ظل النظام السابق موصومًا بعار الاستعانة بالبلطجية لفرض هيمنته وإحكام قبضته الحديدية، حيث كانوا عونًا للعادلى وزبانية وزارة الداخلية السابقين فى البطش بالمعارضين فى أية مواجهات أو معارك سياسية خصوصًا الانتخابات..ومؤخرًا ومع تصاعد وتيرة العنف وظهور أنماط جديدة من المواجهات بلغت حد إراقة الدماء عادت أصابع الاتهام تشير إلى استئجار بعض الأحزاب أو الفصائل أو الرموز السياسية بلطجية للبطش والتصدى والتنكيل بالمعارضين لهم.. «أكتوبر» تفتح هذا الملف الشائك خاصة بعد استدعاء عدد من النشطاء والسياسيين للتحقيق فى بلاغات ضدهم بتهم التحريض على العنف والحرق والتخريب. وحول رؤيته لهذه القضية الشائكة يقول اللواء ممدوح كدوانى محافظ سوهاج السابق ومساعد وزير الداخلية الأسبق إنه لا علاقة للبلطجى بالسياسة وإنما يتقاضى أجرًا لكى يشيع الفوضى لأنه بلا فكر سياسى، مشيرًا إلى أنه يمارس البلطجة بطبيعته حيث إن لديه ميولا عدوانية فهو يمارس العنف بكافة الطرق بدون هدف لافتًا إلى أن البلطجية يتم تصنيفهم لدى أجهزة الأمن، فهناك من يتم استئجارهم لأعمال التخريب وهناك آخرون لأعمال الحرق أو السرقة، ويضيف أن ما حدث فى المقطم هو مواجهات بين تيارات سياسية كل فصيل يحاول فرض رؤيته السياسية وتواجده على الشارع وقد يتخلله وجود بعض البلطجية ولكن بأعداد قليلة قد يجدون من الزحام وسيلة وجوا مناسبا لممارسة أنشطتهم فى السرقة والنهب ولكن بصفة عامة هى صراعات سياسية بين التيارات المتنازعة لفرض رؤية كل منها على الشارع السياسى المصرى. وأوضح أن عالم البلطجة لا يعرف السياسة فهو بلا وعى حيث يضم أشخاصًا يعانون من البطالة ويسعون للحصول على مقابل مادى ولو نظير عمل غير قانونى أو مشروع وهو ليس له علاقة بالسياسة ولكن لا يمنع من استخدامه فى ألعاب السياسة القذرة وحاليًا لا نستطيع أن نفرز المتظاهرين من بين البلطجية محذرًا من خطورة تحول المواقف والخلافات السياسية وردود الأفعال تجاهها إلى عنف وبدون ترتيب مسبق، مشددًا على أنها بيئة خصبة للبلطجية ومطالبًا بتنفيذ القانون على الجميع دون استثناء وتطبيقه على جميع الفئات والأشخاص إضافة إلى تطبيق العدالة بمساواة تامة وأيضًا مراعاة الأبعاد الاقتصادية والمطالب الفئوية والمجتمعية مثل وجود البطالة والمشاكل الاقتصادية التى تتفاقم وارتفاع الأسعار وغير ذلك من المشاكل التى يجب البحث عن حلول لها. ويضيف أنه على أجهزة الأمن أن تقوم بتفعيل دورها إلى أقصى درجة، فالقانون لابد أن يأخذ دوره ولابد من مواجهة العنف والتصدى لحوادث البلطجة التى تخترق القانون وتحاول كسره دون أى رادع قانونى أو عقابى، حيث إن للشرطة دورها ومسئوليتها وعليها أن تمارسها بكل جدية وحسم دون أى تراخ تجاه حوادث البلطجة وفى مواجهة البلطجية وكل من يخالف القانون لأن الشرطة هى المسئولة عن ضبط الأمن وإنفاذ القانون. يؤكد اللواء عصام عصفور مساعد وزير الداخلية السابق والخبير الأمنى أن بعض الأحزاب السياسية تستخدم البلطجية فى الانتخابات من خلال المندوبين أو بعض المأجورين بالمال فى سبيل حماية نفسها والدفاع عن تواجدها. مضيفًا أن علاقة الأحزاب بالبلطجة من أجل السيطرة المؤقتة فقط على الشارع ومن أجل الدفاع عن نفسها ووجودها وهذه البلطجة لابد أن تقابلها بلطجة أخرى من سماتها العنف الحالى الذى يشهده المجتمع حاليًا. مطالبًا قيادات الأحزاب ومسئولى المجتمع المدنى بتهدئة الجماهير وإعطائهم الأمل فى حياة أفضل ومنحهم رسالة حقيقية وليست خيالية نحو الانتقال إلى واقع أفضل. ويرى اللواء أبو القاسم أبو ضيف مساعد وزير الداخلية مدير أمن أسيوط أنه لاتوجد علاقة بين الأحزاب السياسية والبلطجية فى أسيوط لأن المجتمع معروف لبعضه وتحكمه عصبية وقبلية ويصعب التدخل فيه من قبل البلطجية، ويعتبر من العيب الاستعانة بالبلطجية لأنه يعنى عدم مقدرة العائلة على حماية أفرادها، مما ينقص من قدرها الاجتماعى بين الآخرين وهذا ينطبق على محافظات الصعيد جميعها فى أسيوط وفى سوهاج وقنا والأقصر وأسوان. ويضيف انه لا يوجد فى الصعيد أطفال الشوارع ولكن يمكن أن يوجد التشرد أو التسول أو بيع السلع التافهة مثل المناديل وغيرها وهى أعداد بسيطة تنتشر فى القطارات وهؤلاء أطفال وليسوا كبارا فى السن، وهى أعداد لا ترقى لمرتبة الظاهرة لأنها تعتبر عيبًا فى المجتمعات المغلقة ومنها الصعيد لأن الناس تعرف بعضها البعض وهى تعتبر عيبا وتمتد الآثار الجانبية إلى أفراد الأسرة، أما فى القاهرة وغيرها من المدن فهى مجتمعات مفتوحة ويمكن أن تستوعب هذه الظاهرة ومفهوم العيب يختلف ولا يصل إلى درجة المعايرة أو الخطأ. وأوضح أن الذين ينتقلون فى أتوبيسات لصالح تيارات معينة مثل الإسلاميين فهم يقومون بذلك لانتمائهم الحزبى وليس لممارسة البلطجة فما يحركهم هو عقيدتهم الحزبية وانتماؤهم السياسى. ويؤكد اللواء أبو القاسم أن ممارسة السياسة والعمل الحزبى لا ترتبط بالبلطجة ولكن هناك من يمارس السياسة بمهنية فليس كل بلطجى سياسيا وليس كل سياسى بلطجيا وهناك أناس يمارسون السياسة لكنهم بعيدون عن البلطجية والبلطجة. ويضيف اللواء أبو القاسم أن هناك مبالغة وخلطا بين البلطجة والانتماء الحزبى، فالانتماء قد يكون أكثر شراسة من الشخص المؤجر أو البلطجى الذى يتم تأجيره للقيام بفعل لأن العقيدة والدافع أقوى لديه من الآخر فهو يدافع عن مبدأ أما البلطجى فهو يدافع عن المبلغ الذى حصل عليه ودفاعه سيكون فى حدود هذا المبلغ وهو يرتكب فعلته من أجل الحصول على مبلغ مالى لا أكثر ولا أقل. مواجهة البلطجة ويؤكد اللواء عبد الموجود لطفى مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة أن الدور الأساسى للأمن هو مواجهة البلطجة والتصدى لها ومواجهة الجريمة بحسم والقبض على المجرمين وإحالتهم إلى النيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية تجاههم. ويضيف أن دور الأمن يتمثل فى ضبط المجرمين الذين يرتكبون أية جرائم تخل بالأمن العام أو تتسبب فى ترويع المواطنين حيث يتم اتخاذ الإجراءات حيالهم وإحالتهم إلى النيابات للتحقيق معهم فى جرائمهم. ويرى اللواء عبد الموجود لطفى أنه لا علاقة بين العمل الذى تقوم به الأحزاب السياسية والتى تمارس العمل الحزبى والسياسى وبين البلطجية أو ظاهرة البلطجة فالجرائم التى يرتكبها البلطجية هى جرائم جنائية يعاقب عليها القانون لذا يتم ضبط البلطجية أثناء ممارستهم للبلطجة، وتتم إحالتهم إلى النيابة التى تتخذ الإجراءات القانونية حيالهم وتقوم بحبسهم على ذمة هذه القضايا. وأوضح اللواء أحمد سالم جاد مساعد أول وزير الداخلية بقطاع شرق الدلتا أن هناك بلطجية يتم تأجيرهم باليوم وهم معروفون وقد قمنا بضبط 16 شخصًا منهم جاءوا من محافظة الغربية وبالتحديد من المحلة ليمارسوا البلطجة فى المنصورة وقد اعترفوا أمام أجهزة الأمن وأمام النيابة العامة بالمنصورة أيضًا والتى أمرت بحبسهم 4 أيام ثم 15 يومًا أخرى على ذمة التحقيق. ويؤكد مصدر أمنى أن الحوار والمصالحة والمصارحة والجلوس على مائدة الحوار والنقاش هى الأفضل للقضاء على البلطجة التى يتم ممارستها فى حالة الانشقاق والانفصال والتقسيم بين المواطنين وإصلاح المشاكل الاقتصادية التى هى الأساس فى كل المشاكل المجتمعية والسياسية الموجودة. 450ألف بدون عمل أما اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجى فيرى أن هناك ما يقرب من 450 ألف شخص بدون عمل يمارسون أعمال البلطجة نتيجة البطالة وذلك طبقًا لإحصاء تم إجراؤه فى عام 2008 ويضيف أن هناك بعض الفصائل يمكن أن تستخدمهم أو تستأجرهم فى أعمال البلطجة ويمكن أن تستخدمهم بعض التيارات السياسية أو الأحزاب من أجل تنفيذ أجندتها السياسية وهى بذلك تمارس أعمال بلطجة بالدرجة الأولى لأنها هى التى تستخدم هؤلاء العاطلين عن العمل وتقوم باستئجارهم لتنفيذ أعمال بلطجة سياسية.