توفيق عكاشة .. أداء توفيق عكاشة أمام الكاميرا .. معلومات توفيق عكاشة .. الحالة التى يخلقها توفيق عكاشة عند مؤيديه ومعارضيه خلقت منه ظاهرة لاشك فى هذا . وعكاشة وقناته الفضائية تعكسان أغلب ملامح المرحلة الإعلامية ، سلبياتها وإيجابياتها فهى على سبيل المثال تعكس الحرية فى صورة فجة غير منضبطة فى كثير من الأحيان ، فتعكس توظيف هذه الحرية عندما يساء استخدامها ، ويعبر إعلام عكاشة عن الوعى الوطنى حين ينحاز للمصلحة العليا للوطن وفى ذات الوقت يعكس اضطراب بوصلة هذا الوعى عندما يزايد على مصالح الوطن لتوظيف هذه المزايدة فى حرب الخصوم الشخصيين لأصحاب القرار فى هذا الإعلام ، وفى حالتنا هذه فتوفيق عكاشة هو كل القناة صاحبها ونجمها الأول ومذيعها وضيفها إلى آخره. (1) باختصار فعكاشة على الرغم من اختلافنا عليه حالة إعلامية مميزة وجدت لها فى الشارع المصرى أرضية وحضورًا ووجد عكاشة من يسير خلفه من جمهور مشاهديه ، ووظف هذا سياسيا فوجد من ينتظره ويستجيب لندائه حين يدعو للاحتشاد والسبب المهم فى جماهيرية عكاشة - ولا يدركه خصومه - هو أنه انحاز مبكرا لجانب الجيش المصرى بعد ثورة 25 يناير 2011 ، ولم يغير عكاشة قناعاته فى الوقت الذى كان بعض المدفوعين والمغرر بهم من المصريين يهاجمون المجلس العسكرى ويخلطون بينه كقيادة وبين مؤسسة الجيش ويطلقون على جنود مصر تسمية العسكر وهى تسمية كانت مقصودة لتسيء للجيش لأنها تشير إلى دلالات سيئة . وفى ذات الوقت فقد واصل أيضا عكاشة هجومه على خصومه من الإخوان ، وكان قد دخل وقناته فى حرب ضدهم منذ ما قبل ثورة 25 يناير أيام كان منضما للجنة السياسات التابعة للحزب الوطنى ، ولم يغير أيضا من قناعاته تلك أو يهادن الإخوان بعد الثورة وبعد صعود النجم السياسى للإخوان والإسلاميين واستيلائهم على السلطة ، وانضم عكاشة إلى رهان الليبراليين من اليمين واليسار والفلول فى الهجوم المكثف على الإسلاميين ليؤدى ذلك فى النهاية إلى سحب السلطة من أيديهم وتآكل شعبيتهم وقد كانوا فى الأيام الأولى لثورة 25 يناير فى أوج شعبيتهم حين رأى فيهم المصريون بديلا لفساد المسئولين والنظام السابق على الثورة .. عموما ليس هذا هو الموضوع ولكن عكاشة ومعلوماته هى الموضوع. (2) والجيش وقياداته كانوا يعلمون فى وقت مبكر بعد 25 يناير 2011 بالبعد المؤامراتى الخارجى فى ثورات الربيع العربى ، واكتشفت قيادات المجلس العسكرى فى وقت مبكر أيضا أن هناك تخطيطًا وعملًا قد تم على الأرض فى مصر لسنوات طويلة قبل الثورة ، أدى فى النهاية إلى الدفع بالجماهير العربية إلى الشوارع لإسقاط الأنظمة الديكتاتورية التى تحكمها دون الانتباه للخطر الحقيقى المتمثل فى تدخلات الغرب وخاصة أمريكا ، وبعد أن فقد الشعب المصرى الثقة فى النظام الذى يحكمه وشجع على هذا أمريكا التى عملت على تشويه هذه الأنظمة أمام الشعب للوصول به إلى لحظة الانفجار فى وجه الديكتاتور والإطاحة به. كان العمل الذى تفرع إلى عدة أنشطة ومجالات (سياسية ودبلوماسية وإعلامية وشعبية) يتم انجازه على الأرض المصرية بنظام مدروس وعلمى ومجرب وقد أوردنا بعض التفاصيل المتعلقة بهذا الأمر من قبل فى سلسلة مقالات حملت عنوان : «القصة من الشاطىء الآخر» ، وتصادف أن وصل لتوفيق عكاشة فى قناته شاب صغير اشتهر باسم أحمد سبايدر وأطلعه الأخير على بعض التفاصيل المتعلقة بالجانب المؤامراتى فى هذا الربيع وكثير من هذه المعلومات كانت بالفعل قد صارت متاحة فى هذا الوقت على الانترنت وموقع اليوتويب فقط تحتاج لباحث مهتم ودءوب لالتقاطها لكن طريقة عرض سبايدر وعكاشة لتلك المعلومات منحت الفرصة لمن يريد التشويش عليهما وعلى المعلومات أن ينجح فى ذلك إلى حد كبير ، ولجأ من يهمه عدم تصديق المصريين لهذه المعلومات إلى استخدام ميكانيزمات السخرية ضد عكاشة وسبايدر ونجح بالفعل الخصوم فى النيل منهما ومن مصداقية معلومات مهمة جدا تتعلق بالمؤامرة على مصر والبلاد العربية. كان جزء من هذه المعلومات يتعلق بالمجموعات الشبابية الليبرالية التى نجحت أجهزة الإدارة الأمريكية فى اصطيادها واستقطابها وبعد ذلك تمويلها وتدريبها ليصبح هؤلاء الشباب بمثابة المفجر والشعلة للثورة ، كانوا تحديدا 6 مجموعات منظمة وبجوار هذه المجموعات كان هناك عمل آخر يتم فيه استقطاب غير المنظمين من الشباب المصرى للقيم الغربية المتمثلة فى الليبرالية الجديدة سواء عن طريق مراكز وجمعيات تعمل تحت مسمى المجتمع المدنى أو من خلال دعايات وإعلام وسائل الإعلام الإجتماعى الذى تم استخدامها أيضا فى أعمال الشحن والتهييج والحشد للثورة ، وليس هذا فقط ولكن أيضا للوصول إلى تغيير مفاهيم هؤلاء الشباب لتهيئتهم ذهنيا وعقائديا للمستقبل الذى يريده الغرب لهذا البلد ، ومصر لايراد فقط خلخلة دولتها الوطنية وتفكيكها ولكن أيضا سلخها من محيطها العربى والإسلامى ولكن أيضا أقناع شبابها بالتخلى عن قضاياه المصيرية ونسيانه لعدوه الحقيقى دون أن يعى أن فى هذا هزيمة وطنه الحقيقية وربما فناؤه. (3) اعرف عدوك كان هذا هو عنوان التقرير المصور الذى لفت نظرى فى قناة توفيق عكاشة الأسبوع الماضى وتمنيت أن اتصل بالقناة وأصحح بعض المعلومات التى وردت فى التقرير أو أستكمل أخرى لكن لم يتح لى ، وقد لفت نظرى بشدة ما قاله عكاشة بعد بث التقرير وقد قال إن د.سعد الدين إبراهيم قد اتصل به ليوصل له رسالة مفادها أن يوقف بث التقرير وأن الأمريكان (السفارة أو الإدارة) سوف تغير وجهة نظرها فى شأن من الشئون المصرية إلى آخره مقابل وقف بث هذا التقرير ، وهذه الرواية إن صحت وأظن أنها صحيحة معناها أن رجال أمريكا فى مصر وأمريكا يدركون خطورة مثل هذه المواد الإعلامية التى تفضح سياساتهم الحقيقية فى بلادنا ، ويخشونها أكثر من خشيتهم للأنظمة التى كانت تحكمنا. كانت معلومات التقرير على بساطتها كاشفة لجزء من حقيقة ماجرى لنا وعلينا ، وكان سبب اندهاشى من معنى كلام عكاشة الذى قاله بعد بث التقرير أنه يثق فى سعد الدين إبراهيم صاحب الجنسية المزدوجة (أمريكى مصرى) ويثق فى تلاميذه ومنهم داليا زيادة التى ذكرها عكاشة بالاسم على أنها إحدى التائبات بعد ثورة يناير من الشباب الذى خدعته أمريكا أو ماشابه ذلك ، فهل لا يعلم عكاشة أن زيادة تدير الآن رواق ابن خلدون لصاحبه سعد الدين مزدوج الجنسية ؟! وهل لا يعلم عكاشة دور سعد الدين فى الحرب على الجيش المصرى قبل وبعد الثورة لإقصائه تماما عن لعب دور فى الداخل المصرى وترك هذا الداخل للغليان ؟ وهل لايعلم عكاشة دور سعد الدين فى تهييج الأقليات ضد أوطانها العربية وتدبيج التقارير والمعلومات التى كانت ومازالت تستخدمها الإدارات الأمريكية والكونجرس فى تشويه صورة مصر والضغط عليها للقبول بسياسات معينة لا تتفق مع أمنها القومى وقيمها الأساسية ؟ (راجع من فضلك تقارير الحريات الدينية أو عمل المنظمات مثل فريدوم هاوس وفريدوم كوست وغيرها ضد مصر) ، إذن معلومات عكاشة غير مضبوطة ولا تتفق مع الوضع الماضى والحالى لسعد الدين وزيادة وفى هذا فقط مثال على سلبيات المعلومات الإعلامية حين تكون مبتسرة أو معتمدة على انطباعات شخصية. (4) لكن يبقى أن إعلام عكاشة يسدد مساحة ضئيلة من مساحة فراغ هائلة لم ينجح الإعلام المصرى المتخبط والردىء والمتحيز والمتردد (قومى وليبرالى ومنسوب للدين والإسلاميين) فى شغلها وتركها لإعلام الجزيرة فى عصر القنوات الفضائية ، وأتمنى فى هذه اللحظة التى أكتب فيها هذا الكلام ألا نسير خلف من ينادون بإطلاق رصاصة الرحمة على إعلام الدولة ليسكتوا صوت الدولة ومصالحها العليا إلى الأبد فى حين يتركون الساحة مفتوحة للإعلام الذى يخدم التوجهات الغربية ، كما أتمنى على عكاشة أن ينمى قناته الملاكى ويحولها إلى العمل المؤسسى المتعمق لا أن يكتفى بالمعلومات التى تصله فقط عن الدولة العميقة والدولة الفاشلة وحروب الجيل الرابع ويجلس أمام الكاميرا ليسردها على مشاهديه ، وأنا مصدقه فى أن تقريره الذى حمل عنوان : «اعرف عدوك» أزعج الأمريكان لأنه يمكن أن يكون بداية حقيقية لإعلام يوعى الشعب المصرى ويعرّفه بالفعل من هم أعدائه.