نظمت الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية برئاسة د. عبد الناصر حسن ندوة بعنوان «السادس من أكتوبر بين الفن والتاريخ» وذلك بمناسبة الاحتفال بذكرى السادس من أكتوبر، حضر الندوة لواء بحرى نبيل عبدالوهاب ولواء بحرى عمر عز الدين، وهما أحد أبطال معركة رأس العش وفيلم الطريق إلى إيلات، بالإضافة إلى الممثل الشاب هانى كمال، وثروت رشاد نقيب المعلمين بالساحل والخبير فى التربية والتعليم. فى بداية كلمته حيا د. عبد الناصر حسن رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية أبطال وشهداء حرب أكتوبر المجيدة، وقال حسن إن هذا اليوم أثبت أن الإنسان المصرى قادر على الخروج من كبوته بشكل سريع، فبعد هزيمة 1967، استطاع الجندى المصرى أن يثبت أمام العدو ولعل أكبر مثال على ذلك موقعة رأس العش التى تمت بعد الهزيمة بأيام والتى أثبت فيها المقاتل المصرى أنه مقاتل قوى وشرس وقادر على فرض إرادته. وأكد حسن أن مشكلتنا الأساسية هى أننا ليس لنا قدرة على الاستمرار فى الميدان وهذه أخطر مشكلة تواجه ذلك الجيل لذا أدعو إلى اصلاح أنفسنا اولاً فنحن فى مرحلة خطرة فالدول التى كانت فى وضع مشابه لمصر كالصين واليابان وكوريا أصبحوا من اقوى الدول،والصين التى ليس لها موارد انما تمتلك فقط عنصراً بشريا نهضت وتقدمت وأصبحت فى مصاف الدول القوية اما نحن فنعتبر العنصر البشرى عنصراً معوقاً. لدينا خلطاً فى المفاهيم فالمفهوم الحقيقى للعدالة ليس أن يأخذ كل منا مثل الآخر ولكن يأخذ كل منا ما يستحقه حسب عمله. وأضاف أن تراكم الفساد لسنوات طويلة لن يصلحه إلا تراكم معرفى مضاد، وهذا لن يأتى الابإعطاء الإنسان العصرى حقه وقيمته واحترامه واحساسه بذاته وتساءل كيف نحاسب شخصاً يشعر طول الوقت بالظلم والاهانة والاضطهاد. أضف إلى ذلك الروح الانهزامية التى تأصلت فى المصرى فليس لدينا قدرة على الأمل فالنظام القديم لم يقتلنا معنويا فقط بل قتل احلامنا فى ابنائنا وأصبح امل الاب ان يجد ابنه فى نفس المكان الذى يعمل به فأصبحت المصالح عائلات وأقارب دون النظر للمصالح العامة. ومن جهة اخرى قال إن التوثيق للتاريخ المصرى والانتصارات المصرية أحد أهم حقوقنا وان قانون المحفوظات لم يعد قادراً على الوفاء بمتطلباتنا لذلك طرحنا تصوراً لقانون جديد وقدم لمجلس الشورى وقد نوقش فى إحدى الجلسات عند طرح المشروع وأصبحت الآن المعرفة حقاً أصيلاً للمواطن. واظهر حسن استياءه من عدم الاضطلاع على وثائق حرب 56 وحرب 67 وحرب 73 مؤكداً أنه لم يفرج حتى هذه اللحظة عن وثائق تلك الحروب ومن ثم اكدنا فى مشروع القانون الجديد على حق التغطية لدار الوثائق خاصة وان هناك الكثير من الوزارات تضع وثائق على درجة كبيرة من الأهمية فوق أسطح الوزارات تتعرض للأمطار والعوامل الجوية او تضيع وفى نفس الوقت لاتوافق تلك الوزارات ان يعطى لدار الوثائق تلك الوثائق المهمة فى حين أن لديهم كما مهملاً لذا طلبنا حق التغطية. وفجر د. عبد الناصر اثناء الندوة مفاجأةحين اعلن انه بالاعتماد على وثائق دار الكتب والوثائق القومية وبمعاونة الهيئات المعنية بالقوات المسلحة اخرجنا ما يثبت أن الجندى المصرى شارك فى الحرب العالمية الاولى وتم تقديم ذلك للمحكمة الدولية وفى هذا العام لأول مرة سيرفع علم مصر ضمن شهداء الحرب العالمية الأولى. تحدث لواء بحرى عمر عز الدين عن رأس العش قائلا إننا بدأنا فى الاعداد لسلسلة من العمليات تقوم بها الضفادع البشرية بعد هزيمة 1967 وكانت فى سنتى 1969، 1970 ولم تكرمنا أية جهة حتى 1994 عند عرض الفيلم فالفن بالفعل يحدث انقلاباً فلولا الفيلم لما عرف عنا أحد. ويقول عز الدين بدأت قصتنا فى عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر خاصة بعد أن عاثت إسرائيل فساداً وأصبحت تضرب اهدافنا فى العمق فى نجع حمادى والشرقية وأبو زعبل وفى أحد اللقاءات فى مجلس الوزراء قال عبد الناصر اتمنى ان نضرب إسرائيل فى عقر دارها فرد عليه قائد القوات البحرية محمود فهمى عبد الرحمن إننا مستعدون لإدخال ضفادع بشرية لضرب موانى إسرائيلية فى حيفا وإيلات وتم التحضير لخطة محكمة لضرب ثلاثة موانى وقد استطعنا ضرب بعض الاهداف وكان آخرها تدمير الرصيف الحربى حتى وصل الأمر بموشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى أنه قال «من هنا ورايح لن يدخل صرصار مصرى ميناء ايلات» ويقصد بذلك الضفادع المصرية رغم ذلك قمنا بعمليات ناجحة فى إيلات. ويقول اللواء نبيل عبد الوهاب إن الجيش المصرى نفسه لم ينهزم فى 1967 ولكن ماحدث فى اعتقادى هو قرارات سياسية خاطئة لأن الجيش الذى حارب فى 1967 هو نفسه الذى حارب فى 1973م. وأضاف ان عملية تدمير المدمرة إيلات مفخرة البحرية الإسرائيلية درست فيما بعد إذا كانت إيلات ذات تسليح عال وتم تدميرها بفكر استراتيجى كما أشار إلى أن عملية تدمير إيلات لم تكن هى العملية الوحيدة للضفادع البشرية فقد قامت الضفادع بعملية فى ساحل العاج ابيدجان ودمرت فيه حفار كنتج الذى كان معداً لإرساله لخليج السويس لاستخراج الوقود وقد مرت تلك العملية بعد مراحل وذهبنا خلفه فى عدة موانى الا اننا كنا نجد الحفار انتقل من ميناء إلى آخر، وقال كنا نشعر بالفخر عندما نقوم بأية عملية خاصة وان إسرائيل لم تكن تحارب على أراضيها لذا فإن اى نجاح كان بمثابة انتصار ودعم معنوى لكل اسلحة الجيش المصرى خاصة عندما قام موشيه ديان وزير الدفاع أنذاك بأتخاذ اجراءات مشددة لمنع اية عملية يقوم بها الضفادع وعلى سبيل المثال عمل شباك لمنع تسلل الضفادع والقاء الغام مائية بشكل كبير عشوائى وفى احدى العمليات تسببنا فى تكبيد العدو 14 جندياً من الضفادع البشرية وكان وقتها انجاز كبير لأن الضفدع البشرى جندى غالٍ له مواصفات خاصة ويتكلف الكثير من الوقت والتدريب. ويتحدث نبيل عن الاسرة فيقول نحن خمسة أخوة بنين فقد اخى الأكبر وكان ضابطاً فى البحرية سنة 1956 وكان مفقوداً فكانت الأسرة تعيش حالة من الحزن والترقب وبعد أربعة سنوات اعتبر من الشهداء ورغم حزن الاسرة إلا أنها لم تمانع فى التحاق أخى فى السنة التالية كضابط بحرية وكذلك أنا وشقيقاى وذلك عن رضا كامل من الوالدين هذا رغم أن الأحوال كانت تؤكد وتشير إلى أنه من الجائز دخول حرب أخرى ومن ثم استشهاد أحد الأبناء الا أن حب الوطن وحب الشهادة والواجب كان قوياً لدى الجميع. ورفض عبد الوهاب ما يقال حول أن القوات المسلحة أهملت الشهداء وقال إن شهيد القوات المسلحة لا يريد اى شىء فتكفيه الشهادة، ويضيف ان القوات المسلحة لأننا أبنائها فإنها تطلق اسماء الشهداء على السرايا واللواءات. وبالتالى تخلد اسماءهم هذا عكس شهيد هذه الأيام الذى تريد اسرته الشقة والوظيفة والسيارة أى أنهم يريدون مقابل تأدية ابنهم لواجب وطنى مقدس وهذا يتنافى مع عظمة اللقب وجماله. ويقول هانى كمال احد ابطال الفيلم السينمائى الطريق إلى أيلات رداً على ماقدمته السينما المصرية من تغطية الحروب المصرية وعلى رأسها حرب أكتوبر 1973م وحرب الاستنزاف.. ان فيلم «الطريق إلى أيلات» أنجز فى 22 شهراً تقريباً اى ما يقرب من سنتين ويعود الفضل إلى المخرجة انعام محمود على ولم تنس السينما المصرية شهداءها وابطالها فنجد العديد من الاعمال الفنية السينمائية والتليفزيونية الا أنه فى مصر النجاحات تعتبر فردية ونحن فى حاجة إلى مؤسسة حتى تستطيع تقديم أعمال فنية اكثر قوة وواقعية عن بطولات الجيش المصرى، ومن جهة اخرى يرى كمال اننا فى حاجة إلى شكل آخر من التربية والتفكير، فثورة يناير وماتبعها من فوضى الأن اجهضت الشكل الجميل امام العالم فنحن نحتاج إلى التمسك بالأمور الجميلة، فقد نظر العالم للثورة نظرة اعجاب.