مع الساعات الأولى لإعلان فوز المرشح الإصلاحى المعتدل حسن روحانى بالانتخابات الرئاسية الإيرانية ووصوله إلى كرسى الرئاسة، ظن البعض وفى مقدمتهم المعارضة السورية أن شيئا ما قد يتغير فى السياسة الإيرانية، وأن حكم الإصلاحيين المتمثل فى روحانى سيكون رحيما بهم عن نظيره من المحافظين والذى كان يمثله الرئيس السابق أحمدى نجاد طوال ثمانى سنوات مرت، فسارع ممثلو المعارضة السورية بالتهليل والترحيب بفوز روحانى متمنين منه تغيير موقف بلاده تجاه الثورة السورية بل وتقديم الدعم لها أيضا، إلا أن ظنهم لم يكن فى محله، فسرعان ما كشف روحانى عن موقفه بتأكيده على شرعية النظام السورى الحالى برئاسة بشار الأسد. وكان الائتلاف الوطنى لقوى المعارضة والثورة السورية قد رحب بالرئيس السابع فى تاريخ الجمهورية الإيرانية الدكتور حسن روحانى، طالبا منه تدارك الأخطاء التى وقعت فيها القيادة الإيرانية السابقة تجاه الثورة السورية، وذلك من خلال بيان رسمى صادر عن الائتلاف عقب ساعات قليلة من إعلان نتيجة الانتخابات جاء فيه: «إن الائتلاف الوطنى السورى يجد من واجبه أن يدعو الرئيس الإيرانى الجديد إلى تدارك الأخطاء التى وقعت فيها القيادة الإيرانية السابقة، وضرورة الأهمية والسرعة القصوى لإصلاح الموقف الإيرانى، وأن على القيادة الإيرانية الجديدة أن تستوعب ذلك قبل فوات الأوان، إن إرادة الشعب السورى لا تقهر ولن تنكسر أو تتراجع أمام أى اعتداء خارجى، وإن مطالبه فى إسقاط نظام الاستبداد منتصرة لا محالة». لكن آمال المعارضة السورية خابت سريعا مع أول مؤتمر صحفى للرئيس الإيرانى الجديد، حيث أعلن روحانى صراحة أن حل الأزمة السورية فى يد شعبها وحكومتها فقط، وأضاف روحانى: «أتمنى أن يعود السلام إلى سوريا فى أقرب وقت ممكن، ونأمل أن نستطيع حل المشكلة السورية من خلال التعاون مع دول منطقة الخليج، كما ندعو دول العالم إلى المساهمة فى إعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا»، مشددا على أن الشعب السورى هو من يملك فقط تقرير مصيره بيده ودون تدخل من أى أحد. وأضاف: «نحن الإيرانيين نعارض الإرهاب والحرب الأهلية، كما نعارض أى دولة تريد التدخل فى سوريا فهذا شأن داخلى لايحق التدخل لهم فيه»، مختتما حديثه عن الأزمة السورية بقوله: «إن النظام الحاكم القائم فى سوريا حاليا يجب أن يبقى حتى الانتخابات المقبلة عام 2014، وكل ما يريده الشعب السورى ينفذ ولكن عبر صناديق الانتخابات وفى موعدها الشرعى والمحدد». وفى الوقت الذى يعارض فيه روحانى أى تدخل فى الثورة السورية باعتبارها مجرد أزمة وشأن داخلى، كشفت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية عن اتخاذ القيادة الإيرانية قرارا بتجهيز وإرسال أربعة آلاف مقاتل من الحرس الثورى إلى الأراضى السورية كدعم لقوات الجيش النظامى التابع لحليفهم بشار الأسد، كما نقلت الصحيفة البريطانية عن مصادرها أن إيران متمسكة بنظام الأسد إلى أبعد الحدود وعازمة على دعمه بكافة السبل، كاشفة فى الوقت نفسه عن اقتراح إيرانى بفتح جبهة سورية جديدة فى مرتفعات الجولان لمواجهة إسرائيل. واستبعد العديد من الخبراء حدوث أى تغير جذرى فى السياسة الخارجية التى تتبعها إيران خلال فترة رئاسة الإصلاحى حسن روحانى، معللين ذلك بأن منصب الرئيس فى إيران تنفيذى بالدرجة الأولى، أما السياسة الخارجية الإيرانية فهى مرتبطة بالمرجعية الروحية المتمثلة فى منصب المرشد الأعلى والذى يعود القرار النهائى له فقط، كما أن المرشد هو من يملك اليد العليا فيما يخص الجيش الإيرانى والحرس الثورى، متوقعين أن يتجه الرئيس الجديد خلال فترة حكمه إلى إيجاد حلول جدية للملفات الداخلية أكثر من اتجاهه لتغيير السياسات الخارجية، حيث يعانى الاقتصاد الإيرانى الأمرين فى ظل العقوبات الدولية الموقعة على إيران، كما تعانى العملة من تدهور شديد بالإضافة إلى معاناة المواطن الإيرانى من ارتفاع فى الأسعار وغلو المعيشة. وفى الوقت الذى رأى فيه بعض المراقبين السياسيين أن إيران لن ترفع يدها عن سوريا إلا إذا حصلت على مكاسب إقليمية ودولية، بالإضافة إلى غض العالم بصره عن برنامجها النووى، رأى البعض الآخر أن إيران لم تعد صاحبة الكلمة الفصل فى الأزمة السورية، حيث تحولت إلى مسألة أمن قومى ومصالح استراتيجية بالمنطقة بالنسبة لبعض القوى الكبرى فى العالم، فى إشارة إلى روسيا وتمسكها ببقاء حليفها الأول بالمنطقة بشار الأسد على كرسى حكم.