إذا كنت من هواة الإبهار البصرى، فلا بأس من مشاهدة الجزء الثالث من سلسلة أفلام «الرجل الحديدى» أو «IRON 3MAN » الذى تم تنفيذه بتقنية البعد الثالث، بتكلفة 200 مليون دولار وبنفس بطل السلسلة صاحب الحضور الواضح «روبرت داونى» لا تشغل نفسك كثيرًا بحبكة الفيلم المتهافتة، ولا بالطريقة التى رُسمت بها شخصيات هى بالأساس قادمة من عالم الكوميكس، هدف هذه الأفلام أولًا وأخيرًا هو الإبهار والاستعراض التقنى، واللعب دومًا على نموذج البطل الفرد المنقذ (سوبر مان / باتمان/ سبايدرمان) مع محاولة إضافة لمسات هنا أو هناك عن أبعاد نفسية أو اجتماعية لكل نموذج، التسلية بالتأكيد هدف جميل ونبيل، والسينما بالأساس من أكثر الفنون ترجمة لفكرة الأحلام المستحيلة أو الخارقة، ولكن المشكلة أنك لن تتذكر الكثير مما شاهدت بعد أكثر من ساعتين من متابعة الصور المتحركة! الرجل الحديدى كما قدمه «روبرت داونى» قوته ليست فى جسده ولكن فى البدلة الحديدية التى يرتديها، والتى تجعله قادرًا (ماشاء الله) على الطيران، وهى بمثابة درع من الصلب يحمى صاحبه «تونى ستارك» من القنابل والرصاص، الحقيقة أنه يبدو كما لو كان يتحكم فى إدارة مدرعة من الداخل كما يتواصل مع «جارفيس» ملاكه الحارس الالكترونى الذى يمنحه المعلومات ويرسم له طريقة الحركة عبر المدن والشوارع،يبدأ الجزء الثالث الذى أخرجه «شين بلاك» فى برن بسويسرا،ليلة الاحتفال برأس السنة، فى اليوم الأخير من عام 1999، يظهر «تونى ستارك» وهو بصحبة صديقته عالمة النباتات «مايا هنسن» (ريبيكا هول) يقابلان بالصدفة شابًا يقدم نفسه باعتباره صاحب مشروع لتقنيات الأفكار المبتكرة ولكن «تونى» يتجاهله، فجأة تعود إلى هذه الأيام فى كاليفورنيا، حيث يظهر «تونى» وهو مشغول بإجراء تجارب على بدلته الحديدية الجديدة، هذه الانشغالات تُزعج حبيبته «بيبر» (جونيت بالترو» مثل أى أمرأة لا تريد أن ينشغل عنها من تحب، هى أيضًا مهتمة بمتابعة الأبحاث التقنية الجديدة، ومع ذلك ترفض أن توافق على مشروع يتقدم به «ألدريتسن كيليان»(جاى بيرس) وهو نفس الشاب الذى قابله تونى فى سويسرا عام 1999م كيليان لديه فكرة التأثير على خلايا الدماغ، والسيطرة على الحامض النووى للإنسان من خلال تقنيات معقدة. تنبنى الأفلام المأخوذة عن القصص المصورة على الثنائية الحادة التقليدية: البطل أو الشجيع فى مقابل الشرير، وشرير فيلمنا يطلق على نفسه أسم «ماندارية» (بن كينجسلى) نراه فى شرائط فيديو أقرب إلى هيئة وأسلوب أسامة بن لادن، وهو يختار أمريكا عدوًا له كالمعتاد، ويُنسب إليه تنفيذ 9 عمليات إرهابية، بل إنه يهدد الرئيس الأمريكى «أليس» شخصيًا بالدمار، وعندما يقوم ستارك «الرجل الحديدى» بتحدى ماندارية إثر عملية إرهابية يلجأ الأخير إلى الهجوم بالصواريخ على مقر «ستارك» يعتقد الجميع أن الرجل الحديدى قد مات، ولكن البدلة تقوم بدورها، فيجد نفسه فى «تينسى» للبحث عن سر تفجيرات الإرهابى الذى يشبه بن لادن، ويبدو أقرب ما يكون إلى الجنون، وبمساعدة طفل صغير اسمه «هارلى» (يغازل جمهور هذه الأفلام من الأطفال) يكتشف «ستارك» أشياء لا تخطر على البال، أولها أن العمليات الإرهابية استخدم فيها أشخاص عاديون بحيث يبدو الأمر كما لو كان انتحارًا، وثانيها أن هناك مشروعًا علميًا يديره سرًا «ألدريتسن كيليان» كان الهدف منه أصلًا علاج الجنود من الشلل أو الإصابات التى تمنعهم من الحركة، ثم أصبح وسيلة لاستخدامهم، بعد حقن أجسادهم، للقيام بعمليات إرهابية ضد أمريكا، لصالح الأخ «كيليان»! ولكن أهم اكتشافات «ستارك» هى أن شخصية «ماندارية» التى تظهر فى رسائل تحذيرية، ليست فى الحقيقة إلا ممثل بريطانى سكير يستخدمه «كيليان» لأداء دور الإرهابى المخيف، استغلالًا للمخاوف من بن لادن كما أن المواد التى تذاع عن شخصيته وعملياته الدموية أقرب إلى الإرهاب باستخدام «الفوتوشوب»، ويعنى كل ذلك أن شرير «الرجل الحديدى-3» هو «ألدريتسن كيليان» وأنه يعمل من وراء شرير إفتراضى هو الممثل السكير! بعد تفصيلات كثيرة، يبدو الفيلم حائرًا فى تفسير الشرَّ الناتج عن تصرفات «كيليان»، فمّرة يبدو وكما لو كان ينتقم من تجاهل «ستارك» له فى حفلة رأس السنة بمدينة «برن» السويسرية عام 1999،ومتى يبدو كما لو كان «كيليان» يمارس الإرهاب للإرهاب على غرار «الفن للفن»،وأخيرًا يستقر السيناريو على سبب متهافت وهو رغبة «كيليان» فى اختطاف وقتل الرئيس الأمريكى«أليس» شخصيًا،وتنصيب نائبه بدلًا منه ليخضع له تمامًا،لأن نائب الرئيس يطمع فى الاستفادة من «كيليان» لشفاء ابنته القعيدة المهم أن الفيلم يريد سببًا وصولًا إلى المعركة النهائية الطويلة التى يختلط فيها الحابل بالنابل إذ يقوم كيليان بخطف «بيبر» حبيبة «ستارك»، وتقتل ماياهنسون التى تساعد كيليان فى مشروعه و يختطف بالمرة «جيمى رودسى» (دون شيدل) وهو أحد الرجال الذين يريدون البدلة الحديدية لمواجهة الإرهاب، ثم يختطف «كيليان» الرئيس «أليس» شخصيًا مع أنه كان يستطيع التخلص منه دون خطفه، وربما يكون الوحيد الذى نجا من هوية الخطف عند «كيليان» هو مخرج الفيلم نفسه! لن أصدعك بالتفصيلات والمبالغات الأمريكانى فى القيادة، المهم أن ستارك سيهزم الشرير،وسيقرر فى النهاية أن يتخلى عن البدلة الحديدية التى غارت منها «بيبر» هانم، الفرد من جديد سينقذ أمريكا ورئيسها، إنها الوجبة المعتادة،بالإتقان الاحترافى للخدع والمؤثرات مع موسيقى رائعة (برايان تايلور) استخدام فيها آلة الكورنو مع الطبول، قد يكون الإرهابى مجنونًا أو غاوى تفجيرات ولكن الرسالة واضحة: «البدلة موجودة والمنتج موجود وسنقاوم تفجيرات،الإرهاب حتى لو كان «فوتوشوب»!