عندما وجد الرئيس الأمريكى أوباما نفسه أمام موجة من الغضب الشعبى المصرى الرافض لوجود سفيرته آن باترسون بسبب مواقفها الرافضة لثورة 30 يونيو، بادرت الإدارة الأمريكية بإعلانها عن تعيين خَلَف لسفيرتها بالقاهرة فى رضوخ للضغوط الشعبية الرافضة لباترسون التى أصبح لا مفر من رحيلها عن القاهرة، واستبدالها بسفير آخر يصلح ما أفسدته باترسون، والحفاظ على الدور الأمريكى فى المشهد المصرى. وكانت الصدمة عندما أوصى وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى بتعيين روبرت فورد سفيرًا فى مصر بدلًا من باترسون. ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن توصية كيرى بتعيين فورد ترجع لعدة أسباب، هى أن فورد عمل منذ فترة طويلة فى الشرق الأوسط ويجيد اللغة العربية، وأن السفير القادم لديه مهمة صعبة لإصلاح صورة أمريكا وتوسيع نفوذها. ولم يكد اسم روبرت فورد يتردد بشأن ترشيحه سفيرًا حتى لاقى هذا الترشيح استنكارًا ورفضا قويًا على الساحة السياسية فى مصر، وكان الدافع وراء هذا الرفض لترشيح فورد تاريخه وسجله الأسود فى المنطقة والأدوار المشبوهة التى قام بها فى الجزائر والبحرين ومصر والعراق وسوريا، والصراعات التى تسبب فى إشعالها، إذ يوصف الرجل بأنه مهندس إثارة الصراعات والتوترات. ويطلق الباحث الدكتور على كامل أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون على السفير الجديد فى القاهرة وصف «الرجل الغامض» و«رجل المهام الصعبة والخفية» حيث أسندت له كثير من المهام فى تركيا ثم البحرين ومصر ثم الجزائر ثم العراق، وعودة إلى الجزائر بدرجة سفير ثم دمشق. روبرت فورد حائز على الماجستير فى الاستشراق من جامعة هوبكنز عام 1983 ويجيد عدة لغات فى مقدمتها العربية والتركية والألمانية والفرنسية، عمل ضابطًا فى وكالة الاستخبارات المركزية قبل أن ينتدب للعمل فى الخارجية عام 85، وعمل بمصر كملحق إعلامى ما بين عامى 88 و92، وانصب جهده خلالها على استقطاب بعض الصحفيين للكتابة لصالح أمريكا، كما أبدى اهتمامًا خاصًا بنشاط الجماعات الإسلامية فى مصر. ثم عاد للعمل فى الاستخبارات عام 2000 وجاء تعيينه كضابط اتصال مع قيادات قوى المعارضة العراقية، قبل الاحتلال عام 2003، ليعود للخارجية ويتولى منصب سكرتير أول فى السفارة الأمريكية ببغداد. وعاد لأمريكا عام 2006، ولدوره - المشبوه - فى العراق حصل على عدة أوسمة وشهادات تقدير من الخارجية والاستخبارات. لذلك كله فمن الضرورى أن ترفض مصر تعيين روبرت فورد سفيرًا للولايات المتحدة أو حتى وجوده على الأراضى المصرية، فبصماته التخريبية والتدميرية مازالت موجودة فى العراق، وماثلة أمام أعين الجميع فى سوريا، إنه «سفير جهنم». فالسفير الجديد هو المندوب السامى الأمريكى، المتخصص فى التدمير والتخريب وإثارة الفتن، وعليه يجب إعلانه «شخصًا غير مرغوب فيه» ومن حق مصر أن ترفض ترشيحه لهذا المنصب، فالمسألة لا تنقصها شياطين وأبالسة من عيّنة روبرت فورد. وقد أوضح عادل حمودة من خلال برنامجه على قناة «النهار» أن السفير الجديد لأمريكا يعد أسوأ من باترسون، وسيتولى قيادة الانقسام والقتال داخل مصر، مشيرًا إلى تجاربه السوداء فى العراق والجزائر وسوريا، مؤكدًا أنه بعد وجوده بشهرين داخل سوريا تم تنظيم الجيش الحر وتحولت سوريا إلى بحور من الدماء. كما وجه الشيخ مظهر شاهين رسالة للشعب المصرى قائلًا «لا تستبشروا خيرًا فيه لأنه متخصص حرب أهلية وإشعال حرائق وتقسيم البلاد»، داعيًا الشعب المصرى لتنظيم مليونية تدعو لمنع دخول السفير الأمريكى للبلاد. كما شن الإعلامى يسرى فودة حملة ضد فورد، وحذّر من مخاطر وجوده فى القاهرة فى هذا التوقيت بالتحديد، فهو يرغب فى تقسيم مصر، كما فعل فى العراق وسوريا. والآن فالجميع يطالبون وزارة الخارجية والرئيس عدلى منصور برفض تعيين فورد سفيرًا لدى مصر، والوقوف بالمرصاد لمنع دخوله القاهرة. إن ثورة 30 يونيو قد حررت الإرادة المصرية، وأصبح القرار المصرى مستقلًا، تتخذه الحكومة وفقًا لإرادة الشعب، واعتبارات المصلحة العليا للبلاد وأمنها القومى. ويجب أن يكون واضحًا للإدارة الأمريكية أن عليها اختيار سفير لها تكون شخصيته محل قبول لدى جميع الأطراف، ويستطيع التعامل بحكمة مع الأوضاع الراهنة، لا أن يصب البنزين على النار. إننا نريد سفارة تقوم بدور سياسى فى تعميق التفاهم بين الدولتين، وليس سفارة تستخدم كمركز حرب ضد الوطن الذى تعمل فيه.