التدخل المالى الذى لم يسبق له مثيل للملياردير اليهودى الأمريكى شيلدون أدلسون فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية يثير الكثير والكثير من الانتقادات ليس فقط فى الإعلام الليبرالى داخل الولاياتالمتحدة، فمنذ أيام نشرت صحيفة النيويورك تايمز مقالاً افتتاحياً لاذعاً وصفت فيه ما يقوم به أدلسون بأنه (مثال صارخ لحالة الانحطاط التى تتصدر فيها التبرعات السياسية جدول الأعمال الشخصى والأيديولوجى والمالى عند شيلدون أدلسون، والتى تتناقض وتتعارض بوضوح مع متطلبات الأمة). وفى المقال الذى حمل عنوان (ما الذى يريده أدلسون؟) قالت الصحيفة إن من بين الأسباب وراء التدخل المالى لأدلسون والذى يقدر بما يزيد على 60?مليون دولار هو «معارضته وكرهه لحل الدولتين فى النزاع الإسرائيلى - الفلسطينى»، وهو الحل الذى يؤيده الرئيس الأمريكى باراك أوباما وغالبية الإسرائيليين وأضافت الصحيفة الأمريكية أن «ميت رومنى» المرشح الجمهورى تتشابه أفكاره كثيراً مع هذا الأدلسون فهو يقول إن الإسرائيليين يؤيدون حل الدولتين، بخلاف الفلسطينيين الذين يريدون تدمير إسرائيل، لكن الانتقادات الموجهة لأدلسون بالذات آخذة فى التزايد، فقد صرح مصدر مقرب من الملياردير اليهودى الأمريكى لصحيفة وول ستريت جورنال بأن أدلسون على استعداد لتقديم تبرعات مالية لا حدود لها لإبعاد الرئيس باراك أوباما عن البيت الأبيض، وهو ما فتح باب النقاش على مصراعيه أمام حكم المحكمة العليا الصادر منذ عامين والذى يسمح بإنشاء (لجان عليا للعمل السياسى Super Pacs ). والمقصود بذلك هو منظمات لا ترتبط مباشرة بحملة هذا المرشح أو ذاك، ولكن يحق لها تمويل الدعاية فى وسائل الإعلام المختلفة، وكل ذلك بدون وضع حد أقصى للمبالغ المتبرع بها. وقد اعترف أدلسون نفسه مؤخراً بأنه يعارض هذا، لكن أشار فى نفس الوقت إلى أنه مادام هذا موجوداً ومتاحاً فعليه أن يستغله ويستفيد منه لوقف سياسة أوباما، وكانت حملة الانتخابات الرئاسية الخاصة بأوباما. وحتى الرئيس نفسه، قد عبرَّوا أكثر من مرة عن معارضتهم الشديدة لقرار المحكمة، لكنهم دخلوا اللعبة بزعم أنهم لا يمكنهم تمكين الجمهور من الاستفادة بما هو متاح دونما رد من جانبهم، وقد جاء فى بيان نشره الحزب الديمقراطى مؤخراً أن «أدلسون نفسه يعرف أن هذا مخالف لقواعد اللعبة الديمقراطية لكنه يقول مادام هذا متاحاً فأنا أمارسه، ونحن يمكننا إيقافه». لكن الانتقادات الموجهة لأدلسون سُمعت أيضاً داخل معسكر الحزب الجمهورى نفسه. فالسيناتور جون ماكين، الذى كان مرشح الحزب للرئاسة عام 2008، أعرب عن قلقه ومخاوفه فى مقابلة تليفزيونية، من التأثير المحتمل لما أسماه ب «المال الأجنبى» على معركة الانتخابات الأمريكية، وأشار فى حديثه إلى أن غالبية أرباح أدلسون تأتى من كازينو القمار الذى يملكه فى مكاو بالصين، كما وجه ماكين انتقادات عنيفة لقرار المحكمة العليا الذى وصفه بأنه (عدائى وجاهل ويتسم بالسذاجة). وأضاف ماكين: (أعتقد أن فضائح كثيرة أخرى سوف تتكشف، فهذا هو أسوأ قرار اتخذته المحكمة العليا فى القرن ال 21).