أفضل ما فى الفيلم الأمريكى «The Roven» أو«الغراب» فكرته الذكية التى تحاول أن تستوحى أحداثاً درامية من حياة الشاعر والقاضى الشهير «إلجار آلان بو»، واعتماداً على بعض أعماله التى فتحت الباب لحكايات الرعب والعنف المخيف، ولكن الفيلم الذى أخرجه «جيمس ماكيتجى»، وقام ببطولته الموهوب «جون كوزاك» فشل فى ضبط أحداثه وإيقاعه بسبب بعض الحوارات الطويلة، ونتيجة للتأرجح بين أفلام الرُعب والدراما البوليسية وأفلام السيرة الذاتية دون أن يشبع أى نوع من هذه الأنواع، ودون أن يفلح فى مزجها معاً، بالإضافة إلى نهاية الفيلم التى أراها ضعيفة، مما أضاع الكثير من الوقت والجهد وبعض اللحظات الجيدة! اشتهر «إدجار آلان بو» بحياته المضطربة الصعبة، وبإسهاماته المهمة فى مجالى القصة القصيرة والشعر، وقد وجد ميتاً على مقعد فى إحدى حدائق مدينة «بالتيمور» الأمريكية، وكأن نهايته الغامضة امتداد لقصصه القصيرة المرعبة والمليئة بالعنف الدموى، أما «الغُراب» الذى يحمل الفيلم اسمه فهو عنوان إحدى أشهر قصائد «بو» ولكن فكرة الفيلم تدور حول محورين: حياة «بو» العاصفة بين الحب والموت، وضياع الخط الفاصل بين الفن والواقع، حيث تتكرر فى مدينة «بالتيمور» جرائم قتل بشعة تنتهى بالذبح والتشويه والخنق، ومن خلال رجل البوليس «فليدز» نكتشف أن الجرائم تتم بنفس الطريقة التى وصفها «إدجار آلان بو» فى قصصه. يكون الاحتمال الأول أن «بو» الذى نراه منذ البداية مُفلساً ووحيداً وغارقاً فى إدمان الخمور ربما يكون هو صاحب هذه الجرائم خاصة أن إحدى الضحايا شاعر وناقد أدبى كان فى حالة عداء صريح مع بو، ولكن «فليدز» يستبعد هذا الاحتمال، ويقرر أن يستعين بالشاعر المُفلس البائس لحل لغز جرائم مقتبسة من قصصه، ثم تتعقد الحبكة عندما يقوم السفاح باختطاف «إميلى هامليتون» حبيبة «بو» الجميلة، والتى كان ينوى الزواج منها رغم رفض والدها الشرس، ومن خلال لعبة ذكاء متبادلة بين السفاح عاشق قصص «بو»، ورجال البوليس الذين يساعدهم القاص الكبير تتوالى المفاجأت حتى نكتشف فى النهاية أن وراء الجرائم عامل المطبعة «إيفان» الذى عشق قصص «بو» وأراد أن يدخل معه مباراة فى تجسيدها، وفى أحد أغرب مشاهد الفيلم، يشعر «بو» بالذنب فيقبل أن يتجرع السمّ الذى أعطاه له «إيفان» ولكنّ الشاعر البائس ينجح فى إنقاذ حبيبته، ثم يموت على مقعده فى الحديقة، كما يترك لصديقه «فليدز» اسم القاتل ليتولى الانتقام منه فى باريس! هناك مجهود واضح فى دراسة تفاصيل حياة «بو» وقصصه المرعبة لتوظيفها لصالح دراما الفيلم، وهناك أداء جيد ومرح لشخصية «بو» بلمسات الموهوب «جون كوزاك»، ولكن الفيلم الطموح لم ينجح فى النهاية فى أن يحافظ على إيقاعه أو منطقه أو تماسُكه، فظلت فكرة صراع الفن والواقع والحب والموت أجل كثيراً من الدراما التى شاهدناها.