رغم أن حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب.. واعتباره غير قائم بقوة القانون قد مضى على صدوره اكثر من عشرة أيام.. لكن مازالت ردود أفعال هذا «الحل» مستمرة حتى الآن بين النواب الذين أصبحوا بين يوم وليلة يحملون لقب النواب السابقين وأيضاً بين الناس فى الشارع المصرى الذين يحاولون أن يفهموا ويحللوا ويدرسوا ماحدث وهل كان توقيت هذا الحل مقصوداً قبل انتخابات الرئاسة؟.. وعشرات أخرى من الأسئلة والملاحظات التى نحاول الإجابة عنها وإلقاء الضوء حولها فى السطور القادمة.. بعد أن أمضى هذا المجلس 141 يوماً فقط من دورته البرلمانية الأولى والتى بدأت فى 23 يناير الماضى، واستمرت حتى 14 يونية الحالى.. وأغلق البرلمان أبواب بالضبة والمفتاح أمام النواب السابقين.. وحاصر حرس المجلس أبوابه السبعة تساندهم قوات الأمن المركزى وتم منع النواب السابقين من الدخول تنفيذاً لحكم المحكمة الدستورية. وقد سلم بعض النواب السابقين بالأمر الواقع ورضوا بالحكم.. وقرروا احترام حكم المحكمة الدستورية العليا بحل المجلس بسبب أن النص غير الدستورى قد أتاح لكل من مرشحى الأحزاب السياسية إحدى فرصتين للفوز بعضوية مجلس الشعب، الأولى بوسيلة الترشيح بالقوائم الحزبية المغلقة، والثانية عن طريق الترشيح للنظام الفردى، بينما جاءت الفرصة الوحيدة المتاحة أمام المرشحين المستقلين غير المنتمين لتلك الأحزاب مقصورة على نسبة الثلث المخصصة للانتخاب بالنظام الفردى يتنافس معهم ويزاحمهم فيها المرشحون من أعضاء الأحزاب السياسية الذين يتمتعون بدعم مادى ومعنوى من الأحزاب التى ينتمون إليها من خلال تسخير جميع الإمكانات المتاحة لديها لدعمهم وهو ما لا يتوافر للمرشح المستقل غير المنتمى لأى حزب، كما قال منطوق الحكم. وللحق فإن المادة 38 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 كانت تقصر الترشح على القوائم الحزبية فقط أو الفردى، ولكن تحت ضغط الأحزاب خرج قانون الأحزاب بهذه الصورة وأصدر المجلس العسكرى الإعلان الدستورى فى 25 سبتمبر 2011 ليعدل المادة 38.. وقد تضمن مساسا بالحق فى الترشح فى محتواه وعناصره وتكافؤ الفرص. الحد من سيطرة الإسلاميين وقد أدى هذا العوار الدستورى فى النص إلى أن يهيمن التيار الإسلامى على مقاعد البرلمان.. ولهذا فإن نواب التيار الليبرالى كعمرو حمزاوى وأحمد سعيد ومصطفى النجار ومحمد أبو حامد وزياد العليمى قد رحبوا بهذا الحكم.. واعتبروه فرصة للحد من سيطرة حزب الحرية والعدالة والتيار السلفى على مقاعد البرلمان.. وأننا يجب أن نحترم هذا الحكم الذى وصفه مصطفى بكرى العضو المستقل أنه حكم تاريخى رغم أنه نجح على المقعد الفردى، وقام بكرى بتقديم استقالته فور صدور الحكم. ولكن على الجانب الآخر اعتبر بعض النواب أن هذا الحكم متعمد للحد من هيمنة التيار الإسلامى تحت القبة.. وأن الحكم يعبر عن صراع على السلطة بين المحكمة الدستورية العليا والبرلمان، كما قال النائب محمد العمدة.. بل إننا نجد أن العمدة والمستشار محمود الخضيرى رئيس اللجنة التشريعية بالمجلس المنحل لم يعترفا بالحكم، وذهبا فى اليوم الثانى إلى مجلس الشعب لعقد اجتماع فى البرلمان- رغم حله- ولكن قوات الأمن التى تتواجد بصورة مكثفة فى البرلمان منعتهما من الدخول وكانت الأبواب مغلقة. واقعة تعد مادى وقد قامت اللجنة التشريعية للمجلس المنحل بإعداد مذكرة أشارت فيها إلى عدم دستورية بعض نصوص مجلس الشعب على أنه منعدم الأثر قانونا وبمثابة واقعة تعد مادى على كيان المجلس المنتخب من خلال انتخابات حرة نزيهة. وقالت اللجنة فى مذكرتها التى رفعتها للدكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب المنحل إن النائب العمدة سيقوم برفع دعوى مخاصمة ضد الهيئة التى أصدرت الحكم وإقامة دعوى وقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وقالت المذكرة إن مجلس الشعب يجب اتخاذ قراره فيما يتعلق بمجموعة الإجراءات التى اتخذها المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن يصدر وزير العدل قرارا بمنح الضبطية القضائية لرجال القوات المسلحة وصدور حكم الدستورية العليا بحل المجلس ثم قرار غلق مجلس الشعب أمام النواب، وإصدار إعلان دستورى يسلب جميع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية لصالح المجلس العسكرى على نحو يهدد الشعب المصرى بأكمله بانتكاسة خطيرة تقضى على ثورته وما حققته من إنجازات طوال الفترة الماضية. أما أعضاء حزب الحرية والعدالة والذين كانوا يمثلون الأغلبية فى البرلمان ومعهم نواب التيار السلفى فإنهم رفضوا حكم المحكمة، وأكد حسين إبراهيم زعيم الأغلبية أن الإعلان الدستورى الذى صدر من قبل لم يعط المجلس العسكرى حق الحل.. كما أن المحكمة الدستورية من حقها أن تصدر الأحكام وأن ترسل الحكم إلى القضاء الإدارى الذى طلب رأيها، ولكن ليس من حقها أن تحل المجلس. الطعن فى الحل وقد بدأ بعض النواب فى رفع دعاوى قضائية يطعنون فيها على قرار الحل، فقد تقدم النائب السلفى نزار غراب أمام مجلس الدولة بدعوى لوقف قرار الحل.. واستند النائب أن المادة 56 من الإعلان الدستورى لم تتضمن نصا صريحا يسمح للمجلس العسكرى بالحل. كما قام أحد النواب السابقين يوسف البدرى برفع دعوى قضائية أخرى أمام مجلس الدولة يطعن على الحكم. وترجع بداية قصة هذا «الحل» عندما أقام المهندس أنور صبح درويش دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالبا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار اللجنة العليا للانتخابات بإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشعب بالدائرة الثالثة فردى بالقليوبية فيما تضمنته من إعادة الاقتراع بين مرشح حزب الحرية والعدالة ومرشح حزب النور على مقعد الفئات بالدائرة المذكورة واستبعادهما، وكذا مرشح حزب الحرية لمقعد العمال بهذه الدائرة من بين مرشحى النظام الفردى. الأوراق فى الدستورية ونعى المدعىعلى قرار اللجنة بمخالفة أحكام القانون وقضت المحكمة فى الشق المستعجل من الدعوى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فطعن أنور درويش أمام المحكمة الإدارية العليا التى قضت بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية النصوص. qqq وكانت النهاية هى حل مجلس الشعب الذىعقد 84 جلسة استغرقت 228 ساعة. ويمكن أن نقول إن نوابه قد جاءوا فعلا بعد انتخابات نزيهة وحرة لم تشهدها مصر على مدى عقود طويلة، وحصل فيها نواب حزب الحرية والعدالة على الأغلبية المطلقة يليهم حزب النور السلفى ومثلث الأحزاب الليبرالية الأقلية. ولكن من البداية حرص نواب الأغلبية على السيطرة على أغلب المناصب القيادية فى المجلس ورئاسة اللجان باعتبار أنهم الأغلبية.. ولكن فاتهم أننا كنا نريد أن يكون برلمانا يضم جميع الاتجاهات السياسية والحزبية.. ورفضوا أن يقال عنهم إنهم يريدون التكويش على المشهد البرلمانى والسياسى. صراع الحكومة والبرلمان وشن النواب هجوما ضاريا على حكومة د.كمال الجنزورى واعتبروا أن هذه الحكومة تصدر لهم الأزمات وأن المواطنين لم يجدوا أمامهم سوى مجلس الشعب ليلقوا بالمسئولية كاملة عليه، رغم أنهم ليسوا سلطة تنفيذية.. واعتبروا أن هذه الحكومة تصدر لهم أزمات السولار والبنزين والبوتاجاز ورغيف العيش والانفلات الأمنى ومذابح بورسعيد.. وعندما قدم الدكتور الجنزورى بيان الحكومة، قالوا عنه إنه بيان لا يقدم أى حلول لمشاكل الناس ووصفوه بالضعف والهوان، وطالبوا باستقالة الحكومة..وقام رئيس مجلس الشعب السابق د.الكتاتنى بتعليق الجلسات احتجاجا على عدم استقالة الحكومة. وقد شعر نواب الأغلبية أن شعبيتهم بدأت تقل وتأثرت بين الناس.. وأنهم أصبحوا فى مأزق حقيقى.. وشن الإعلام هجوما منظما على البرلمان وهو ما رفضه النواب وقالوا إن الإعلام يقلب الحقائق ويشوه صورة البرلمان، وأن الناس يحاصرونهم بالأسئلة عما قدموه لهم.. وقد أدى ذلك إلى أن يعد المجلس كشف حساب عن إنجازاته أو أعماله فى خلال 4 أشهر فقط حتى يرد به على هذه الحملات المغرضة ضد المجلس، ليس من الإعلام فقط.. ولكن من بعض نوابه أحيانا.. والذى كان يصفه أبوالعز الحريرى النائب المخضرم أنه مجلس باطل.. ووقع صدام شديد بينه وبين د.الكتاتنى الذى قال له لماذا لا تستقيل إذا كنت تعتبر هذا البرلمان باطلا؟. qqq عموما.. يبقى أن نقول إنه رغم عدم دستورية القانون الذى تم على أساسه انتخابات مجلس الشعب السابق.. وبالتالى تم حل المجلس.. إلا أن ذلك لا يؤدى إلى إسقاط ما أقره المجلس من قوانين وقرارات.. وما اتخذه المجلس السابق من إجراءات كما قالت المحكمة الدستورية العليا، وأكدت أن القوانين والقرارات والإجراءات قائمة على أصلها من الصحة وتبقى صحيحة ونافذة مالم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستوريا أو يقضى بعدم دستوريتها بحكم من المحكمة الدستورية العليا إن كان ثمة وجه آخر غير ما بنى عليه الحكم على حد تعبير المحكمة.