هناك ثلاث نظريات لحق الانتخاب (النظرية الأولى): الانتخاب حق شخصى ارتبطت هذه النظرية بفكرة السيادة الشعبية، وهى مجموع السيادات والسلطات الفردية وكل فرد يمتلك جزءا من هذه السيادة الشعبية، وعلى هذا الأساس فكل فرد له حق الانتخاب، وبواسطته يستطيع أن يمارس السيادة، فالانتخاب إذن حق طبيعى لكل مواطن بصفته مواطنا يمارسه بناء على أن المساواة تشمل المجالين المدنى والسياسى، دافع عن هذه النظرية جان جاك روسو فى كتابه «العقد الاجتماعى» ويترتب على ذلك: - تقرير الانتخاب لجميع المواطنين فيما عدا عديم الأهلية. - توسيع قاعدة هيئة الناخبين والأخذ بنظام الاقتراع العام. - يمكن لصاحب حق الانتخاب حرية استعماله أو عدم استعماله ومن ثم يكون التصويت اختياريا وليس اجباريا من مقتضى فكرة الحق أن لصاحبه التصرف فيه وهذا من شأنه أن يؤدى إلى جواز سريان كافة أعمال التصرف على حق الانتخاب كالتنازل والبيع والهبة ولم تحظ هذه النظرية إلا بتأييد ضعيف فى الجمعية التأسيسية الفرنسية إبان الثورة الفرنسية. (النظرية الثانية): «الانتخاب وظيفة» تبنى النظرية على أساس مبدأ سيادة الأمة وأن هذه السيادة ليست مقسمة بين جميع المواطنين، وذلك لكونها كل لايتجزأ ومن ثم لا يكون للفرد جزء من هذه السيادة، ولا يمكن لأحد مواطنى الدولة امتلاك جزء من سيادة الدولة، ولذلك لا يكون للفرد الحق فى ممارسة السيادة عن طريق الانتخاب. ولقد ساد هذا الاتجاه وقت وضع دستور 1791م فى فرنسا ولم يتقرر حق الاقتراع العام للرجال فى فرنسا إلا بواسطة نابليون بونابرت عام 1848م وتقرر حق النساء فى الانتخاب عام 1944م. ويترتب على هذه النظرية عدة نتائج منها: - إن الأمة صاحبة السيادة تستطيع أن تحدد بحرية الأشخاص الذين يمارسون سلطة الانتخاب، وبالتالى لها أن توسع من هيئة الناخبين أو تضيقها كما تشاء إذلها أن تقرر تقييد حق الانتخاب وتقصره على طوائف محددة دون طوائف أخرى ولها أن تجعل الانتخاب عاما لجميع المواطنين. التضييق فى هيئة الناخبين والأخذ بنظام الاقتراع المقيد. - يكون للدولة حق إجبار الناخبين على ممارسة حق الانتخاب وجعل التصويت إجبارياً. (النظرية الثالثة): «الانتخاب سلطة قانونية»: تقوم النظرية على أساس أن حق الانتخاب يعتبر سلطة قانونية مقررة للناخب لصالح المجموع وليس لمصلحته الشخصية وهذه السلطة يتحدد مضمونها وشروط استعمالها بالقانون. ويترتب على ذلك عدة نتائج وهى: - حق الانتخاب لا يمكن أن يكون محلا للتعاقد أو الاتفاق ويبطل كل اتفاق يتم على ممارسة هذا الحق على وجه معين أو على عدم ممارسته أو على الامتناع عن طلب القيد فى جدول الانتخاب. للمشرع أن يعدل فى حق الانتخاب، فالانتخاب ليس حقاً شخصياً ولكنه سلطة قانونية لا يعترف بها لكل شخص فالانتخاب سلطة قانونية تنبع من مركز موضوعى ينشئه القانون من أجل إشراك الأفراد فى اختيار السلطة العامة والمشرع له أن يعدل مضمونها أو شروط استعمالها. - وقد ترتب على هذا الأساس أربعة مبادىء رئيسية نوجزها فيما يلى: المبدأ الأول: مبدأ المساواة وهذا المبدأ فى مرحلة الحملات الانتخابية بهدف أن تكون هناك مساواة أثناء استخدام وسائل الإعلام المختلفة، أما عقب مرحلة الدعاية الانتخابية فإن هذا المبدأ يعنى أن كل المقيدين بالجداول الانتخابية يكون من حقهم جميعا الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات بشرط أن يكون عضوا من أعضاء هيئة الناخبين وله صوت واحد فقط على قدم المساواة مع باقى الأعضاء. المبدأ الثانى: مبدأ الحياد، وينطبق ذلك على المرحلة قبل الانتخابات والمتمثلة فى إعداد جداول الانتخابات، وكانت تشكل لجان إعداد جداول الناخبين من المأمور أو نائبه - موظف يندبه مدير أمن المحافظة ثلاثة مواطنين ينطبق عليهم شروط حق الانتخاب يختارهم مدير أمن المحافظة ممن يجيدون القراءة والكتابة ( فى المدن المقسمة إلى شياخات)، أما فى القرى والمدن المقسمة إلى حصص فتشكل اللجنة من العمدة (رئيسا) شيخ الجهة التى يجرى قيد ناخبيها، والمأذون واثنين من الذين يجيدون القراءة والكتابة (يختارهما المأمور)، ولتطبيق مبدأ الحياد يتم إقصاء العناصر الحكومية من هذه اللجان على أن يوكل أمر رئاسة هذه اللجان إلى أحد أعضاء الهيئات القضائية، وأن تسند العضوية لمندوبين عن الأحزاب السياسية (عضو عن كل حزب سياسى) تقوم بتعيينهم. المبدأ الثالث: مبدأ المواطنة، ويقتضى هذا المبدأ أن استخدام هذا الحق يكون من قبل مواطنى الدولة والذين تتوافر بشأنهم شروط الناخب ولعل هذا الذى جعل المشرع يعطى الحق لكل من أهمل قيد اسمه فى جدول الانتخاب أو زالت عنه الموانع عقب تحرير الجداول أن يطلب قيد اسمه أو تصحيح كافة البيانات المتعلقة بالقيد. المبدأ الرابع: خاصية النظام العام، ويترتب على ذلك اعتبار هذا الحق من النظام العام أنه لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفة أحكامه وإن حدث أى اتفاق يعتبر باطلا لا قيمة له.