حرصت كل الحرص منذ حصولها على دبلوم التجارة أن تجد عملا، فهو الضمان والأمان لها من غدر الزمان، كما كانت تقول لها أمها.. كانت دائمًا تنظر لنساء كثيرات حولها وترى الذل على ملامحهن.. تنحنى رؤوسهن بسبب الفقر وقلة الحيلة.. نعم كانت وظيفة صغيرة بمرتب صغير، ولكنها كانت الضمان لها.. ولأن كيسها به نقود.. حاول أكثر من شاب من شباب شارعها أن يخطب ودها.. واختارت أحدهم.. لم يخطر ببالها عندما وافقت على الارتباط به أن هذا الارتباط سيكون بداية النهاية لها.. أقبلت على الحياة وهى تحلم بالسعادة، ولكنها كانت سعادة وهمية وبالرغم من هذا كانت توهم نفسها بغير ذلك.. كان الزوج يوجه لها الإهانة دائمًا ومع هذا كانت تخفى آلامها داخل صدرها ولا تتكلم أو تحكى لأى إنسان.. رزقها الله بأول أولادها وكان ولدًا.. ظنت أنه سيكون المنقذ لها من يد ولسان الزوج، ولكنها لم تسلم منهما.. ظلت على هذا الحال سنوات وسنوات أنجبت خلالها أولادها الثلاثة، كانت تظن أنهم الرباط الذى سيربط الزوج بها.. ولكنها كانت واهمة فقد سافر إلى العراق مرة وليبيا مرات وفى كل مرة كانت حجته عدم وجود عمل فى مصر وأنه يجب أن ينفق على أطفاله.. ومع ذلك لم يكن يكلف نفسه جنيها واحدا من مصاريف الأولاد التى تحملتها كلها من مرتبها الصغير والذى طالما مدت يدها لتستدين مقابل أن ترد هذه المبالغ أول كل شهر.. لم يتحمل الزوج أية مسئولية ومن كثرة الضغوط عليها وعلى أعصابها شعرت بالمرض فأصيبت بارتفاع بضغط الدم واضطرت إلى متابعة مرضها مع الطبيب.. لم تمض شهور إلا وبدأت تشعر بآلام شديدة فى جسدها وكان صدرها أكثر ألما.. وفى أحد الأيام شعرت بأن هناك ورما صغيرا فى صدرها بدأ يؤلمها، ثم تحول من ورم صغير إلى كبير.. ذهبت للطبيب الذى أكد لها احتياجها إلى العرض على أخصائى أورام والذى طلب سرعة إجراء تحاليل وأشعة وكان ما كان فهى مصابة بورم خبيث بالثدى الأيسر وفى حاجة إلى استئصال سريع وقام بتحويلها إلى المعهد القومى للأورام.. استقلت القطار القادم من محافظتها بوسط الدلتا إلى القاهرة لتدخل معهد الأورام وتظل به أسابيع بعد الاستئصال، وذلك لتخضع للعلاج الكيماوى والإشعاعى.. ثم عادت إلى بلدتها.. كل هذا والزوج بعيد.. فبعد أن عرف بمرض الزوجة بدأ حياة جديدة وتزوج بأخرى وأنجب أولادا.. لم يفكر فى يوم من الأيام بالسؤال عليها وعلى أولاده الذين يحتاجون إلى رعاية، خاصة أن هناك ابنتين فى حاجة إلى رعاية ورجل يحميهما لم يفكر من أين للزوجة بمصاريف العلاج والانتقال من بلدتها إلى القاهرة والعكس؟ كانت الزوجة المسكينة ترى كل هذا وتتحسر على نفسها وعلى بناتها اللاتى كبرن وبدأ الخُطاب يتوافدون عليها لخطبتهن.. ولكن من أين لها بكل هذه المصاريف وهى لا تملك إلا مرتبها الضئيل.. بعثت للزوج لتخبره ولكنه لم يسمع لها وتركها تواجه هذه المتاعب وحيدة.. وعند هذا الحد طلبت منه الطلاق، فهو لا نفع منه وأجابها سريعا ليتخلص منها ومن مسئوليته تجاه أولاده وحتى لا يلومه أى إنسان.. واضطرت إلى الاستدانة وشراء السلع بالقسط حتى تطمئن على ابنتها الكبرى وبسبب شدة الضغوط بدأ السرطان اللعين ينهش جسدها الضعيف.. وتغلغل داخل صدرها بل وصل إلى الرئة تحاملت على نفسها حتى زوجت الابنة.. تقدم للابنة الثانية عريس، وتم عقد القران منذ عام ونصف العام وتقول الأم إن العين بصيرة واليد قصيرة وهى تحاول أن تجهز الابنة ولكن مرتبها لا يتعدى 550 جنيها وهو لا يكفى مصاريف المعيشة والانتقال لمتابعة الحالة الصحية كل أسبوع وتطلب المساعدة، فهل تجد من يقف بجانبها؟ من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.