فى زيارة خاطفة تم إحاطتها بسياج من الكتمان ذهبت السفيرة الأمريكية آن باترسون إلى الإسكندرية قاصدة ثلاثة أماكن حيوية لكنها مختارة بعناية لتخلط فيها الحق بالباطل كعادة الدبلوماسيين الأمريكيين فى تحركاتهم فى مصر، والأماكن التى يممت السفيرة الأمريكية وجهها شطرها هى : جامعة الإسكندرية وكنيسة القديسين وأندية الروتارى، وقبل أن نطرح التساؤلات حول الأسباب التى تقف خلف تلك التحركات تحديدا نلفت أن زيارة السفيرة المفاجئة جاءت بعد ثلاثة أيام فقط من زيارة سابقة للثغر التقت خلالها أعضاء الغرفة التجارية . ومن المحطة الثانية فى زيارة السفيرة نبدأ حيث اتجه موكب السفيرة إلى شرق الإسكندرية فى زيارة خاصة ومغلقة «للكنيسة القديسين» اصطحبت فيها آن باترسون كل أعضاء القنصلية الأمريكيةبالإسكندرية ورئيس القسم السياسى بالسفارة، واللافت أن أحدًا من أعضاء المجلس الملى أو وكيل البطريركية الأب روبس لم يحضر اللقاء.. والذى قام باستقبال السفيرة القمص «مقار فوزى» كاهن الكنيسة وعدد من القساوسة، وجوزيف ملاك محامى الكنيسة ومحامى أسر شهداء ومصابى حادث كنيسة القديسين الذى وقع ليلة رأس السنة عام 2011 والذى راح ضحيته 21 من أبناء الكنيسة،وجود المحامى فى توقيت الزيارة لا يعنى إلا أن الهدف هو هذه القضية تحديدا ومتابعة تطوراتها حتى ولو قامت السفيرة بإشعال شمعة والصلاة على روح الشهداء.. وسؤالها عن أسر الشهداء ووضعهم الحالى فقد سألت السفيرة أيضا محامى القضية عما وصلت إليه حتى الآن ونوع التحريات المطلوبة.. .. وجاوبها جوزيف ملاك المحامى وقال من ضمن ما قال إن الدولة المصرية غير متعاونة للكشف عن المجرمين الذين فجروا الكنيسة وانهم اقاموا دعوى ضد الدولة لعدم اهتمامها بالقضية وعدم وجود تحريات.. وبدورها وعدت باترسون بانها ستتعاون مع السلطات المحلية لكى يتم الإسراع فى اجراءات القضية .. لكن بالتأكيد ليس هذا هو كل شىء يتعلق بالقضية. الجامعة زيارة الكنيسة كانت قد سبقتها السفيرة بزيارة لجامعة الإسكندرية استغرقت ثلاثة ساعات التقت خلالها بالدكتور أسامة إبراهيم رئيس الجامعة ونوابه .. واستمعت السفيرة منهم لشرح تفصيلى عن نشاط جامعة الإسكندرية وكلياتها والبحث العلمى فيها.. والعملية التعليمية وعدد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وتوسعات الجامعة الخارجية فى دول تشاد واثيوبيا وجنوب السودان والبعثاث العلمية.. تساءلت السفيرة الأمريكية عن المشهد السياسى المصرى واستطلعت رأى قيادات الجامعة فى المشهد والقوى السياسية المؤثرة من سبل الخروج من وعقب خروج السفيرة الأمريكية من جامعة الإسكندرية .. علامة استفهام أخرى تتعلق باهتمام السفيرة بالوضع السياسى وهى تزور مؤسسة علمية .. ما وجه الارتباط؟! الروتارى اللقاء الثالث للسفيرة الأمريكيةبالإسكندرية كان مع أعضاء أندية الروتارى وعُقد فى أحد القاعات بوسط المدينة.. وفى اللقاء تحدثت باترسون لأعضاء الروتارى فقالت ان مصر قطعت خطوات كبيرة فى العامين الماضين أولها انتخابات حرة نزيهة أدت لانتخاب رئيس جديد على الرغم من الجدل الكبير الذى أثارثة عملية الانتخابات.. وجاء الاستفتاء مؤيدا للدستور الجديد. واستطردت باترسون تقول إن الانتخابات والدساتير جزء ضرورى من الديمقراطية.. لكنها ليست كافية.. لكى تستكمل مصر المرحلة الانتقالية المؤدية لدولة ديمقراطية حرة لأنها تحتاج أكثر من ذلك بكثير. قانون جديد للمنظمات وأضافت باترسون أن مصر فى حاجة إلى قانون جديد للمنظمات غير الحكومية يحدد دور المجتمع المدنى ويمكن هذه المنظمات من تسجيل نفسها ويحمى حقوقها.. وقالت إن مصر تحتاج الآن إلى التركيز على الاحتياجات الاقتصادية الأكثر اهمية للشعب المصرى موضحة إن الأرقام فى مصر ترسم صورة قاتمة فالاحتياطى النقدى فى مستوى حرج وما يقرب من 14 مليار دولار لا تكفى سوى ثلاثة أشهر من الواردات.. ولولا دفعات منتظمة من قطر وتركيا.. لأصبح الوضع خطيراً للغاية.. وأوضحت أن هذه الأرقام لاتأخذ فى الاعتبار مليارات الحكومة المتأخرة لشركات البترول.. كما أنها لاتسلط الضوء على ما تستورده مصر والمحددات الرئيسية للاستقرار الاجتماعى.. وإذا لم تستطع مصر دفع فاتورة الاستيراد.. فالناس لن ثجد تلفزيونات وسيارات وايضاً البنزين والكهرباء والمواد الغذائية.. ولابد من وجود طريق للخروج من الأزمة.. وقالت إن الكارثة بالنسبة للحكومة والقوى السياسية سواء فى السلطة أو المعارضة هو تجنب اتخاذ القرارات وعدم الحسم وتجاهل الحالة الاقتصادية للبلاد... وعندما يصبح التعامل مع إدارة الاقتصاد كمنتج ثانوى للخلافات السياسية بدلاً من وظيفة اساسية للقيادة السياسية يصبح مجتمع الاعمال فى محاولة لحماية نفسه بدلاً من الاستثمار وينمو الاستثمار.. كما أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولى بحاجة إلى الوصول إلى نقطة نهاية.. وختمت السفيرة الأمريكية حديثها لأندية الروتارى بالإسكندرية بقولها إن محرك النمو فى مستقبل مصر هو الشركات الصغيرة والمتوسطة وأنواع الشركات التى يمكنها الابتكار والنمو بسرعة أكبر من بقية القطاعات الاقتصادية.. وتحتاج الحكومة لتبسيط عملية الدخول فى الاعمال التجارية والحدمن الروتين والضرائب ولابد من الابتكار سواء بإدخال محاصيل جديدة للدلتا والتأكيد على أفكار جديدة يمكن أن يمولها القطاع الخاص للاستفادة من الكفاءات.