رأينا أن الصكوك هى الحل السحرى لتمويل المشروعات كما جاء فى المقال الثانى.. وقد كان ذلك إجابة عن سؤال المقال الأول.. الصكوك.. لماذا؟ حيث تعد الصكوك وسيلة تمويلية تضاف إلى الوسائل الأخرى التى تعمل فى سوق رأس المال، فهل لنا أن نتذكر الوسائل الأخرى لتمويل المشروعات؟ لقد ذكرنا فى المقالين السابقين وسائل تمويل أى مشروع وتتلخص فى: 1- حقوق الملكية:- وتتكون من ( أ) رأس المال المدفوع (ب) الأرباح (ج) الاحتياطيات (د ) المخصصات 2- حقوق الغير:- ( أ) تسهيلات الموردين (ب) أوراق الدفع بجميع أنواعها (ج) التسهيلات المصرفية (تسهيلات البنوك) (?د ) حسابات جارية للشركاء والشركات الشقيقة (?ه ) القروض متوسطة وطويلة الأجل من البنوك (?و ) السندات (?ز ) الصكوك وكما ذكرنا تتكون حقوق الملكية من كل ما يخص أصحاب المشروع.. أى ما يملكه أصحابه، ولذلك سميت حقوق الملكية. فرأس المال المدفوع هو ما يقوم الشركاء بدفعه إلى المشروع فى شكل رأسمال نقدى أو عينى.. فمثلًا؛ إذا كان المشروع فرديًا نجد صاحب المشروع يخصص جزءًا من أمواله لفتح ورشة لممارسة حرفته مثل النجار الذى يخصص مبلغًا من أمواله لفتح ورشة نجارة والعمل فيها.. وكذلك الخباز.. والتاجر الصغير أو الكبير يخصص مبلغًا لتجارته.. وإذا كان المشروع جماعيًا فأصحابه سوف يؤسسون شركة لتنفيذ المشروع.. وتكون هذه الشركة مستقلة عن أصحابها.. ويقوم كل شريك بسداد نصيبه فى رأس المال المدفوع.. وقد تتأسس الشركة الجديدة فى شكل شركة أشخاص أو شركة أموال. ومن المعروف أن شركات الأشخاص تتكون من أشخاص يعرف كل واحد منهم الآخر معرفة شخصية؛ فصاحب الورشة أو الدكان قد يشرك أبناءه أو معارفه معه فى ورشته أو دكانه فيكونون بذلك شركة أشخاص، وهى إما أن تكون شركة ذات مسئولية محدودة بمعنى أن يكون صاحب الورشة هو الذى يديرها ويسمى فى هذه الحالة بالشريك المتضامن ويسمى شريكه أو شركاؤه بالشريك أو الشركاء الموصين. وإما أن تتخذ الشركة شكل شركة التضامن وفيها يقوم الشركاء بالتضامن مع بعضهم فى دفع رأس المال وإدارة المشروع. وإذا كان الشركاء لا يعرف بعضهم بعضًا فإن الشركة التى تتكون هنا تسمى شركة أموال ومن أمثلتها الشركات المساهمة، فكل مساهم شريك فى هذه الشركة.. والشركات ذات المسئولية المحدودة.. حيث لكل شريك حصة فى رأس المال.. وشركات التوصية بالأسهم، ولكل مساهم حصة فى الشركة. ولكن ما علاقة ما ذكرته سابقًا بسؤال هذا المقال:- كيف تنجح الصكوك؟ عزيزتى القارئة.. عزيزى القارئ. لو عرفنا كيف تمول المشروعات؟.. وكيف تدار؟.. لو عرفنا كل أداة من أدوات التمويل كيف تتكون؟.. وكيف تعمل؟.. وما هى حقوق والتزامات أصحاب الأموال فى كل أداة أو وسيلة من وسائل التمويل؟ لوعرفنا كل ذلك لاستطعنا أن نجيب عن ذلك السؤال إجابة شافية وافية مقنعة.. أليس كذلك؟ واسمحوا لى أعزائى القراء أن أستكمل وسائل تمويل المشروعات نقتنع لنستكمل تعريفات عناصر حقوق الملكية فى عدد قليل من السطور. فقد عرفنا أن رأس المال المدفوع وهو ما يدفعه صاحب أو أصحاب المشروع من أموالهم الخاصة ليؤسسوا به مشروعًا فإذا حقق المشروع أرباحًا فإنها تستحق أيضًا لأصحابه وهم لا يحصلون عليها فور تحققها ولكن غالبًا يحصلون عليها إما فى نهاية المشروع أو فى نهاية فترة زمنية قد تقاس بالشهور وهذه هى الأرباح التى تعد أحد عناصر حقوق الملكية. أما الاحتياطيات فكما يقول المثل الشعبى المعروف القرش الأبيض ينفع فى اليوم.. والاحتياطيات هى ما يتركه أصحاب المشروع من أرباح لا يصرفونها لتكون احتياطيا تستخدم فى ذات المشروع سواء لتحديث الآلات أو لمواجهة ارتفاع أسعار المواد التى يعمل فيها المشروع. أما المخصصات: فهى أموال يخصصها أصحاب المشروع من ناتج أعماله لسداد أى التزامات على المشروع.. فمثلا إذا كانت هناك فاتورة مستحقة على المشروع لصالح مورد؛ فإن أصحاب المشروع يخصصون الأموال اللازمة لسدادها وتسمى (مخصصًا) وغير ذلك من أنواع المخصصات.. كمخصص سداد أى أموال مستحقة للغير.. كالسندات أو الصكوك أو غيرها مما يجب سداده فور استحقاقه. ما سبق كان ملخصًا لأنواع الأموال التى يملكها أصحاب المشروع سواء كان مشروعًا فرديًَا أو شركة أشخاص أو شركة أموال. وكما علمنا فإن هذه الأموال تكون مملوكة لأصحاب المشروع يطلق عليها لفظ حقوق الملكية أى الأموال المستحقة لمالك أو ملاك المشروع أى أن المشروع عندما تتم تصفيته، فإن صافى هذه الأموال سيؤول لأصحاب المشروع.. ولنضرب بذلك مثلًا: إذا كنا بصدد مشروع صناعى صغير مملوك لعدد (4) أشخاص بالتساوى وكان رأس المال المدفوع (مليون جنيه) استخدمت فى شراء آلات ومعدات تشغيل وأراد أصحاب المشروع تصفيته فوجدوا أن إجمالى حقوق الملكية قد أصبح (ثلاثة ملايين جنيه) بيانها كالآتى: 1.5 مليون جنيه نقود سائلة 0.5 مليون جنيه آلات ومعدات 0.5 مليون جنيه مخزون 0.5 مليون جنيه مبنى المصنع 3.0 (ثلاثة ملايين جنيه) الاجمالى. وكان إجمالى حقوق الغير بجميع تقسيماتها والتى سوف نستعرضها فيما بعد واحد مليون جنيه، وبالتالى يصبح تقييم حقوق الملكية يبلغ 2 مليون (إجمالى حقوق الملكية) - 1 مليون (إجمالى حقوق الغير) = 2 مليون جنيه، وإذا بيعت الآلات والمعدات ب 250ألف جنيه والمخزون ب 750 ألف جنيه والمبنى ب 2.5مليون جنيه وسدد المشروع حقوق الغير من النقدية، إذن يصبح صافى حقوق الملكية كالآتى: 500 ألف جنيه رصيد نقدية. 250 ألف جنيه قيمة الآلات والمعدات.. محصلة نقدًا. 750 ألف جنيه قيمة المخزون المباع.. محصل نقدًا. 2500 ألف جنيه قيمة بيع المبنى. وبالتالى يصبح صافى حقوق الملكية 4 ملايين جنيه ويكون نصيب كل شريك من الشركاء الأربعة هو 1 مليون جنيه. أى أن كل شريك دفع 1/4 مليون جنيه وحصل على أرباح طوال عمر المشروع ثم أخذ نصيبه من المشروع وقدره مليون جنيه، وذلك بعد أن قام المشروع بسداد كامل حقوق الغير.. والآن أسمع أكثر من قارئ يقول.. أطلت علينا.. أين هى إجابة سؤال المقال كيف تنجح الصكوك؟ صبرًا أيها القراء الأعزاء.. سنبدأ الآن بيان حقوق الغير فى أى مشروع فإذا بدأنا بالعنصر 2/ أ (تسهيلات الموردين) فسوف نجد أن حقوق غير مالكى المشروع هنا تسمى تسهيلات الموردين، كما نعلم جميعًا أن المشروع أيًا كان نوعه لا يعمل بمفرده.. ولكن يتعامل مع مشروعات أخرى مكملة لنشاطه.. فنجد مثلًا المشروع التجارى.. يشترى بضائع من الموردين بأسعار الجملة ثم يبعها بأسعار التجزئة ليحقق أرباحًا.. والمشروع الصناعى يحتاج إلى مواد خام ليقوم بتصنيعها.. والمشروع الخدمى يحتاج إلى توريد أدوات أداء الخدمة.. إلخ.. وهكذا. ونرى كل يوم الموردين يوردون بضاعتهم للمشروعات.. ثم يحضر مندوبون عنهم بعد مدة من توريد البضاعة لتحصيل قيمة البضائع الموردة. فالمورد بذلك يترك فترة زمنية للمشروع التجارى لبيع كل أو جزء من البضاعة الموردة. وتختلف المدة حسب نوع المشروع فالمشروع الصناعى تتحدد فيه مدة التحصيل بحيث تكفى للتصنيع وبيع بعض أو كل المنتج النهائى.. وكذالك للمشروع الخدمى يجب أن تكون المدة كافية أيضًا لأداء الخدمة وتحصيل كل أو جزء من أتعاب أدائها. ولكن ماذا يجنى المورد من التسهيلات التى يقدمها للمشروع؟.. للإجابة عن هذا السؤال نجد أن المورد يستطيع بيع بضاعته التى وردها للمشروع إذا منح المشروع تسهيلات موردين طال زمنها أو قصر. نأتى إلى البند 2/ ب (أوراق الدفع بجميع أنواعها). فعندما يتعامل المشروع مع الغير.. فإنه قد يحصل على خدمة من الغير.. أو أى شئ ليساعده فى أداء عمله.. ويحرر بذلك سندًا أذنيًا أو شيكًا أو كمبيالة وتسمى هذه الأوراق التجارية بأوراق الدفع، وأسباب نشأة أوراق الدفع هى ذات أسباب نشأة تسهيلات الموردين. ثم نأتى إلى البند رقم 2/ ج من حقوق الغير : (التسهيلات المصرفية) (أو تسهيلات البنوك)، فنجد أن البنك قد يمنح المشروع تسهيلات ائتمانية، بمعنى أن المشروع يسحب جزءًا من الأموال على المكشوف؛ وهذه التسهيلات قد تكون مؤقتة أو قد يكون بها خط ائتمان دائم.. وقد يستخدمها المشروع لسداد التزامات عاجلة أو لاستخراج خطاب ضمان أو لفتح اعتماد استيراد. وهنا يتمثل ربح البنك من هذا النوع فى حصوله على فوائد وعمولات عند استخدام المشروع التسهيلات الائتمانية الممنوحة له. وبعد أن تعرفنا على الأنواع الثالثة الأولى من حقوق الغير؛ ننتقل معًا.. لنتعرف على النوع الرابع 2/د (حسابات جارية للشركاء والشركات الشقيقة)، فنجد أن المؤسسات والشركات التابعة لذات الملاك والتى يطلق عليها الشركات الشقيقة؛ فإذا أسست شركة قابضة مجموعة من الشركات سواء كانت أغراضها متكاملة أو غير متكاملة.. فإن العلاقات المالية تكون بين هذه الشركات الشقيقة.. متشابكة حيث يلجأ بعضهم لبعض للحصول على سيولة نقدية أو يلجأون جميعًا إلى الشركة القابضة وتتشابك تعاملاتهم المالية. ولكن نظرا، لأن لكل شركة شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص ملاكها؛ فهناك أيضًا استقلالية لكل شركة عن أشخاص الشركات الشقيقة، وكذلك عن الشركة الأم (الشركة القابضة) وتعد الأرصدة المستحقة للشركات الشقيقة من قبيل الأموال المستحقة للغير. وإذا تابعنا جولتنا مع حقوق الغير نجد أن البنك قد يمنح المشروع النوع الخامس من حقوق الغير2/ه (القروض متوسطة وطويلة الأجل)، ويحصل البنك على فوائد وعمولات عن منح واستخدام هذه القروض التى تساهم فى رأس المال المستثمر للمشروع. ثم نأتى للنوع السادس من أنواع حقوق الغير 2/و (السندات) حيث يجوز للمشروع إصدار سندات لتمويل رأس المال المستثمر، والسندات عبارة عن قروض يمنحها المكتبون فى السندات للمشروع مقابل حصولهم على فوائدة تسمى كوبونات يسددها المشروع للمستثمرين خلال مدة السند بالإضافة إلى قيمة السند. ومن المعلوم أن حقوق الغير لابد للمشروع أن يقوم بسدادها فى مواعيدها. ويسمى أصحاب الحقوق من غير المساهمين دائنين، وإذا حدث أن تقاعس للمشروع عن سداد ديوانه.. فيجوز للدائنين اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضده للحصول على مستحقاتهم بما فى ذلك اشهار إفلاس المشروع وتصفيته. وبعد أن تبين حقوق المساهمين وحقوق الغير. فهل لنا أن نذهب سويًا لكى نتعرف على المولود الجديد فى عالم الأوراق المالية والذى يطلق عليه اسم الصكوك؟ وهو يحمل فى مقالنا هذا رقم 2/ز (الصكوك) والذى يعد إحدى وسائل التمويل المتاحة للمشروعات. فقد أعدت وزارة المالية مشروع قانون الصكوك على أفضل ما يكون، وقام مجلس الشورى (برلمان مصر) بمناقشة مشروع القانون مع جميع أطياف الشعب ومتخصصيه، حيث عقدت لجنة الشئون المالية والاقتصادية بالمجلس.. عدة جلسات استماع شارك فيها كثير من أصحاب الفكر والرؤى من الأغلبية والمعارضة . وحضره أيضًا ممثلو الأحزاب السياسية ورجال الاقتصاد والمال. وقد استغرقت جلسات الاستماع ساعات طويلة ثم عرض الموضوع على المجلس بكامل أعضائه وتمت مناقشة مواده بالتفصيل ثم أرسل المشروع إلى رئاسة الجمهورية لإصداره. *??*??* ..لقد كتبت السطور السابقة تأريخًا للمولود الجديد فى عالم الأوراق المالية الذى بذل فى سبيل وجودة كل المختصين جهودهم على النحو سالف البيان لكى ينجح هذا المنتج الهام. ونأتى إلى الإجابة عن سؤال المقال: كيف تنجح الصكوك؟ يوضح الشكل رقم (1) الشروط الخمسة لنجاح الصكوك فى مصر وتتحدد هذه الشروط فى: 1 - وجود إطار تشريعى وقانون وتنظيمى مفصل وواضح لإصدار الصكوك.. 2 - وجود دراسات جدوى تفصيلية لمشروعات جاذبة استثماريا. 3 - استكمال البنية الأساسية للموارد البشرية المعنية بالصكوك. 4 - وجود دعم رسمى وإعلامى لإصدارات الصكوك. 5 - آلية واضحة ورسمية لإدارة الإصدارات. كما يوضح الشكل رقم(2) تحليلًا تفصيليًا من خمس خطوات للبناء التشريعى للصكوك: أ - إصدار القانون الجديد. ب - إعداد اللائحة التنفيذية لقانون الصكوك. ج - صدور قرار إنشاء الهئية الشرعية.. وبدء عملها. د - تشكيل لجنة تعديل معايير المحاسبة وعمل التعديلات اللازمة. ه - إنشاء وحدة الصكوك بوزارة المالية.. وبدء عملها. ومن الجدير بالذكر أن شروط النجاح وخطواته.. معلومة علم اليقين عند وزراء المالية، فالشكلان رقما 1و2 من إعداد الوزارة؛ وهو ما يؤكد الدراسة الدقيقة التى أجرتها الوزارة قبل مناقشة المشروع. أما بخصوص تحليل عناصر نجاح الصكوك.. فإن هذا موضوع المقال القادم. إن شاء الله.