اليانور روزفلت ( 1884- 1962) هى زوجة الرئيس الأمريكى الثانى والثلاثين فرانكلين روزفيلت.وهو الرئيس الأمريكى الوحيد الذى فاز فى أربعة انتخابات رئاسيّة متوالية فى 1932، 1936، 1940، 1944. فى عام 1951 تغيّر الدستور الأمريكى وأصبح لا يسمح لأى رئيس إلا بفترتين فقط.مرّت أمريكا أثناء حُكم روزفيلت بأحداث مهمة منها الركود الاقتصادى الكبير، والحرب العالمية الثانية. الزوجة اليانور كانت مهتمة جداً بحقوق الإنسان وكانت تكتب عموداً يوميا فى جريدة نيويورك تايمز، وعموداً شهرياً فى مجلة متخصصة بشئون المرأة. أثارت موضوع عمل الأطفال بينما هم تحت السّن القانونية.. وعملت على وأده فى بلادها. كانت ترى أن ثقافة حقوق الإنسان لا تتبلور من الخُطب الرنّانة أو من حوارات المتخصّصين مع أجهزة الإعلام.. أو فى المؤتمرات الباهظة التّكاليف أوندوات الصّفوة.. التى تضمّ كبار القانونيين والسّياسيين. بل تتبلور هذه الثقافة فى أماكن صغيرة جداً وقريبة لنا جداً. فى البيوت وبين العائلات. فى المُدن والضّواحى والأحياء. فى القرى وفى العِزب والنّجوع. فى المدارس وفى الجامعات. كانت اليانور روزفيلت ترى أنّ الشعوب إذا لم تُدْرِك حقوقها وواجباتها ابتداء من الأسرة..فإن الحكومات ستكون أوّل من ينتهك تلك الحقوق. فالحديث الذى لا ينقطع فى أغلب برلمانات العالم وحكوماته عن حقوق الإنسان وكيْف أنها مصانة بالدّساتير والقوانين.. تكون غير ذى جدوى فى حالة تطبيقها على شعب لا يسعى الى الحصول على حقوقه. وترى اليانور روزفيلت أيضاً أنّ كثيراً من طُلّاب الحقوق فى جامعات العالم غالباً ما تكون لديهم أحلام رومانسية وهم يُولّون وجوههم صَوْب جنيف ..ويرون أن معاهداتها لِحقوق الإنسان ستُمكّنهم من تقديم خدمات عظيمة للإنسانيّة. حتى إذا فاجأهم الواقع المرير تذهب هذه الأحلام الوردية هباء إلى أدراج الرّياح.. إذا لم تكن وراءها ثقافة شعب يحميها. هذا لا يعْنى التّغاضى عن مسئوليّة الحكومات فى توفير المناخ اللازم لمُمارسة شعْبها لحقوقه. فحقوق الإنسان الّتى أقرها له الذّكر الحكيم فى أنه على هذه الأرض لا يجوع ولا يعْرى ولا يظمأ فيها ولا يضْحى.. . أحلامنا الكبيرة فى مُجْتمعات تتوافر فيها حقوق إنساننا تبدأ بأفعال صغيرة فى بيوتنا وفى شوارعنا وفى قُرانا. لعل وعسى.