عقب ثورة 25 يناير 2011 وما شهدته مصر من انفلات أمنى بعد انسحاب الشرطة، واقتحام السجون وحرق العديد من أقسام ومراكز الشرطة على مستوى الجمهورية، قامت العناصر الإجرامية الهاربة من السجون بالتمركز فى سيناء، وخلال المرحلة الانتقالية استطاعت العناصر الجهادية أن تتخذ منها مقرا لها لتنفيذ مجموعة من العمليات تهدد الأمن القومى المصرى، إلا أن عمليات التمشيط المستمرة والملاحقة لتلك العناصر من قبل قوات الجيش والشرطة، جعلتها عبارة عن خلايا كامنة، وعقب سقوط النظام عادت سيناء لتصبح منطقة ملتهبة، أكتوبر تحاول خلال السطور القادمة التفتيش فى هذا الملف وطرحت العديد من التساؤلات حول أسباب عودة التوتر الى سيناء، ما بين عمليات قتل واختطاف ، ومحاولات اغتيال التى كان آخرها محاولة اغتيال اللواء أركان حرب أحمد وصفى، قائد الجيش الثانى الميدانى بمنطقة الشيخ زويد بشمال سيناء . فقد تعرضت سيارة اللواء أركان حرب أحمد وصفى، قائد الجيش الثانى الميدانى، الأربعاء الماضى لإطلاق نار مكثف من مجهولين أثناء قيامه بتفقد قوات التأمين فى الشيخ زويد بشمال سيناء، عندما قامت إحدى السيارات القادمة من المنطقة الحدودية برفح بإطلاق نيران كثيفة على عربة قائد الجيش، دون وقوع أية إصابات، حيث قامت قوة التأمين بالاشتباك مع العناصر الإرهابية المهاجمة، وتمكنت من ضبط السيارة التى عثر بدخلها على طفلة مصابة، وتم نقلها إلى مستشفى العريش العام، وتوفيت فور وصولها إلى هناك، وألقى القبض على سائق السيارة وهرب آخر منها، وبتفتيشها عثر على 2 مسدس ونظارة ميدان أمريكية الصنع، وتباشر قوات الجيش ملاحقة العناصر الإرهابية التى نفذت الهجوم. العقيد أركان حرب أحمد على المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة أكد أن هذا الحادث يتزامن مع توسع العناصر الإرهابية فى تنفيذ عمليات هجومية مخططة استهدفت عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية بسيناء خلال الأيام الماضية، فى محاولة لإشاعة الفوضى وزعزعة الاستقرار وتقويض الأمن القومى المصرى. وقال المتحدث: إنه بتحليل الواقعة يتضح توسع العناصر الإرهابية والخارجة عن القانون فى استخدام الأطفال كإحدى وسائل الحرب الدعائية ضد القوات المسلحة المصرية بهدف تشويه الحقائق وتصدير صور كاذبة عن حقيقة الأوضاع، والتى تستغل إعلامياً لتحقيق أهداف مشبوهة. الأرض المحروقة من جانبه أكد اللواء د. طلعت موسى الخبير الاستراتيجى مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا أن التيارات الدينية الآن تتبع سياسية الأرض المحروقة، فهى لديها قائمة اغتيالات لعدد من قيادات القوات المسلحة تحاول تنفيذها، وتعد عملية محاولة اغتيال قائد الجيش الثانى الميدانى اللواء أركان حرب أحمد وصفى خلال تفقده لقواته بشمال سيناء هى أحد هذه العمليات، وتتدثر تلك العناصر بمفاهيم خاطئة تحاول من خلالها تنفيذ مخططاتها الإجرامية وهى أن «قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار» وتقصد بقتلاهم «العناصر التى لا تنتمى إلى التيارات الدينية المختلفة». ويضيف أن الأحداث المتلاحقة منذ 30 يونيو وحتى الآن جميعها تثبت تورط مجموعات من أبناء التيار الدينى فى العديد من العمليات الارهابية خلال تلك الفترة، فهناك حادثة سيدى بشر بالإسكندرية والتى اعترف المتهم فى الواقعة بقيامه بإلقاء أطفال من فوق سطح إحدى العمارات بغرض قتلهم، وجميع تلك التيارات تعمل من خلال قاعدة مهمة ومحددة «أنا واخويا على ابن عمى». التعقل والحكمة ويشير اللواء طلعت موسى إلى أن القوات المسلحة يسيطر على قرارها التعقل والحكمة، خاصة أن التيارات الدينية عقب خروجها من السلطة، وحماية القوات المسلحة لمطالب الشعب، تحاول تلك الجماعات توريط الجيش فى اقتتال داخل سيناء سواء مع أبناء سيناء وهم مصريون، الأمر الذى يتنافى مع عقيدة القوات المسلحة المصرية الراسخة التى تؤكد على أنها لا ولن توجه فوهات بنادقها إلى صدور أبناء شعبها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، أحداث حالة من التوتر والارتباك فى سيناء مما يهدد الأمن القومى المصرى، واختلاق الأزمات داخل مصر لتصور للعالم أن ما حدث فى مصر قد يؤدى الى اشتعال المنطقة بالعمليات الإرهابية، وهو ما يهدد امن وسلامة المنطقة. وهذا أحد المخططات التى تقوم بها تلك المجموعات الإرهابية التى تنتمى الى التيارات الدينية. تطور خطير من جانبه اعتبر اللواء سامح سيف اليزل أن محاولة اغتيال اللواء أحمد وصفى تطور خطير يجب مواجهته والتصدى له بقوة وحزم، كما يجب الكشف عن المتورطين فى مثل هذه الأحداث، مشيرًا إلى أن التيار الدينى بعد الكشف عن وجهه الحقيقى للشعب خلال الأحداث الاخيرة، أصبح فى مواجهه مع قوات الشرطة والجيش، من أجل البقاء، خاصة أنه يدرك تماما أن مصير عدد كبير من قياداته مصيرها السجن، لوجود العديد من البلاغات الموجهه ضدهم، بالإضافة الى تورطهم فى اعمال تخريبية، وعمليات قتل للمتظاهرين السلميين. عملية انتحارية وأكد اللواء فاروق حمدان، المحلل العسكرى، أن ما يحدث فى مصر عملية انتحارية يقوم بها أنصار الرئيس المعزول، مشيراً إلى أن الجيش لم يتعرض لقيادات جماعة الإخوان، كخطوة منه لاستيعاب الدرس. وأضاف أن الجماعة تقوم بإيفاد عناصرها من كافة المحافظات إلى القاهرة، لإعطاء صورة للعالم بوجود شعبية على الأرض لمرسى. مشيرًا إلى أن أجندة عنف الإخوان قد ظهرت فى الوقت الراهن لهدفين: أولهما ترويع الجماهير، والثانى تهديد الجيش المصرى بغية التراجع عن القرارات الثورية التى اتخذها، على حد وصفه. وردًا على سؤال حول الخوف من زيادة حدة الاشتباكات جراء دعوات الاحتشاد، قال حمدان «لن نترك البلطجية يروّعون الشعب، وعلى القوات المسلحة أن تتحرك للدفاع عن الشعب المصرى»، مشيرًا إلى أن «مَنْ يطلق الرصاص لابد من مهاجمته بنفس الصيغة؟». وتعقيبًا على الخطوات السياسية السريعة التى يتم اتخاذها حول تشكيل الحكومة، وهل تعيد الاستقرار إلى مصر، أشار إلى ضرورة اختصار المرحلة الانتقالية بقدر الإمكان، لبناء الدولة المصرية، والحكومة التى ستشكل جزءًا من تسيير الأعمال فى البلاد. مؤكدا أن «جماعة الإخوان تريد العودة إلى الحكم رغم أنف الشعب، وأن التحركات السياسية التى سيشرع فيها الرئيس المؤقت ستكون مدعاة للاستقرار السياسى». واعتبر اللواء محمد جمال الدين مظلوم، الخبير العسكرى، أن ما حدث هو محاولة للرد إثر ما حدث فى 30 يونيو، من عزل الشعب للرئيس السابق محمد مرسى، وتأييد الجيش لمطالب الشعب وهو ما اعتبرته التيارات الدينية انقلابا على السلطة. من جانبه اتهم مصدر عسكرى حركة حماس ب «إشعال الوضع فى سيناء عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسى». ونقلت عن المصدر القول:«رصدنا تحركات لعناصر حماس بالتعاون مع جهاديى سيناء، وأوقفنا وقتلنا بعضهم». وكشف أن قوات الأمن قتلت وأوقفت نحو 200 مسلح خلال الأيام الماضية، لافتًا إلى أن من بين هؤلاء 32 قتيلاً ينتمون إلى حماس التى تم توقيف نحو 45 آخرين من بين عناصرها. لكن المصدر أقر بصعوبة سيطرة قوات الجيش على الوضع، موضحا: «يدخلون سيناء عبر الأنفاق ليشتركوا مع آخرين فى تنفيذ هجمات ثم يعودون إلى غزة عبر الأنفاق.. ناهيك عن استغلال التضاريس واختبائهم داخل الجبال». احتواء الأزمة وقال اللواء عبد المنعم كاطو الخبير العسكرى: إنه يجرى الآن اتخاذ إجراءات لمواجهة توتر الأحداث فى سيناء وهناك قوات قادرة على ذلك متواجدة منذ اندلاع ثورة 30 يونيو، وجميع هذه الإجراءات تأتى بسبب ما تعيشه سيناء الآن من حالة من الانفلات الأمني، ولكن القوات المسلحة والشرطة تقوم باحتوائه، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة تحاول الآن القضاء على أركان الخارجين على القانون، ولكن هؤلاء الخارجين يحاولون الرد للدفاع عن أنفسهم ولإثبات وجودهم. وأضاف كاطو: منذ 30 يونيو تم استهداف أكثر من 15 كمينًا للجيش والشرطة، بالإضافة إلى استهداف معسكر الأمن المركزى بمدينة رفح للمرة الثالثة، وهذا يدل على أن العنف ظهر بعد عزل مرسى، كما أن «كافة الدلائل تشير الى أن أنصار مرسى هم من وراء الهجمات، بحسب ما قاله محمد البلتاجى، بالإضافة إلى عملية استهداف خط الغاز الخاص بالأردن وتفجيره رغم توقف عمليات تفجير خط الغاز على مدار عام كامل هى فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسى. وأكد اللواء عبدالمنعم كاطو أن عمليات تمشيط وهدم الأنفاق على الحدود بين قطاع غزة ورفح سوف تستمر فى إطار الحفاظ على الأمن القومى المصرى، وأن القوات المسلحة لن تتراجع عن اتخاذ كافة الإجراءات فى سبيل الحفاظ على الأمن القومى. وأشار كاطو الى ان الانفلات الأمنى الموجود لا بد من القضاء عليه ويحتاج لتضحيات.