بعد التعديل الوزارى المحدود فى حكومة د.كمال الجنزورى والذى لم يسفر إلا عن خروج عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.. وسوف يستكمل الوزراء الباقون مدتهم والتى لا تتجاوز 50 يوما حتى موعد انتخاب الرئيس الجديد لمصر.. وتسليم السلطة.. أصبح مجلس الشعب فوق صفيح ساخن.. لأنه لم تتم إقالة الوزارة كلها أو حتى تقدم استقالتها، كما كانت تطالب الأغلبية، ويساندهم فى هذا الطلب د. سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب الذى قام بتعليق الجلسات فى الأسبوع الماضى احتجاجا على عدم إقالة الحكومة أو استقالتها بعد أن رفض النواب بيانها الذى تقدمت به فى نهاية فبراير الماضى. ورفض هذا البيان كل لجان مجلس الشعب (19 لجنة) ووصفت هذا البيان بالضحالة والضعف وعبارة عن جمل إنشائية.. وأنه لم يقدم حلولا لمشاكل رجل الشارع المصرى، ولكنه عبارة عن خطط طويلة الأجل قدمتها الحكومة ومشروعات مستقبلية لم تراع فيها حل المشاكل العاجلة التى يعانى منها الناس.. وعلى رأسها الانفلات الأمنى. كانت الأغلبية ومعها أولا حزب النور تسعى إلى إقالة الحكومة أو استقالتها حتى تستطيع هذه الأغلبية أن تتجمل أمام المواطنين أو الناخبين.. أو حتى تسترد جزءا من شعبيتها التى قلت أو تأثرت بين الناس بسبب الأزمات المتتالية التى يعيشها المواطن كل يوم من ارتفاع الأسعار فى الأسواق وأزمة البوتاجاز والسولار والبنزين والحرائق التى تشتعل بصورة دائمة، ولا أحد يعرف الحقيقة. فهذه الحكومة تصدر هذه الأزمات للبرلمان- على حد تعبير رئيس المجلس- وأن هذا المجلس هو جهة رقابية وتشريعية وليس جهة تنفيذية وأصبح البرلمان فى مأزق حقيقى.. وشعرت الأغلبية أنها يجب أن تخرج من هذا المأزق أو الفخ الذى وقعوا فيه. وقد لاحظنا أن أغلب التشريعات التى وافق عليها مجلس الشعب ودفع بها نواب الأغلبية هى تشريعات ذات صبغة جماهيرية كقانون الثانوية العامة الذى يهم كل بيت فى مصر.. وتمت إعادة نظام السنة الواحدة إلى هذا النظام تخفيفا من الضغوط النفسية والعصبية على الطلبة والأسر.. وكذلك تطبيق نظام التأمين الصحى على المرأة المعيلة التى ليس لها مصدر رزق أو لها دخل يجاوز مرة ونصف معاش الضمان الاجتماعى وسيكون اشتراك هذه المرأة رمزيا بواقع 12 جنيها على أن تتحمل الخزانة العامة اشتراكا سنويا عن كل امرأة معيلة 60 جنيها. كما وافق المجلس على قانون إجراءات الطعن على عضوية نواب البرلمان عن طريق محكمة النقض، وبذلك فقد ألغى قانون أن المجلس سيد قراره وهو الذى يفصل فى عضوية أعضائه، ويقتصر دور مجلسى الشعب والشورى على إعلان خلو مقاعد النواب المطعون فى حقهم.. وقد أعاد هذا القانون حق محكمة النقض فى الفصل فى عضوية الأعضاء.. وحقق مبدأ الفصل بين السلطات كاملا. وفى خلال هذا الأسبوع الذى بدأ بعد تعليق الجلسات وافق المجلس أيضا على مشروع قانون القضاء العسكرى وهو يختص دون غيره بالفصل فى جرائم الكسب غير المشروع التى تقع من ضباط القوات المسلحة.. وأن يقف المواطن أمام قاضيه الطبيعى المدنى. *** كما وافقت لجنة الاقتراحات والشكاوى على مشروع قانون يقضى بزيادة المعاشات بنسبة 30% من الراتب الشامل لأصحاب المعاشات على أن تتحمل خزانة الدولة هذه الزيادة، رغم أن الموازنة العامة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لم تتقدم بها الحكومة حتى الآن إلى مجلس الشعب رغم أن الموازنة يجب أن تناقش هذه الأيام ويعتمدها مجلس الشعب.. ومازال النواب يتساءلون عن مصير الموازنة. ولكن الحكومة لم تتقدم بالموازنة العامة لأنها لا تريد عرض الموازنة على أساس أنها موازنة للحكومة القادمة.. وبالتالى فهى ليست مسئولة عنها، وقد يكون للحكومة القادمة رؤية أخرى، إلا أن أعضاء اللجنة العامة بالمجلس أصروا على عرض الموازنة العامة على أساس أن هذا من بين القوانين المهمة التى يجب أن يصدرها مجلس الشعب وإن رئى تعديلها فيما بعد فإن ذلك أمر متاح.. وكان هذا كلام رئيس مجلس الشعب فى مساء جلسات «الأحد».. وأعلن أنه فى انتظار الموازنة العامة للدولة من الحكومة. *** وكانت آخر الأزمات التى مرت بمجلس الشعب فى جلساته الماضية هى قرار اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة تعليق عملها وتأجيل اجتماعها مع مرشحى الرئاسة احتجاجا من اللجنة على أعضاء مجلس الشعب الذين تطاولوا عليها أثناء مناقشة التعديلات الخاصة بقانون الانتخابات الرئاسية والتشكيك فى أعمال اللجنة. ورفضت اللجنة ما تردد بحقها من عدم الثقة بها وأنها لن تقبل ما صدر من بعض النواب من تهديدات لها ولأعضائها وأمانتها العامة.. والتعريض بقضاة مصر المشرفين على العملية الانتخابية. ولكن النواب رفضوا هذا البيان وطالبوا د.سعد الكتاتنى بالرد عليهم وفى الجلسة المسائية التى عقدت بالمجلس رد رئيس مجلس الشعب على هذا البيان بقوله إنه يربأ بنفسه أن يسىء إلى أى جهة.. وإنما يمارس مجلس الشعب دوره الرقابى والتشريعى وأنه إذا كانت اللجنة العليا للانتخابات اعتبرت أن التعديلات التى أدخلها المجلس تعتبر إساءة لها فإنه يعتبر ما صدر عن لجنة الانتخابات إساءة لمجلس الشعب. وقال الكتاتنى- وسط ترحيب النواب وارتياحهم- إن مجلس الشعب يؤدى عمله كما يؤدى الآخرون أعمالهم وأن مجلس الشعب لا يتدخل فى شئون الآخرين ولا نسمح بأن يتدخل أحد فى شئوننا، وأن النواب يعبرون عن آرائهم تحت القبة وهم لا يؤاخذون على آرائهم. *** كانت هذه هى الأزمات أو المأزق الذى عاش فيه مجلس الشعب خلال الجلسات الماضية ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بما يحدث فى الأيام القادمة بسبب بعض المواقف الغامضة التى تمر بها البلاد.