهندية المختلفة لكى تنير وتشحذ وتوعى الرأى العام الداخلى بأبعاد سياستها الخارجية لتشرك الشعب فى تلك السياسات وتضعه معها أمام مسئولياته والتحديات المتوقعة فى المراحل المقبلة. إننا على أعتاب مرحلة جديدة غير تقليدية على الإطلاق فى حياة الشعوب عامة ومصر خاصة، نحتاج فيها إلى الأفكار الخلاقة غير التقليدية تتناسب مع تلك المرحلة. وعلى الجانب الآخر فإن ما يحدث لا يجب أن يعرقلنا أو يعوقنا عن تنفيذ برامج التنمية التى قامت من أجلها الثورة، فإن كل ما جرى خلال العامين الأخيرين كان نتيجة طبيعية لعدم شعور غالبية الشعب المصرى بالأمل فى مستقبل أفضل. التنمية الاقتصادية أولا... هى الركن الأساسي للأمن القومى المصرى ولا يمكن تجاهل أننا أهدرنا الكثير من الوقت وعلينا تدارك ذلك.. يتبعها التنمية على باقى الأصعدة والمجالات. ولكى يمكن أن نبدأ فى حديث المصالحة الوطنية يجب أن تتوافر أركان المصالحة المعروفة، والتى تتلخص فى الرغبة الحقيقية فى التعايش السلمى وبالتالى توفيق رؤية تلك الجماعة الداخلية وتعديل أهدافها لتتسق مع متطلبات المجتمع المصرى وشعبه اللذين يقفان سويا على الجانب الآخر... هذا الجانب الآخر رافض تماما لأفكار تلك الجماعة ومبادئها القائمة على العنف واستخدام القوة أو الدين فى فرض السيطرة وتغيير المسارات. ولا يجب أن ننسى ضرورة تغيير كافة القيادات بتلك الجماعة والتى قضت تماما ونهائيا على المتبقى من رصيد تلك الجماعة لدى المصريين. رسالة أخيرة أوجهها للدول الغربية، صبرتم ومازلتم تصبرون كثيرا على الرئيس السورى وجيشه، الآن تقفون هذا الموقف الشاذ من الشعب المصرى العظيم وجيشه خير أجناد الأرض عندما تطلعوا وطالبوا بالديمقراطية الحقيقية وسعوا فى تحقيقها، وأصمت الوفود الأجنبية التى زارت مصر خلال حكم مرسى أذنيها عن تصميمنا للتغيير ورفضنا للفاشية التى مارستها تلك الجماعة والتى استخدمها هذا النظام. حتى جاء يوم 30 يونيو ولقن جميع المتربصين درسا قاسيا وأثبت أن الشعب المصرى هو صاحب السيادة واليد العليا وهو الذى يملى إرادته على الجميع.