هل اقترب المتهمون فى قضية قتل المتظاهرين المعروفة إعلامياً ب «محاكمة القرن» من حبل المشنقة.. أم أن البراءة أو تخفيف الأحكام قد تكون هى النهاية الدرامية لهذه القضية الكبرى التى شغلت المصريين خاصة بل ربما العالم بأسره؟ هذه الأسئلة طرحتها «أكتوبر» على نخبة من رجال القضاء بعد قرار محكمة النقض بإلغاء الأحكام الصادرة من محكمة جنايات القاهرة سواء بالإدانة لمبارك والعادلى أو براءة نجلى الرئيس السابق والمساعدين الستة لوزير الداخلية الأسبق. فى البداية أوضح المستشار جمال القيسونى رئيس محكمة جنايات القاهرة أن الحكم الصادر من محكمة النقض بقبول الطعون بالنقض سواء المقدمة من النيابة العامة أو من المتهمين (مبارك والعادلى) ألغت الأحكام السابقة حيث ستتم إعادة إجراءات المحاكمة من جديد أمام الدائرة القضائية الأخرى التى ستنظر القضية. مضيفاً أنه إذا طالبت النيابة العامة فى طعنها ومرافعتها بتشديد العقوبة فسيتم تشديدها، أما إذا لم تطالب فى طعنها ومرافعتها ذلك فلا يجوز تشديد العقوبة ويعود موقف ووضع من نسب إليهم الاتهام فى القضايا الصادر حكم بإعادة المحاكمة فيها إلى الحالة السابقة التى كانوا عليها، مشيراً إلى أن قرار إخلاء سبيل أى من المتهمين يعود إلى هيئة المحكمة الجديدة التى ستتولى المحاكمة فهى من لها السلطة فى ذلك ولها تقدير كل ما يعرض عليها، وما يقدم لها من أدلة أو شهود ولها كل الحرية فى اتخاذ ما يلزم من ذلك. ويؤكد المستشار عصام فريد رئيس المكتب الفنى لمحكمة استئناف القاهرة أنه سيتم تحديد الدائرة القضائية الجديدة المختصة بمحاكمة مبارك ونجليه والعادلى ومساعديه الستة فى وقائع الاتهامات المختلفة المنسوبة إليهم عقب إيداع محكمة النقض أسباب حكمها وتسليمه إلى محكمة استئناف القاهرة. ويقول المستشار محمد إبراهيم الفقيه القانونى ونائب رئيس محكمة النقض السابق إن المتهم لا يضار بطعنه وأيضاً النيابة من حقها أن تطلب تشديد العقوبة وهنا سوف تبدأ المحاكمة من الصفر كأن القضية مقدمة لأول مرة أى أن المحكمة الجديدة غير مقيدة أو متقيدة بالحكم السابق سواء فى الحد الأقصى أو الأدنى للعقوبة وتستطيع النيابة أن تقدم أدلة جديدة والمحكمة تحقق الدعوى وكأنها مقدمة إليها لأول مرة، كما تستطيع المحكمة أن تستفيد من تحقيقات المحكمة السابقة غير متقيدة برأيها. الأدلة الجديدة ويضيف المستشار عادل الشوربجى نائب رئيس محكمة النقض أنه كقاعدة عامة بالنسبة لمساعدى وزير الداخلية السابقين فإن الإدانة ليست مفيدة فهم حصلوا على البراءة وقد تم إلغاء الحكم بناء على طعن النيابة والذى كان يقوم على ثبوت التهمة فى حقهم استجابت محكمة النقض لهذا الطعن. مضيفاً أن طعن النيابة إذا قبل فإنه يعيد المتهم إلى الحالة التى كان عليها وقت تقديمه للمحاكمة وعلى هذا الأساس يمكن للمحكمة أن تشدد العقوبة على المتهمين. وفى الحالة الثالثة قبول طعن المتهمين الذين صدرت ضدهم أحكام فهنا لا يضار الطاعن بطعنه فهنا العقوبة لا تزيد وأقصاها أن تكون العقوبة كما هى بناء على طعن المتهمين إذا نقض. ويؤكد المستشار إسماعيل البسيونى رئيس نادى قضاة الإسكندرية السابق أن المبدأ القانونى السائد والذى تطبقه محكمة النقض فى مبادئها وأحكامها أنه لا يضار الطاعن بطعنه فالنيابة طعنت على البراءة بالنسبة للمساعدين الستة لوزير الداخلية وأيضاً طعنت على انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم بالنسبة للحصول على الفيلات من حسين سالم كرشوة وتربح وموضوع الطعن أن المحكمة أخطأت فى تطبيق القانون بانقضاء الدعوى الجنائية وقد قبلت المحكمة الطعن على انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم بالنسبة للفيلات ولم تطعن النيابة العامة على الحكم بالمؤبد على مبارك والعادلى إنما المتهمان هما من طعنا لذا لا يضارا بطعنهما. ويضيف البسيونى أنه حتى لو جاءت أدلة جديدة فإنها لن تسرى على الرئيس السابق ووزير الداخلية الأسبق. وإنما تسرى على المساعدين الستة لوزير الداخلية وعلى حسين سالم وعلاء وجمال مبارك كمتهمين لقبول الطعن من النيابة بناء على أن الرئيس السابق استمر فى منصبه حتى 11 فبراير 2011 وبالتالى فلا يبدأ التقادم إلا من يوم 12 فبراير 2011. وفى هذه الحالة سوف تصدر المحكمة الجديدة حكماً فى هذه الجريمة باعتبار أنها جريمة تربح ورشوة وتسهيل الحصول على أموال عامة وجريمة الغاز أيضاً باعتبار أنها جريمة أموال عامة. ويعتقد أن المحكمة ستحكم فى هذه الجريمة على علاء وجمال وحسين سالم، ويضيف أنه بالنسبة للجنة تقصى الحقائق التى ترأسها المستشار عزت شرباش فإذا تقدمت بدليل ثابت أن مساعدى وزير الداخلية السابقين المتهمين أعطوا الأوامر بقتل المتظاهرين وثبت من الملفات الموجودة بالدليل القاطع فإن المحكمة ستحكم بإدانتهم فى هذه الحالة ولو لم يكن هناك أى دليل فإن المحكمة الجديدة ستعطى نفس الحكم بالبراءة ولأن القضاء الجنائى سيحكم بضمير القاضى فإنه سيطبق المبدأ المعروف أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته. ويؤكد المستشار البسيونى أن المحكمة فى حكمها اعتبرت جريمة الرئيس السابق ووزير الداخلية الأسبق جريمة سلبية وهى الامتناع عن حماية المتظاهرين ولم يصدرا أوامرهما بإيقاف ضرب النار والمحكمة فى المحاكمة القادمة لها حرية الاقتناع كأنها تبدأ من جديد ومن حقها أن تستمع لشهود جدد وتستمع للمرافعات والذى سيريح المحكمة فى هذه المحاكمة هى عدم وجود الادعاء المدنى الذى كان يسبب صخباً وضوضاء للمحكمة الماضية. نقطة الصفر أشار المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة الاستئناف بمحكمة استئناف الإسكندرية إلى أن هذه القضية برمتها عادت إلى نقطة الصفر لقبول الطعن من النيابة العامة ومن المتهمين ومسألة التشديد فى العقوبة أو التخفيف منها أو البراءة فهى أمر متروك لهيئة المحكمة التى ستنظر القضية كما لو كانت أول مرة بما لها من صلاحيات سماع شهود جدد أو إعادة التحقيقات مع من استمعت لشهادتهم لها أن تتخذ كافة ما تراه من إجراءات للوصول إلى الحقيقة. ويؤكد الخطيب أن تقرير لجنة تقصى الحقائق بحد ذاته لا حجية قضائية له ويلزم للتعويل عليه أن تقوم النيابة العامة بالتحقيق فيما ورد به من دلالة واستدلالات والوقوف على مدى جديتها ومدى كفايتها للقضاء بالإدانة على المتهمين، أما تقديم التقرير للمحكمة فهو لا يعدو أن يكون من القرائن التى يخضع تقدير جديته لهيئة المحكمة فى ضوء ما يعززه من أدلة أخرى لأن اللجنة بذاتها ليست لها صفة الضبطية القضائية مثل رجال الشرطة أو النيابة المختصين قانوناً وبالتالى فإن للنيابة العامة وما تجريه من تحقيقات أثر فعّال لإكساب قدر من الجدية ويقع عبء إثبات العكس على من يدعى ما يخالف الوارد به.