أرقام جديدة.. سعر الدولار اليوم الثلاثاء 23-4-2024 في البنك المركزي المصري    تعديل قواعد حوكمة الشركات العاملة في مجال الأنشطة المالية غير المصرفية    إزالة 39 حالة تعد على الأرض الزراعية بالمنيا    تعرف على موعد الإجازة الرسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    مياه أسيوط تنظم ورشة عمل لتدريب أخصائي خدمة العملاء على منظومة الوثائق الإلكترونية    إنقاذ سفينة و طاقمها من الغرق قبل عبورها قناة السويس    رئيس الوزراء البريطاني: لن يقف في طريقنا شيء بشأن إطلاق رحلات جوية إلى رواندا    مصدر بالجامعة الأمريكية يكشف تفاصيل اعتراض طلاب تضامنوا مع القضية الفلسطينية    عاجل.. مفاجأة مدوية بشأن تورط برشلونة في حادثة " الهدف الشبح "    بونو يعود لتشكيل الهلال أمام العين في دوري أبطال آسيا    اختتام سباقات الهجن بشمال سيناء اليوم    إيمري يمدد تعاقده مع أستون فيلا    الأمن يرفع 40 سيارة ودراجة نارية متروكة ومتهالكة من الشوارع    انتشال جثة شاب طافية بنهر النيل في أسيوط    ربة منزل تنهي حياتها حرقا بسبب خلافات أسرية في الجيزة    بالفيديو.. مدير مكتبة الإسكندرية: أنتجنا أكثر من بودكاست مع مؤلفي الكتب لتعريف الناس بهم    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    نائب: مرور 200 يوم على حرب غزة دليل على ازدواجية المجتمع الدولي    تنظيم الاتصالات يقر أوقات العمل الصيفية لشركات المحمول    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس السيسى بذكرى تحرير سيناء    رئيس جامعة عين شمس والسفير الفرنسي بالقاهرة يبحثان سبل التعاون    مكتبة الإسكندرية تشهد فعالية "مصر حكاية الإنسان والمكان"    ناتاليا: درسنا أبيدجان جيدًا وهدفنا وضع الأهلي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    كولر يشرح خطة مواجهة مازيمبي الحاسمة في محاضرة فنية    عبدالرحمن مجدي: مباراة الاتحاد بداية تحقيق طموحات جماهير الإسماعيلي    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    7 توجيهات من وزير التعليم لقيادات المديريات لضمان الجودة    رفع 40 سيارة ودراجة نارية متهالكة بمختلف المحافظات    التعليم: عقد امتحانات طلاب الدمج بالأول والثاني الثانوي ورقيًا    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    غرق شاب في ترعة أخميم بسوهاج    وقف نظر دعوى مدير حملة أحمد طنطاوي بقضية تزوير التوكيلات الشعبية    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    «مفاجآت مالية».. توقعات برج الدلو في الأسبوع الأخير من أبريل 2024    916 ألف جنيه إيرادات فيلم شقو في السينمات خلال 24 ساعة    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    وزير الصحة: التوسع في الشراكة مع القطاع الخاص يضمن خلق منظومة صحية قوية    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    إطلاق قافلة طبية مجانية في قرى مرسى مطروح.. اعرف الأماكن والتخصصات    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    بمناسبة اقتراب شم النسيم.. أسعار الرنجة والفسيخ اليوم الثلاثاء 23/4/2024    مجلس النواب يستمع إلي البيان المالي للحكومة لموازنة 2024-2025    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    شعبة الأدوية: انفراجة في توفير كل أنواع ألبان الأطفال خلال أسبوع    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    توفيق السيد: غياب تقنية الفيديو أنقذ الأهلي أمام مازيمبي.. وأرفض إيقاف "عاشور"    رسولوف وهازنافيسيوس ينضمان لمسابقة مهرجان كان السينمائي    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    بدرية طلبة تشارك جمهورها فرحة حناء ابنتها وتعلن موعد زفافها (صور)    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    خلال ساعات العمل.. أطعمة تجعل الجسم أكثر نشاطا وحيوية    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد محاولات البرلمان تقويض سلطاتها : فقهاء القانون: المحكمة الدستورية.. خط أحمر
نشر في أكتوبر يوم 27 - 05 - 2012

قال عدد من خبراء وفقهاء القانون إن المحكمة الدستورية العليا خط أحمر لا يجب المساس به مؤكدين أن محاولات مجلس الشعب تقويض سلطات المحكمة التى تعد «حصن القضاء» بهدف الحيلولة دون احتمال حل البرلمان بناء على دعوى تنظرها المحكمة الدستورية تطالب ببطلان انتخابات مجلسى الشعب والشورى، هى ضربة للقضاء المصرى العريق الذى يحتل مكانة مرموقة فى العالم.فى البداية وحول هذه القضية الساخنة يؤكد د. إبراهيم أحمد إبراهيم أستاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس إنه يوجد توتر فى العلاقة بين مجلسى الشعب والمحكمة الدستورية العليا.. ويرجع ذلك لوجود دعوى أمام المحكمة تطعن فى قانون انتخابات مجلس الشعب وهو ما جعل بعض أعضاء مجلسى الشعب يخشون أن تقضى المحكمة بعدم دستورية القانون الذى على أساسه تم انتخابهم، وهناك تفكير داخل المجلس بأن يتم تحصين بعض التشريعات التى يصدرها مجلس الشعب، بمعنى أن تكون هذه التشريعات غير قابلة للطعن عليها بعدم الدستورية، وبذلك يكون القانون غير قابل للإلغاء، بينما اقترح البعض الالتزام بما تصدره المحكمة الدستورية العليا من أحكام تؤدى إلى بطلان تشكيل مجلسى الشعب، أما الأمر الثانى فقد اقترح البعض من أعضاء مجلس الشعب النظر فى تشكيل مستشارى المحكمة الدستورية، وأن يأتى رئيس المحكمة بالانتخاب بواسطة أعضاء الجمعية العمومية للمحكمة وليس بقرار من رئيس الجمهورية كما يتم حالياً.
أما الاقتراح الذى قدمه بعض أعضاء مجلس الشعب، والذى يطالب بإعادة تشكيل مستشارى المحكمة، فهو اقتراح غير مقبول ومرفوض، نظراً لما يتمتع به مستشارو المحكمة من حصانة.
وبالنسبة لاختيار رئيس المحكمة بالانتخاب، فنحن نؤيد هذا الاقترح، لأنه أكثر تحقيقاً للديمقراطية.
ويرى د. إبراهيم أحمد إبراهيم أن الاقتراح بتحصين بعض القوانين غير مقبول؛ لأنه من المفروض أن تمتد رقابة المحكمة الدستورية إلى كافة التشريعات ولا يجوز تقسيم القوانين إلى قوانين تخضع لرقابة المحكمة، وأخرى لا تخضع لهذه الرقابة، ولا يوجد أساس قانونى شرعى لإجراء هذا التمييز، وهذه التفرقة بين مختلف القوانين. ويطالب بأن تكون كافة التشريعات خاضعة لرقابة المحكمة الدستورية.
وعلى ذلك يجب على أعضاء مجلس الشعب أن يغلبوا المصلحة العليا للبلاد عند قيامهم بسلطة التشريع فضلاً عن أنه ليس من المستحب أن تصدر القوانين لأسباب شخصية.. أو لأسباب حزبية!
وينهى د. إبراهيم أحمد إبراهيم حديثه أنه لحسن الحظ أن بمصر قضاء مستقر، وأنظمة قانونية منذ بداية عصر النهضة.. وليس من السهل المساس بهذه الأنظمة.
سلطة مستقلة
وتشير د. سهير عبد المنعم إسماعيل أستاذ السياسة الجنائية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى أن الفترة الانتقالية شهدت الكثير من أخطاء القوى السياسية، كان منها محاولة مجلس الشعب المساس بالنظام القضائى، فضلاً عن الانحراف التشريعى، حيث إن قانون العزل السياسى صدر فى فترة الريبة التشريعية، بمعنى أن كل قانون يجب أن يصدر متوخياً الصالح العام.. لكن عندما يصدر فى فترة معينة، ويحدد أشخاصا بعينهم فإن به انحرافا تشريعيا.. وهذا القانون معروض على المحكمة الدستورية للطعن فى دستوريته، وهناك دعوى أمام المحكمة الدستورية تطعن فى عدم دستورية المجلس نفسه، ومن ناحية أخرى فإن المساس بالسلطة القضائية عن طريق تغيير قانون دستورى بتشريع عادى أمر غير مقبول، وفى هذه الفترة نحتاج إلى إصدار دستور جديد، وبالتالى فإن ذلك أدى إلى تخوف وقلق وطنى من جراء استخدام التشريع كوسيلة لتحقيق أهداف خاصة، إلى جانب أن المحكمة الدستورية هى ركن أصيل فى مؤسسات الدولة المصرية، التى أكسبتها مشروعيتها بأدائها طوال سنوات وجودها.
وتطالب د. سهير بوضع قواعد سليمة تحمى المجتمع بصرف النظر عمن هو موجود فى السلطة من عدمه.. وذلك لن يتم إلا بتحقيق الفصل بين السلطات الثلاث بالفعل.. والحفاظ على استقلالية السلطة القضائية الحامية للشرعية فى الدولة.
غرض سياسى
ويوضح السفير د. سمير برهان وكيل وزارة الخارجية للشئون القانونية سابقا أن المحكمة الدستورية العليا لها اختصاص الرقابة اللاحقة على القوانين، إذا رفعت دعوى أمامها بالطعن فى دستورية أحد هذه القوانين، فإذا حكمت المحكمة بدستورية القانون صارت الدعوى فى طريقها العادى.. أما إذا حكمت بعدم دستورية القانون فعلى المحكمة المنظور أمامها الدعوى أخذ ذلك فى الاعتبار.. وفى فرنسا وبعض الدول الأخرى فإن المحكمة الدستورية تقوم بالرقابة اللاحقة والرقابة السابقة.
وبالنسبة لما يجرى الآن على الساحة المصرية بين المحكمة الدستورية ومجلس الشعب، فإن ذلك يمثل تجاوزاً سياسيا أكثر منه قانونيا، لأنه لا يوجد عندنا وطبقا للدستور مبدأ الفصل بين السلطات فلا يجوز أن تتغول السلطة التشريعية على اختصاصات السلطة التنفيذية.. أو أن تصدر قانونا بعينه للإخلال باختصاصات المحكمة الدستورية، وفى هذا ينبغى أخذ رأى الجمعية العمومية لمستشارى المحكمة الدستورية.. ولابد من التشاور معهم، لأنه اختصاصهم الأصيل.. ولا يصح أن يصدر مجلس الشعب قانوناً لأغراض سياسية بهدف تقليل اختصاصات المحكمة، أو الطعن أو المساس بهذه المحكمة!
حصن القضاء
ومن جانبه يقول المستشار رشاد بدور رئيس محكمة جنايات القاهرة سابقا إن المحكمة الدستورية العليا هى حصن القضاء المصرى العادل والشامخ، ورغم القيود المفروضة على المحكمة فإنها تستطيع محاكمة أى إنسان على وجه الأرض حتى لو كان رئيس الجمهورية، كما أن أحكام هذه المحكمة مصونة، ورأيها محترم دولياً، وكل الدول تحتذى برأيها فمصر عريقة فى القضاء، وعرفت القانون والقضاء منذ آلاف السنين.. ومثال ذلك قصة الفلاح الفصيح الذى أخذ حقه بالقضاء وصودرت أملاك خصمه لصالحه بحكم قضائى واجب.
ويشير المستشار رشاد بدور إلى أن مصر استلهمت أحكام القضاء من القضاء الرومانى، وهم فلاسفة العالم فى هذا المجال، واستلهم القضاء المصرى الشامخ مبادئ وأحكام الشرائع السماوية اليهودية والمسيحية والإسلامية، فكل الشرائع السماوية مصدرها واحد هو الله سبحانه وتعالى، وستظل مصر ركيزة العالم أجمع فى القضاء، وستظل أحكام المحكمة الدستورية العليا نبراس القضاء العظيم.. ومن المعروف أن فقهاء الدستور المصرى هم الذين يصنعون دساتير العالم فى بلاد كثيرة مثل تركيا وغيرها التى استعانت بخبراء الدساتير المصريين عند وضع دستورها، والذين يقدمون الخبرة الدستورية والقانونية إلى مختلف الدول، أما المحكمة الدستورية العليا فلن يستطيع أن يقترب منها أحد، وسيظل قضاؤها شامخاً، وما يحدث حولها من مؤامرات ستسقط كلها.
شهرة دولية
ويقول د. نبيل الطوخى أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة المنيا وعضو لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة أن دستور 1971 خصص فصلاً مستقلاً للمحكمة الدستورية العليا يشمل 5 مواد من المادة 174 إلى إعادة 178.. ونص فى المادة 174 على أنها هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها..وقضت المادة 175 من الدستور أن تتولى المحكمة الدستورية دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.. وتتولى تفسير النصوص التشريعية.. وتنص المادة 177 على أن أعضاء المحكمة الدستورية غير قابلين للعزل.. وتتولى المحكمة مساءلة أعضائها على الوجه المبين بالقانون.. ودستور 71 هو أول دستور مصرى ينص على إنشاء محكمة دستورية كهيئة قضائية مستقلة.
وقد حقق إنشاء هذه المحكمة الحلم الذى راود الكثير من رجال مصر المخلصين الحريصين على احترام الدستور.. وهو الأمل الذى طالما نادى به فقهاء القانون الدستورى لعدة عقود مضت،لمراقبة دستورية التشريعات.. ومدى موافقتها لأحكام الدستور.. وكان إنشاء المحكمة الدستورية بالقرار 81 عام 1969 يمثل خطوة أولى لقيام المحكمة الدستورية عام 1979، إعمالاً لنصوص دستور 71.. والذى بين ما يلى: تمارس المحكمة العليا اختصاصاتها المبينة فى القانون الصادر بإنشائها.. وذلك حتى يتم تشكيل المحكمة الدستورية العليا.
فقد نصت المادة 176 من الدستور على أن ينظم القانون كيفية تشكيل المحكمة الدستورية العليا وبين الشروط الواجب توافرها فى أعضائها وحقوقهم وحصاناتهم.. وأكد قانون المحكمة الدستورية رقم 48 لعام 1979 فى المادة الأولى منه ما سبق أن نصت عليه المادة 174 من دستور 71.. حيث نص القانون فى مادته الثالثة على أن تؤلف المحكمة من رئيس وعدد كاف من الأعضاء.. وتصدر أحكامها وقراراتها من 7 أعضاء.. ويرأس جلساتها رئيسها، أو أقدم أعضائها.. وعند خلو منصب الرئيس أو غيابه أو وجود مانع لديه يقوم مقامه الاقدم فالاقدم من أعضائها.
ويشير د. نبيل الطوخى إلى مشروع القانون الذى تقدم به نائبان من حزب النور السلفى والذى يطالب بإجراء تعديلات على قانون المحكمة الدستورية العليا ليس له تفسير إلا أنه مخطط من قبل مجلس الشعب لخوض معركة مع المحكمة الدستورية خوفا من أن تحكم المحكمة بحل البرلمان.
وأوضح أن البعض يرى أن البرلمان يريد افتعال أزمة مع المحكمة، بل ما يتم حالياً ما هو إلا نوع من ارهاب المحكمة وأعضائها.. وعرقله المؤسسة الدستورية عن أداء دورها. ويرى آخرون أن مجلس الشعب يحاول استباق الأحداث.. لذا بدأ بمحاولة الإلغاء دون المحكمة الدستورية.. وإنشاء نظام جديد للرقابة على دستورية التشريعات، وتحصين القوانين التى تصدر عن مجلس الشعب ضد أى رقابة دستورية.. والواقع أن ما يحدث هو نتيجة حتمية لما تعيشه البلاد من تخبط بسبب عدم وجود دستور.. ولا شك أن فى بقاء المحكمة الدستورية العليا فى مصر صيانة لنصوص الدستور.. وحماية لحقوق الأفراد..
الاختصاص الأصيل
ويكشف د. فتحى أحمد الذوق مستشار المركز العربى للدراسات الاستراتيجية أن مصر لم تعرف الرقابة على دستورية القوانين إلا بعد إصدار دستور 1923.. وهذا الدستور لم ينص صراحة على حق المحاكم فى بحث مسألة دستورية القوانين.. إلا أنه عند إنشاء مجلس الدولة بموجب القانون رقم 112 لعام 1946.. والذى ينص على أنه ليس ما يمنع المحاكم المصرية من التصدى لبحث دستورية القوانين.. حيث صدر الحكم بجلسة 1 فبراير 1948.. وقضت المحكمة الإدارية العليا.. أنه ليس فى القانون المصرى ما يمنع القضاء من التصدى لبحث دستورية القوانين، وذلك قبل إنشاء المحكمة الدستورية عام 1996 والقضاء الإدارى من حقه الحكم، وليس من حقه التفسير، وتتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية، والقرارات بقوانين إذا صارت خلافاً للتطبيق.. مما يقتضى توحيد تفسيرها، وفى كل الحالات تقضى بعدم دستورية أى نص فى القانون أو اللائحة يتعرض لممارسة اختصاصها، أو يتصل بالنزاع المطروح عليها..
خلط السياسة بالتشريع
ومن جانبه يقول المستشار محمد حسن الشحات نائب رئيس هيئة قضايا الدولة إن الفترة الانتقالية التى تمر بها البلاد تتسم بالصراع بين القوى السياسية والشعبية والدينية، ومع ازدياد الصراعات والاشتباكات دون أن يكون هناك هدف مشروع تتزايد تلك الأحداث الدامية التى تنال من مشروعية ثورة يناير.. ويتجه البعض إلى السيطرة على الحكم مرة أخرى والذى يتابع أحداث ثورة يناير يدرك أن تراكات الفساد والاستبداد لها دور أساسى فى محاولة نشر الفوضى للسيطرة على الثورة والقوى السياسية الاجتماعية والدينية والليبرالية تعانى من التخبط والتضارب فى القررات والمواقف، وهؤلاء يسعون بقصد أو بغير قصد إلى تحقيق أكبر قدر من السيطرة على الدولة.. تحت شعار أنهم يقومون بهدم النظام البائد.. والحقيقة أنهم يقومون بمحاولة هدم الدولة.
وقد استغلوا مشروعية المظاهرات والتى أصبحت تستخدم أحياناً للقتل والفوضى فى تكريس حالة الانفلات التى عاشتها مصر مؤخراً، وقد دفع ذلك المجلس العسكرى إلى جمع الشمل والحفاظ على الثورة وعلى البلاد. وأضاف بعض التيارات والجماعات التى استفادت من نجاح ثورة يناير، والتى نزلت إلى الشارع بعد أن اسقطت النظام السابق، استطاعت أن تتصدر الساحة، لكن الشعب سرعان ما تبين له فى وقت قصير خداع الشعارات الكاذبة وتبين له من الخارج والداخل.. وتسعى هذه الجماعات للاستيلاء على الدولة وطبيعى أن تلك الفئات لم تكن فى حسباتها صحوة الشعب.. خاصة بعد ما تعرض له جهاز الأمن من هجمات مكثفة من البلطجية والخارجين عن القانون.. وتعرض الكثير من رجال الشرطة للاستشهاد. وقد تدخل المجلس العسكرى وأكد على ثقته فى رجال الشرطة، وإعادة بناء جهاز الأمن مع الدعوة إلى التوافق بين جميع فئات المجتمع وأجهزة الدولة.
ثم نسمع نعرات البعض بالدعوة إلى تطهير القضاء، وتوجيه الاتهام إلى اللجنة العليا للانتخابات بعدم الالتزام مما جعل المفكرين والقضاة الشرفاء والشعب يحذرون من تغُّول السلطة التشريعية على السلطة القضائية، والتدخل فى شئون القضاء، وقد رفض قضاة المحكمة الدستورية العليا المشروع الذى وافقت عليه لجنة الاقتراحات بمجلس الشعب بشأن إعادة هيكلة المحكمة الدستورية وتعديل القانون رقم 48 لعام 1979.. حيث وصف هذا التعديل بأنه مذبحة للقضاء على غرار مذبحة القضاة عام 1969، والقانون المقترح هو قانون مشبوه وبه انحراف تشريعى هدفه الأول حماية مجلسى الشعب والشورى من الحل!..
وكذلك اقرار الطعون بعدم دستوريتهما بعد التوصية بحلهما، كما تبين لبعض الفقهاء أن الهدف من تعديل قانون المحكمة الدستورية إضافة مادة مقترحة فى التعديل تنص: على أنه فى حالة إصدار المحكمة الدستورية حكماً ببطلان مجلسى الشعب والشورى يكون غير ملزم للبرلمان، ولا يطبق إلا بعد انتهاء الدورة البرلمانية، وهو ما يعنى أن المجلس سوف يستمر 6 سنوات كاملة، حتى لو صدر حكم ببطلانه!.. وقد رفضت الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية برئاسة المستشار فاروق سلطان مشروع قانون إعادة هيكلة المحكمة الدستورية، الذى وافقت عليه لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب؛ وأكدت الجمعية العمومية للمحكمة أن المشروع يمثل إهانة للمحكمة.. ومحاولة لتقليص مهامها الدستورية.. كما احتج أعضاء الجمعية العمومية على المادة 25 من مشروع القانون المقترح الذى ينص على تقليص دور الرقابة القضائية على القوانين والأحكام، حيث لا يكون للمحكمة أى رقابة على مشروعات القوانين التى يوافق عليها ثلاثة أرباع أعضاء البرلمان! أما القوانين التى لا يوافق عليها هذا العدد فيكون للدستورية رقابة عليها!
وقد بادر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى تأكيد تقديره وثقته الكاملة بقضاء مصر، مشدداً على ضرورة التزام كل السلطات بأحكام الدستور والقانون، ومراعاة عدم تدخل سلطة فى أعمال سلطة أخرى لتحقيق المبدأ الدستورى بالفصل بين السلطات.
وأكد المجلس العسكرى تصديه لجميع أشكال التجاوز والادعاءات المشبوهة بتزوير الانتخابات ودعا المجلس سلطات الدولة إلى التعاون والالتزام بالتوافق الوطنى لتحقيق طموح الشعب فى الانتقال الديمقراطى الحر للسلطة.. والعبور بالبلاد إلى بر الأمان.
وأضاف المستشار محمد حسن الشحات أن القانون الدستورى هو القانون الأساسى الذى يبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها وتنظيم السلطات العامة من حيث تكوينها واختصاصاتها وعلاقتها ببعضها ويقرر حقوق الأفراد وحرياتهم.. وبضع الضمانات الأساسية لهذه الحقوق والحريات، والدستور يعلو على كل السلطات فى الدولة.. وهناك قاعدة دستورية القوانين التى تقضى بألا يصدر قانون على خلاف الدستور.. وإلا كان ذلك قانوناً باطلاً يتعين على القضاء الامتناع عن تطبيقه.. وقد نصت المادة 2 من دستور 1971 على أن يمارس الشعب السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين فى الدستور، كما نصت المادة 40 على أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، ونصت المادة 57 على أن كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرية الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون.. هى جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية والمدنية الناشئة عنها بالتقادم. وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء.. وتنص المادة 64 منه على سيادة القانون وهو أساس الحكم فى الدولة، وتقضى المادة 65 منه بأن تخضع الدولة للقانون. واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات، كما نصت المادة 86 منه بتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ويقرر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
وينهى المستشار محمد حسن الشحات حديثه أن ما سبق ذكره من نصوص يعنى أن الدستور نص على أن يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع دون التدخل فى أعمال سلطة أخرى.. وممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.. أما المقترح بتقليل رقابة المحكمة الدستورية على بعض القوانين التى تمت الموافقة عليها بمجلس الشعب بثلاثة ارباع أعضاء البرلمان تنطوى على تدخل صريح وسافر فى مهام المحكمة الدستورية.. ويتجافى مع المبادىء الدستورية التى نص عليها الدستور.. وهذا المقترح يتنافى مع جناحى الديمقراطية وهما الحرية والعدالة، أما الهدف من إعادة هيكله المحكمة الدستورية العليا فهو التدخل السافر فى أعمال السلطة القضائية بما يتضمن من إهانة للمحكمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.