"التعليم": إعلان تنسيق المرحلة الأولى خلال 4 أيام من ظهور نتيجة الثانوية العامة    نشرة التوك شو| قانون الإيجار القديم ينتظر قرار الرئيس السيسي.. و"الزراعة" توفر الأسمدة رغم التحديات    رئيس هيئة الرقابة المالية يعلن إطلاق المختبر التنظيمي للتطبيقات التكنولوجية    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: نريد وقف قتل الأطفال بغزة وإنقاذ من تبقى منهم    أمريكا تسعى لتمديد الموعد النهائي لفرض الرسوم الجمركية مع الصين    بزشكيان: مستعدون لصياغة مفهوم الأمن الجماعي المشترك مع جيراننا العرب    أندية سعودية تنافس بنفيكا على ضم جواو فيليكس    بسيناريو جنوني.. إنجلترا تهزم إيطاليا في الوقت القاتل وتتأهل لنهائي يورو السيدات    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    إلى الحبيب الغالي.. رسالة من ممدوح عباس إلى حسن شحاتة    التاسع على الجمهورية بالثانوية: الوزير مكلمنيش والمحافظ جبر خاطري (فيديو وصور)    الثانية على الجمهورية "علمي علوم": "التزامي بالمذاكرة اليومية سر تفوقي"    التاسعة على الجمهورية بالثانوية.. فرحة ياسمين اكتملت بمديرة مدرستها (صور)    ب"فستان تايجر".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل نورهان منصور تخطف الأنظار    حدث بالفن| زفاف مخرج ونقل زوج فنانة إلى المستشفى وأحدث أزمات حفلات الساحل الشمالي    بالصور.. صبا مبارك تستمتع بعطلتها الصيفية أمام برج إيفل    «يوليو» في عيون وقحة.. لماذا اعتبرت تل أبيب الثورة تهديدًا استراتيجيًا؟    محافظ بني سويف يهنئ "يوسف سامي" و"وسام بكري" أوائل الجمهورية بالثانوية العامة    زيزو يوجه رسالة لجمهور الأهلي ويتحدث عن أهدافه الفردية    برلمانية: ثورة 23 يوليو بداية بناء الدولة الوطنية الحديثة على أسس العدالة والاستقلال والسيادة الشعبية    افتتاح معرض للمتحف المصري الكبير ببرلين بمشاركة 600 طالب -صور    أحمد سعد يكشف تفاصيل أغنيته الجديدة "اتحسدنا" من ألبوم "بيستهبل"    آمال ماهر تتصدر الترند ب8 أغنيات من ألبومها "حاجة غير"    انطلاق أولى فعاليات ورشة السيناريو "التراث في السينما المصرية الروائية" بالثقافة السينمائية    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    متي تكون فواكه الصيف منعشة ومتى تتحول إلى خطر؟.. استشاري تغذية يوضح    «سانا»: بدء دخول الحافلات إلى السويداء لإخراج العائلات المحتجزة داخل المدينة    رئيس مجلس الشيوخ: حاولنا نقل تقاليد العالم القضائي إلى عالم السياسة    اعتماد أولى وحدات مطروح الصحية للتأمين الشامل.. وتكامل حكومي - مجتمعي لرفع جودة الخدمات    أوكرانيا تراهن على الأصول الروسية والدعم الغربي لتأمين الإنفاق الدفاعي في 2026    محافظ شمال سيناء يفتتح "سوق اليوم الواحد" بالعريش لتوفير السلع بأسعار مخفضة    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    أهم أخبار الكويت اليوم.. ضبط شبكة فساد في الجمعيات التعاونية    لتعزيز صناعة الدواء بالقارة السمراء.. مصر تدرس إنشاء مصنع دواء مشترك مع زامبيا    حملة للتبرع بالدم فى مديرية أمن أسيوط    هل يواجه المستشار الألماني ضغوطا لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل؟    «انتهت رحلتي».. نجم اتحاد طنجة يوجه رسالة إلى جماهيره قبل الانتقال للزمالك    الجريدة الرسمية تنشر قرارين للرئيس السيسي (تفاصيل)    تقديم الخدمات المجانية ل 4010 حالات ضمن حملة "100 يوم صحة" بالمنيا    وزير قطاع الأعمال يبحث مع هيئة الشراء الموحد التعاون بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    رفع الأشجار المتساقطة من شوارع الوايلي غرب القاهرة    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي.. مؤشرات الحد الأدنى للقبول بالجامعات    بعد أيام.. موعد وخطوات ورابط نتيجة الثانوية الأزهرية    فيلم الشاطر ل أمير كرارة يحصد 22.2 مليون جنيه خلال 6 أيام عرض    أحمد عصام عن «كتالوج»: «كنّا أسرة مع بعضينا ووليد الحلفاوي شغل الكاميرا» (فيديو)    استخراج جثامين طفلين من الأشقاء المتوفين في دلجا بالمنيا    اجتماع طارئ بجامعة الدول العربية لبحث الوضع الكارثي في غزة    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى الرئيس النيجيري    العش: معسكر تونس مفيد.. ونتطلع لموسم قوي مع الأهلي    10 تيسيرات من «الداخلية» للمُتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفساد فى عش الدبابير
نشر في أكتوبر يوم 23 - 06 - 2013

يبدو أن المعركة ضد الفساد ليست سهلة بدليل أن قاضيا مشهودا له بالكفاءة والنزاهة مثل المستشار هشام جنينة خرج عن صمته ليعلن بعد اكثر من رئاسة الجهاز المركزى للمحاسبات أنه وجد الفساد كلأخطبوط له مائة ذراع وأنه يواجه بمقاومة كبيرة من منظومة الفساد تعطل محاولات الإصلاح ولفساد متغلغل فى كل مكان فى مصر تقريبا واقتلاع الجذور أمر سهلا.
ولأن الرجل واضح وصريح ولا يعرف الألاعيب السياسية فقد أعلن فى حديثه إلى «الأهرام» منذ أيام مجموعة من الحقائق المؤلمة التى يجب أن نعتبرها جرس إنذار وتحذير من أن الجهاز للمحاسبات مهمته أن يكتشف الفساد ولكنه لن يستطيع وحده القضاء عليه، ويجب أن يكون القضاء على الفساد مهمة قومية تشارك فيها جميع أجهزة الرقابة والتحقيق والمحاسبة من هذه الحقائق مثلا ما يلى: إن منظومة النقل الجوى تعانى فسادا شديدا قد يؤدى إلى تكرار الكوارث الشبيهة بكارثة غرق العبارة السلام ومن قبلها غرق العبارة سالم اكسبريس وقد راحت أرواح أكثر من الفساد وخمسمائة إنسان ضحية الحادثين.
والمفاجأة المذهلة التى فجرها المستشار هشام جنينة هى أن ما لديه من معلومات تشير بوضوح إلى أن غرق العبارتين لم يكن نتيجة إهمال ولكنه كان جريمة لأنه كان بسبب أخطاء جسيمة تمثل جريمة متعمدة فقد تم اكتشاف لأنه كانت بسبب استهانة بأروارح المصريين إلى حد التراخى فى التعامل مع الاستغاثة التى صدرت من العبارتين وعدم التحرك الفورى لإنقاذ الضحايا.. مثل هذا الكلام يعيد فتح ملف قضية العبارتين ويؤدى إلى إعادة المحاكمة لظهور وقائع وأدلة جديدة لم تكن امام المحكمة التى نظرت كلا من القضيتين ويترتب على ذلك إعادة العرض على القضاء لتقدير التعويضات.
ويفجر المستشار هشام جنينة مفاجأة أخرى حيث يعلن أن قضايا الفساد داخل التعليم العالى وفى المدن والمستشفيات الجامعية وأيضًا فى وزارة الرى سوف تعلن قريبا وتحال إلى النيابة العامة.
???
القنبلة الثالثة التى فجرها المستشار هشام جنينة هى أن التعديات على أراضى طرح النهر شملت امتداد المسافة من أسوان إلى الإسكندرية وأن هذه التعديات فاقت كل تصور ومن المؤلم أن الاعتداء على القانون وعلى أراضى الدولة جاء من جهات سيادية ومن أشخاص لهم مكانة فى جهات مسئولة عن الرقابة والحماية وتطبيق القانون.. ولابد أن يصاب بالذهول كل من يعرف من المستشار هشام جنينة أن هذه التعديات تزيد قيمتها على 16 مليار جنيه.. اليس هذا هو الحرام بعينه..
ومما يؤدى إلى الدهشة ما أعلنه المستشار هشام جنينة من أن القانون لا يسمح لجهاز المحاسبات بمراقبة الجمعيات التى لاتتلقى إعانات من الدولة ولذلك بأن الحركات والجماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين والحركات التى تملأ الساحة الآن لا تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات ولا أحد يحاسبها عن مصدر تمويلها وأوجه إنفاق هذه الأموال وسيظل الوضع مستمرا إلى أن يعدل القانون لكى يتمكن الجهاز من ممارسة عملة بالنسبة لجماعة الإخوان والسلفيين والكنيسة مع ملاحظة أن الأزهر يخضع لرقابة الجهاز.. ولكى تكون الدولة دولة قانون فعلا يجب أن تكون كل الجهات خاضعة للرقابة والمحاسبة ولا تكون فيها كيانات فوق القانون.. وما يطالب به المستشار هشام جنينة هو أن يخضع كل فرد وكل جهة فى مصر للقانون.. فلماذا لا يحدث ذلك وبدون إبطاء؟
???
يفجر المستشار هشام جنينة قضية الصناديق الخاصة التى تضيع على الدولة من خلالها مبالغ بمليارات الجنيهات ويطالب بضم هذه الصناديق إلى الموازنة العامة التى تخضع للرقابة من جهته، وتعوض جانبا كبيرا جدا من العجز وفى ميزانية الدولة. لايمكن أن يصدق إنسان أن الدولة بجلال قدرها لا تعرف عدد هذه الصناديق، وأنه ليس لدى أجهزة الدولة إلا الأرقام التى أعلنها البنك المركزى أن عدد هذه الصناديق يزيد على 6300 صندوق والبنك المركزى لا يرصد كل أعداد الصناديق الخاصة فى مصر وهذا الرقم هو عن عدد الصناديق الخاصة للبنوك التجارية التابعة للبنك المركزى أما البنوك التى لا تخضع للبنك المركزى فلا أحد يعرف كم عدد الصناديق الخاصة بها، هناك آلاف الصناديق بعيدة عن عيون أجهزة الدولة.. أليست مأساة وفوضى لا تحدث إلا فى ظل الفساد الذى يكون أقوى من الدولة وأقوى من القانون واقوى من أجهزة الرقابة.
غريب جدا أن يقول رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات إنه يعمل فى عش الدبابير لأنه يسعى إلى اقتحام الأماكن التى كان محظورا دخولها على الأجهزة الرقابية وبعض هذه الماكن كانت تعتبر نفسها دولة مستقلة داخل الدولة وليست خاضعة لأية رقابة أو محاسبة. ولأول مرة يعترف رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات بأنه يحارب الفساد داخل الجهاز المركزى للمحاسبات نفسه، وهو لا يثنى رئاسة الدولة ويؤكد لأنه سيرصد مدى قانونية العرف فيها وأنه بدأ بالقصور الرئاسية ووجد أنه أنفق فيها مايزيد على مليار ومائتى مليون جنيه.
???
اعتقد أن حديث رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات يمثل إعلان حرب على الفساد ولأنى اثق فى كفاءة وشجاعة ونزاهة المستشار هشام جنينة وأعرف تاريخه المشرف فى القضاء فإنى أصدقه ولدى أمل كبير فى أن يتمكن من دخول عش الدبابير ويحقق مطلب الشعب فى تنظيف البيت المصرى من الفساد والفاسدين والمفسدين.
فقد يساعد ذلك على تنمية ثقافة التمسك بالحق لدى المواطنين بدلا من شيوع اليأس من الحصول على الحق.
ويجب أن تتغير الأحوال فى مصر تحصل على تقدير متأخر جدا فى تقدير مؤسسة النزاهة العالمية. وأكد هذا التقرير الدولى أكثر من مرة أن مصر فى حاجة إلى الإسراع تطوير الجهاز الإدارى للدولة، وإلى إصلاح تشريعى شامل وإلى تطوير أساليب الخدمات للمواطنين، والأهم من ذلك تأكيد الرقابة الشعبية على جميع المواقع والجماعات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ووضع نظام جاد لتلقى شكاوى المواطنين من الإهمال والتسويف فى إنهاء مصالحهم للضغط عليهم لتقديم الرشاوى. ولو أن أجهزة الرقابة والتحقيق اهتمت بما ينشر فى الصحف وأجهزة الإعلام عن وقائع الفساد لكان ذلك رادعا للمنحرفين وليس خافيا على احد أن هناك جهات لا يصل المواطن إلى حقه فيها إلا بعد أن يدفع رشوة صغيرة أو كبيرة بحسب التسعيرة شبه الرسمية لكل خدمة ولكل مستوى من مستويات الوظائف، ولا يخفى انتشار الواسطة والمحوسبية فى كل من المواقع بدون ضابط.
فى الدولة التى تحارب الفساد قوانين صارمة حتى أننى رأيت فى إحدى زياراتى إلى الصين مسئولا بدرجة نائب وزير محكوم عليه بالإعدام فى قضية رشوة، وفى الدول المتقدمة تساعد حرية الإعلام وسهولة حصولها على المعلومات الصحيحة على كشف الفساد وكل يوم نقرأ عن إحالة وزير أو رئيس أو حتى رئيس دولة للمحاكمة.. حدث ذلك فى المانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة، وإسرائيل، وإيطاليا، مما يعنى أن الفساد فى كل البلاد حقيقة ولكن المحاكمة والعقاب تتم فى كل البلاد دون تحايل أو تكتم لحماية المفسدين ومعاقبة كل من يساعد على عرقلة العدالة والتحقيقات ويخفى معلومات عن جرائم الفساد وما أكثر ما يحدث ذلك لأسباب كثيرة.
وبعد أن نص الدستور لأول مرة على استقلال الجهاز المركزى للمحاسبات وعدم خضوعه للتوجيهات أو التبعية لأى جهة فى الدولة يبقى تطوير قانون الجهاز لمنحه حرية الحركة والحق فى توجيه الاتهام، وأصدر قانون حماية الشهود لكى يطمئن الشاهد وهو يدلى بشهادته عن وقائع الفساد.
وفى النهاية فإن القضاء على الفساد يتوقف أولا وأخيرا على الإدارة السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.