تعنى كلمة الأغيار (جوييم) فى اللغة العبرية الآخر المغاير. وقد استخدم هذا المصطلح للدلالة على اليهود دون غيرهم. ومفهوم المصطلح، كما يرد فى الكتب الدينية اليهودية، يعنى (الأغيار) غير اليهود. وقد اكتسب هذا المصطلح ايحاءات الذم والتمييز، وأصبح يعنى مع مرور الزمن (الغريب) و(الآخر). ويصنف الأغيار إلى درجات أدناها عبدة الأوثان والأصنام وأعلاها أولئك الذين تركوا عبادة الأوثان أى المسيحيين والمسلمين الذين يسمون (جيريم) أى الأغيار المؤمنين بالله. وهناك (جيرتوشاف) أى المجاورين أو الساكنين فى الجوار، مثل العرب الفلسطينيين مواطنى دولة إسرائيل. ويقول الباحث عمر مصالحة فى كتابه المهم (اليهودية.. ديانة توحيدية أم شعب مختار) إنه لايوجد موقف موحد من الأغيار فى الشريعة اليهودية، فهى بوصفها تركيبا تاريخيًا تراكميًا تنطوى على نزعة توحيدية أممية وأخرى حلولية قومية. وتنص الشريعة اليهودية علىأن الأتقياء من كل الأمم سيكون لهم نصيب فى العالم الآخر. كما أن هناك كتابات دينية يهودية تشير إلى حقوق الأجنبى وضرورة إكرامه ومعاملته بالحسنى. وهناك أيضًا النزعة الحلولية المتطرفة التى ترتكز على التمييز الحاد والقاطع بين اليهود كشعب مختار ومقدس يحل فيه الإله، مقابل الشعوب الأخرى التى تقع خارج دائرة القداسة. وقد ساهم حاخامات اليهود فى تعميق هذا الاتجاه الانفصالى من خلال الشريعة الشفوية التى تعبر عن تزايد هيمنة الطبقة الحلولية. داخل اليهودية. فنجدهم قد أعادوا تفسير حظر الزواج من أبناء الأمم الكنعانية الوثنية(سفر التثنية) ووسعوا نطاقه بحيث أصبح ينطبق على جميع الأغيار دون تمييز بين الدرجات العليا والدنيا. وامتد هذا الخطر واتسع ليتضمن منع مجرد تناول الطعام مع الأغيار، ومنع تناول الطعام الذى أعده غير اليهودى حتى وإن طبقت أثناء إعداده كافة القوانين والطقوس اليهودية. كما أن الزواج المختلط، أى الزواج من الأغيار، غير معترف به فىالشريعة اليهودية. وينظر إلى الأغيار على أساس أنهم غير صادقين بطبيعتهم. ولذا،لايؤخذ بشهاداتهم فى المحاكم الشرعية اليهودية.ولايصح الاحتفال معهم بأعيادهم. ويذكر الحاخام موشيه بن ميمون (رمبام) فى سيرة شرائع الملوك (هلخوت ملاخيم): (لايجوز للأغيار دراسة التوراة). والواقع أن هذا التقسيم الحلولى :يهود يقفون داخل دائرة القداسة وأغيار يقفون خارجها، يساعد فى بناء أسوار عالية تفصل بين هؤلاء وأولئك. وتحاول بعض الجهات اليهودية إظهار اليهود كشعب مختلف عن باقى الشعوب لايمكنه الإندماج فيهم ومعهم. وهى بذلك تحاول تشجيع النزعة الانفصالية باعتبارها وسيلة مشروعة للحفاظ على اليهود كأقلية عرقية لها خصوصيتها وتقاليدها وتراثها. فتحاول هذه الجهات أن تشيد سورًا عاليًا يفصل بين اليهود وغير اليهود. وتشير بعض الأدبيات اليهودية الحديثة إلى أن العربى الفلسطينى ضمن الأغيار، على الرغم من كونه ساكن البلاد الأصلى. وتثبت استطلاعات الرأى فى إسرائيل منذ قيام الدولة وحتى الآن أن الخوف من الأغيار لايزال واحداً من أهم الدوافع وراء سلوك الكثيرين من الإسرائيليين.