المفاجأة فى فيلم «عبده موتة» الذى كتبه «محمد سمير مبروك» وأخرجه «إسماعيل فاروق» أنه أفضل كثيراً مما قد تتوقعه استناداً إلى اسم الفيلم أو إلى أنه من إنتاج مصنع السبكى للأفلام الجاهزة «فرع أحمد السبكى»، بل إنه أفضل بمراحل من فيلم «الألمانى» الذى قام ببطولته أيضاً بطل فيلم «عبده موتة»، الموهوب «محمد رمضان»، ولكن فيلمنا مع ذلك أبعد بكثير عن إتقان الصنعة، هناك اضطرابات وثغرات فى السيناريو وهناك تخبط فى المعالجة ما بين الواقعية الخشنة والميلودراما الفاقعة على الطريقة الهندية، هناك أيضاً بعض المباشرة فى توصيل الفكرة مع أنه كان يكفى تماماً أن ترسم ملامح شخصيات ضائعة فى منطقة عشوائية، لم يكتمل الاجتهاد، ولم يتم الإقناع بتصرفات الشخصيات، وإن ظلت التجربة أفضل قليلا من أفلام السبكية التقليدية رغم وجود حشد من الأغنيات الشعبية. يستغرق السيناريو وقتا طويلا فى عرض شخصياته التى يحتار فيما بينها، وخصوصا النماذج النسائية المُحيطة ببطلنا «عبده موتة»، ستعرف عنه أنه «ديلر» مخدرات، ويريد أن يعمل مُستقلاً عن معلّمه «مختار العّو» «سيد رجب» الذى ينافسه أيضاً فى حب بائعة الفول الجميلة «أنغام» «حورية فرغلى»، يعرف «عبده موتة» القراءة والكتابة ولكن لديه تطلعات لجمع المال رغم أن والده كما سنعرف مات فى السجن ويتضح عدم حرفية كاتب السيناريو فى أن المتفرج سيعتقد أن «عبده موتة» محترف بلطجة مثل شخصية «الألمانى» وسبب الاعتقاد كثرة مشاهد المشاجرات والعنف رغم أن عبده ليس إلا ديلر مخدرات، التشويش يمتد أيضاً إلى الشخصيات النسائية التى لاتعرف بالضبط لماذا يبدو «عبده» متخبطاً بينها، هو يحب «أنغام» التى تطالبه بأن يعمل عملا شريفا، ولكنه أيضا لا يتردد فى يوم خطبته أن يقضى الليلة فى فراش الراقصة الإسكندرانية ربيعة «دينا» كما يتخلى بمنتهى الندالة عن جنين تركه فى أحشاء فتاة ثالثة، وبينما بدت علاقة «عبده موتة» واضحة العداء ومجالاً للصراع ضد مُعلمّه السابق «مختار العو»، إلا خيانة صديقيه «شادى خلف» و«مجدى بدر» بدت أمراً غير مبرر وغير مفهوم، كما أن موافقة والد «أنغام»، الذى يلعب دوره «صبرى عبد المنعم»، على ارتباط إبنته ب «عبده» المسجل الخطر والسوابق، كان أمراً غريباً، ولا يُبرره أن يعمل سائقاً عند رجل ثرى، ولكن المشكلة الأخطر جاءت فى غلبة الميلودراما الفاقعة على الأحداث سواء فى حكاية حمل أخته «علية» «رحاب الجمل» من صديق شقيقتها، مما يؤدى إلى قيام عبده بقتل صديقه، أو فى حكاية تورط «عبده» فى جريمة لم يرتكبها مما يؤدى إلى تنفيذ حكم الإعدام فيه. وهو أمر ليس سهلا إذا تحتاج تلك القضايا إلى إجراءات معقدة ومنضبطة، وفى مشهد النهاية يلقى «عبده» خطبة مباشرة يؤكد فيها أنه كان يريد أشياء لم تتحقق يمكن أن تجعل حياته أفضل. من ملامح الميلودراما أيضا إصابة طفل الراقصة «ربيعة» بالسرطان والانتقام منها بحرقها فى سريرها، وكلها مبالغات أضرت بالفيلم الذى قدم مع ذلك صورة واقعية لشخصيات نابغة ربما يكون قدرة «محمد سمير مبروك» ككاتب حوار أفضل من قدرته كسيناريست ولكن ذلك لا يقلل من شأن جهد فريق الممثلين وخاصة «محمد رمضان» و«حورية فرغلى» و«دينا» الذين قدموا مشاهد جيدة ومؤثرة وصادقة.