رغم مرور سبعة أيام بالضبط على الأزمة الساخنة بين مجلس الشعب والحكومة.. والتى أدت إلى أن يعلن د. سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب تعليق الجلسات، لكن لا أحد يستطيع أن يتنبأ أو يتوقع ما سوف يحدث- غدا- الأحد- فى جلسات مجلس الشعب.. فالأزمة مازالت مستمرة بين البرلمان والحكومة! فحزب الأغلبية مازال مصمما على ضرورة استقالة الحكومة.. وسحب الثقة منها.. وكانت تقف معه بعض التيارات السلفية وأحزاب الأقلية.. لكن الحكومة تقول إنها باقية حتى انتخاب رئيس الجمهورية، وإنها حكومة إنقاذ وتسيير أعمال.. وإن مجلس الشعب ليس من حقه سحب الثقة أو يطالب المجلس العسكرى بإقالة الحكومة، لأن الإعلان الدستورى لا ينص على ذلك. وأعتقد أن الذى تابع المشهد البرلمانى قبل تصاعد الأزمة إلى هذا الحد كان سيشعر بحدوث الأزمة والصدام بين الحكومة والبرلمان إن آجلا أو عاجلا! ففى الجلسات الماضية «استأسد» نواب حزب الحرية والعدالة على الحكومة وبالأحرى على وزراء الحكومة، ورفضوا بالإجماع بيان الحكومة الذى قدمه د.كمال الجنزورى إلى مجلس الشعب فى 26 فبراير الماضى.. وعلى مدى 10 جلسات خصصها المجلس لمناقشة تقرير اللجنة الخاصة المشّكلة برئاسة أشرف ثابت وكيل المجلس للرد على بيان الحكومة، شن النواب من كل التيارات السياسية هجوما ضاريا على البيان.. ووصفوه بأنه بيان ضعيف وهزيل وشكلى وأن هناك فجوة هائلة بين رؤى وتوصيات نواب الشعب لحل مشاكل مصر وضعف وضحالة ما قدمته الحكومة.. وأنه عبارة عن خطة طو?لة الأجل وبيان إنشائى لا يرقى إلى حل مشاكل الناس. ورفضت (19) لجنة من لجان المجلس البيان.. وأجمعت كل اللجان على أن بيان الحكومة لا يحقق طموحات المواطنين وأنه بيان خال من المضمون.. ولهذا فإن الحكومة يجب أن ترحل.. ووصل الأمر بالنائب أشرف بدر الدين عضو الأغلبية ووكيل لجنة الخطة والموازنة أن يتهم الوزراء بالتربح من نظام الصناديق الخاصة، ولكن الوزراء يحتجون على ذلك.. وينسحبون من الجلسة احتجاجا على ما قاله النائب أشرف بدرالدين وأن هذه اتهامات بلا دليل، وفى هذه الجلسة عاد الوزراء إلى القاعة بعد اعتذار النائب عن هذه الاتهامات المرسلة. خيارات مفتوحة أما زعيم الأغلبية حسين إبراهيم فقد دعا النواب أكثر من مرة إلى ضرورة رفض البيان. وقال- تحت القبة- بأعلى صوته إن كل الخيارات مفتوحة.. وإن الإعلان الدستورى منح البرلمان الشرعية التى تتيح له إعمال الأدوات الرقابية.. وتتضمن إسقاط الحكومة أو حجب الثقة عنها. وتصاعدت الأحداث الساخنة تحت القبة يوما بعد يوم وجلسة بعد أخرى.. ويعلن د.سعد الكتاتنى أثناء الجلسات أن الحكومة تصدّر الأزمات إلى البرلمان.. وأن الحكومة لا تفعل شيئا لحل مشاكل الجماهير.. ويقول إنها حكومة عاجزة عن التصدى للانفلات الأمنى، وأن العديد من مشاكل البوتاجاز والسولار والبنزين ورغيف العيش مازالت موجودة.. وتتزايد يوما بعد يوم.. وبدأ النواب يضيقون ذرعا بالحواجز الخرسانية التى تحيط بمبنى البرلمان.. وأنهم يجب أن يلفوا حول المجلس للدخول.. فالأبواب مغلقة. يوم الأزمة وفى يوم الأحد 29 إبريل الماضى وصلت الأزمة بين الحكومة والبرلمان إلى الذروة اعتراضا على بقاء حكومة الجنزورى.. وقاطعت الحكومة هذه الجلسة تحسبا من هجوم الأعضاء عليها! وفعلا بدأ النواب يشنون الهجوم على الحكومة.. ويقف د. عصام العريان ليعلن أن البرلمان لن يرحل وأننا يجب تعليق الجلسات لتكون رسالة إلى المجلس العسكرى، ولكن النائب مجدى صبرى اقترح ضرورة خروج النواب إلى ميدان التحرير.. والنائب محمد مصطفى من حزب النور يتساءل عن الأسباب وراء تصدير الحكومة للأزمات إلى البرلمان وأنهم جعلونا أغلبية حتى تشوه صورتنا عند الناس والعوام، وأن الناس يقولون عنهم فى الشارع إنهم كاذبون.. ود.محمد كامل يقول إن الشعب هو الذى يدفع الثمن مما يحدث والشعب زهق لو استمر الوضع على ما هو عليه. أما النائب المخضرم صبحى صالح وأحد المستشارين القانونيين بحزب الحرية والعدالة فيؤكد أن هناك خللا فى أداء الخدمات للشعب وأن هناك محاولات لإحباط المجلس. ويقولون إنه مجلس بلا صلاحيات. وهكذا نجد أن الاقتراحات بتعليق جلسات المجلس بدأت من عضوى حزب الأغلبية د. عصام العريان وصبحى صالح. أما سعد عبود فيؤكد أن المادة 33 من الإعلان الدستورى تقرر أن البرلمان هو الذى يقرر السياسة العامة للدولة وأن الحكومة هى التى تنفذها.. وأن أى خلل يسقط هذه الحكومة وأنه يتم إجهاض الثورة وصدّروا المشاكل إلى المجلس وأن المجلس لن يعود إلى الوراء. التعليق الكبير وعندما بدأ د. سعد الكتاتنى الحديث هدأت القاعة تماما، وقال بكلمات واضحة تماما إنه لا توجد بيننا وبين أشخاص الحكومة أية خصومة شخصية.. وإن المجلس بأغلبيته رفض بيان الحكومة، وإننا لا نريد تعطيل عمل البرلمان، ولكن فى نفس الوقت نرفض استمرار موقف الحكومة من البرلمان.. وإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يجب أن يقوم بوضع حل لهذه الأزمة باعتباره المسئول عن إدارة الدولة. وواصل الكتاتنى كلامه بأن مجلس الشعب يحترم الدستور والقانون والأحكام القضائية إلا أنه لا يقبل التهديد بحله.. وقال بنبرة انفعالية: «إن رئيس المجلس لا يكذب». وكان الكتاتنى يرد على د.كمال الجنزورى الذى نفى ما قاله الكتاتنى فى حديثه لقناة الجزيرة بأن د. الجنزورى قال له فى حضور الفريق سامى عنان نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة إن قرار حل مجلس الشعب موجود فى الدرج! وأوضح الكتاتنى للأعضاء أن المجلس لم يبدأ فى اتخاذ أى إجراءات لسحب الثقة من الحكومة على أساس أن سحب الثقة لا يكون إلا من خلال استجوابات. وكان من المفروض أن يناقش مجلس الشعب بعض هذه الاستجوابات فى جلسة الاثنين الماضى. مجلس مختلف وأكد رئيس مجلس الشعب أن هناك متغيرا لا تدركه الحكومة وهو قيام الثورة التى خرجت لإسقاط النظام السابق وأركانه إلا أنه يبدو أن الحكومة لا تستشعر أن هناك ثورة قامت من الأساس.. وأن مجلس الشعب مستقل فى قراراته ولا يقبل أن تملى عليه الحكومة أى قرارات لأن المجلس الحالى يختلف عن المجالس التى كانت قبل ثورة 25 يناير. واقترح د. سعد الكتاتنى تعليق جلسات مجلس الشعب لحين الوصول لحل إدارة تلك الأزمة والوصول إلى حل يرضى الشعب. واعتمد رئيس مجلس الشعب على تأييد اقتراحه على تصويت الأغلبية عليه، ثم أعلن بصورة سريعة لم نعهدها من د.الكتاتنى من قبل عن رفع الجلسة على أن تعقد فى 6 مايو القادم، وخرج من القاعة وسط دهشة نواب حزب النور وأحزاب الوسط والمصرى الديمقراطى والكرامة والمستقلين. هرج ومرج وتحولت القاعة إلى حالة من الهرج والمرج وخرج أعضاء حزب الأغلبية من القاعة إلا عدد قليل. ورفض عدد كبير من نواب حزب النور وباقى الأحزاب الخروج من القاعة وتم إطفاء الأنوار عليهم.. ولكنهم لم يخرجوا وحثهم النواب محمد نبيه ومصطفى الجندى وإبراهيم عماشة على ضرورة الاعتصام فى القاعة.. ورفضوا قرار تعليق الجلسات.. وعندما استشعر رئيس المجلس أن هناك عددا كبيرا من النواب فى القاعة أضاءوا الأنوار مرة ثانية وبدأ نواب الحرية والعدالة الدخول مع النواب فى مناقشات ساخنة حول أسباب تعليق الجلسات، وقام بهذا الدور النواب محسن راضى وحسن البرنس وسعد الحسينى.. وبقى المستشار محمود الخضيرى فى القاعة. وكان يتردد فى هذه الأجواء أن د.الكتاتنى تلقى اتصالا هاتفيا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن وجود تعديل وزارى، وبدأ النواب يتوافدون إلى مكتب رئيس مجلس الشعب ودخل معهم فى حوارات فى اجتماعات مغلقة. رفض التعليق وكان عدد من الأعضاء قد رفضوا تعليق الجلسات بهذه الطريقة الآلية.. بل إن بعضهم كان يرغب فى مناقشة هذا القرار قبل التصويت عليه مثل النائب المخضرم أبوالعز الحريرى.. كما أن النائب د. وجيه الشيمى، أكد لى أنه كان سيقترح تكوين لجنة من رؤساء اللجان وهيئة مكتب مجلس الشعب لإدارة هذه الأزمة.. وعقد لقاءات مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليستمع إلى وجهة نظر مجلس الشعب. وكان الأعضاء داخل القاعة يجمعون التوقيعات، وقد وصلت إلى حوالى 180 توقيعا من نواب حزب النور والأصالة والبناء والعدالة وغيرها ويعلنون فى الطلب رفضهم للطريقة التى استخدمها د.سعد الكتاتنى فى تعليق الجلسات وكانوا يعلنون رفضهم لأسلوب الأغلبية فى اتخاذ مثل هذه القرارات. ولكن يبدو أن هذه الحدة والانفعالات فى داخل القاعة والذى كنت شاهدا عليها تلاشت وخفت حدتها عندما استقبل د.الكتاتنى هؤلاء المعترضين، وتبادل فيها النواب الأحضان والقبلات مع رئيس مجلس الشعب كما سجلتها «مجلة أكتوبر». اللجان مستمرة وبعد قرار الكتاتنى بتعليق الجلسات عقدت لجان المجلس التى يرأسها أعضاء حزب النور اجتماعات خلال الأسبوع الماضى، فقد عقدت لجنة الاقتراحات والشكاوى والتعليم والأمن القومى اجتماعات بدون الحكومة، وكذلك لجنة حقوق الإنسان برئاسة النائب محمد أنور السادات.. فهل معنى ذلك أن شهور العسل بين الإخوان وحزب النور قد انتهت إلى غير رجعة؟! فأعضاء حزب النور أو السلفيون رفضوا فعلا بيان الحكومة، ولكنهم فى نفس الوقت رفضوا تعليق الجلسات! وبعد تعليق الجلسات قامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن.. فالدكتور كمال الجنزورى يعلن فى كل وسائل الإعلام وكل المناسبات أن الحكومة لن تستقيل، فالإعلان الدستورى لا يعطى البرلمان حق سحب الثقة من الحكومة وأن المادة 33 من الإعلان الدستورى لا تنص على سحب الثقة وأنه يرفض الاستقالة، وأن حكومته باقية حتى انتخابات الرئاسة، ويؤكد على كلامه اللواء محسن الفنجرى عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة إن من صرح بوجود تعديل وزارى خلال أيام مسئول عنه وعليه أن يرد، وأن من اتخذ قرار تعليق جلسات البرلمان هو المسئول عنه. وهكذا.. فنحن فعلا فى أزمة ساخنة بين البرلمان والحكومة، ويجب البحث عن حل حول بقاء الحكومة أو رحيلها. إرجاء الصدام وفى نفس الوقت بدأ بعض الأعضاء مطالبة رئيس مجلس الشعب بضرورة فتح باب المداولة فى قرار تعليق الجلسات وتقدمهم النائب المخضرم محمد العمدة وكيل اللجنة التشريعية، وقدم طلبا إلى د.سعد الكتاتنى يقترح فيه إرجاء الصدام على إقالة الحكومة لما بعد انتخابات رئاسة الجمهورية. وقال العمدة لرئيس مجلس الشعب إن استصدار قرار عاجل يلزم أن يقدم من عشرين عضوا أو أحد ممثلى الهيئات البرلمانية، وأن هذه الإجراءات لم تتبع، وأن رئيس مجلس الشعب لم يعرض على المجلس اقتراح تعليق الجلسات مقدم من عشرين عضوا وأحد ممثلى الهيئات البرلمانية، كما لم يناقش الاقتراح من رئيس مجلس الشعب، إنما تم التصويت على الاقتراح بدون مناقشة ولم تتم مناقشة إقالة الحكومة فى هذا الوقت. *** إننا نطالب بضرورة حل الأزمة بين الحكومة وسيد قراره.. وأننا يجب الوصول إلى حلول وسط حتى نصل إلى الاستقرار والعبور من هذه الأزمة.