«حنان» هو اسمها.. والحنان هو فعلها.. تفيض مشاعرها حنانًا تغدق به على كل من حولها من أهلها وأسرتها وجيرانها.. لا تبخل بمشاعرها الودودة الفياضة على أى إنسان.. وبالرغم مما عانته وتعانيه إلا أنها تحاول أن تخفى آلامها وأحزانها عن الجميع.. تجلس وحيدة بعيدة عن الجميع حتى لا يشعروا بأحزانها وآلامها.. تمر حياتها منذ بدأت أمامها كشريط سينمائى.. تجد مشاهد فرح قليلة وقصيرة.. ومشاهد حزن وألم كثيرة طويلة بطول السنين التى عاشتها.. كانت أول الأمر تظن أن هذه المشاهد سوف يكون لها نهاية.. وتستريح بعدها من التعب والعذاب.. ولكنها كانت أحلاما.. طارت فى الهواء.. أحلام تبخرت.. أصبح كل ما تراه كابوسا يكاد يفتك بها.. كانت صبية صغيرة رقيقة تنظر إلى الحياة بمنظار وردى.. التفاؤل يشع من عينيها.. الضحكة الجميلة لا تفارق شفتيها.. كانت زميلاتها بالمدرسة يحببن الجلوس معها والتقرب منها.. كانت كالزهرة تنتظر الندى لتتفتح، ولكن كل هذا كان حلمًا جميلًا استيقظت منه سريعا.. أصفر لونها وتساقطت أوراقها قبل الأوان.. كانت وماتزال طالبة بالمدرسة عندما أصابتها آلام غريبة كانت تعاودها من آن لآخر.. كان الألم فى صدرها، ولكنها كانت تجرى وتلعب دون أن تلقى به بالا.. الأم تنظر إليها وتنتظر خراط البنات ليمر على بكريتها.. وما هى إلا شهور وظهرت أنوثتها بمعنى الكلمة وكانت فرحة الأم لا توصف.. وبدأ العرسان فى التوافد على الأب طلبا للابنة.. ولكنها كانت تطلب منه الانتظار حتى تستكمل دراستها ووافق فهو متأكد من أنها فى حاجة للحصول على شهادة الدبلوم ليكون سلاحها وسندها الذى تستند عليه فى الأيام الصعبة.. ومن حين لآخر كانت تشكو من الآلام ولكن قريتها لا يوجد بها سوى طبيب الوحدة الصحية.. اصطحبتها أمها لزيارته، ولكن كان العلاج بعض المسكنات لتسكين الآلام واستمرت الحياة.. ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. وكان يوما من أيام الصيف الحار، خاصة بالمحافظة التى تعيش بها الأسرة فهى من إحدى محافظات الصعيد.. الابنة لم تنم طوال الليل من شدة الآلام يدها على صدرها فى محاولة منها لتخفيف الألم ولأول مرة تشعر بأن هناك ورمًا صغيرًا تحت يدها.. تطلب من أمها أن تكشف صدرها وترى ماهية هذا الورم.. الأم المسكينة لم تفهم ولكن مع ارتفاع درجة الحرارة ونوبات القىء التى أصابتها أصر الأب على اصطحابها إلى المستشفى العام لعرضها على الأطباء الذين أكدوا احتياج الابنة لطبيب متخصص حتى يكون تشخيص الحالة سريعا وأكيدا.. أسقط فى يده فهو لا يملك أجر الطبيب.. ولكن ماذا يفعل؟ مد يده ليستدين وبالفعل اصطحبها إلى الطبيب الذى طلب إجراء بعض التحاليل وقد كان.. وأصبحت الصورة واضحة أمام الطبيب.. فهى مصابة بسرطان بالثدى والغدد الليمفاوية وتحتاج إلى علاج سريع وحاسم، وقام الطبيب بتحويلها إلى المعهد القومى للأورام وبدأت رحلة علاج طويلة.. كانت البداية مع العلاج الكيماوى والإشعاعى ظلت شهورا تخضع له وبعدها أكد الأطباء حاجتها إلى جراحة لاستئصال الثدى.. كانت لطمة قاسية على وجه الأم وابنتها.. فهى ما تزال صغيرة لم تدخل دنيا.. وكانت هذه هى نهاية الحياة بالنسبة لها فأين تجد العريس الذى يرضى بالارتباط بها بعد إجراء هذه الجراحة؟ وهكذا تبخرت آمالها وأحلامها التى طالما حلمت بها.. سلمت أمرها إلى الله ودخلت غرفة العمليات لتخرج منها مكسورة النفس والجناح.. ولكنها حمدت ربها على ما هى فيه وظلت شهورا أخرى تتردد على معهد الأورام لتواصل جلسات العلاج الكيماوى والإشعاعى.. وأثناء هذه الرحلة شعرت بآلام فى ذراعها قام الأطباء بإجراء أشعة وتحاليل لتبين أنها بحاجة سريعة لدخول حجرة العمليات مرة أخرى لاستئصال بعض الغدد الليمفاوية ولم تكن هذه المرة الثانية والأخيرة.. فقد دخلتها مرة ثالثة وفى كل مرة تتزايد آلامها النفسية والجسدية، خاصة أنها كبرى أخواتها وكانت تظن أن حياتها ستختلف تماما عما هى عليه، خاصة أن أباها رجل مسن معاشه لا يتعدى 340 جنيها حملها ثقيل على كاهل الأب الذى يعول أسرة من خمسة أفراد لا يعملن وهى تحتاج إلى القيام برحلة من محافظتها بالصعيد إلى القاهرة لتلقى العلاج، فهل تجد من يساعدها؟ من يرد فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.