كتب أيمن لطفى ... المشكلة الأزلية والقضية التى لا ينتهى الكلام فيها، والسؤال الحائر الذى يطرح نفسه دائما وأبدا «هل نحن مخيرون أم مسيرون» ؟ وإذا كنا مسيرون فلماذا يحاسبنا الله على أعمال مقدرة علينا؟ هل نحن أحرار؟ كيف نكون أحرارا ونحن لم نختار جنسنا ولوننا وطولنا وعرضنا؟ وماذا عن الأخلاق والقوانين والنواهى الدينية التى تعوق حريتنا؟ إذا بحثنا سنجد أن الإمام الغزالى أجاب على هذا التساؤل بكلمات فقال: «الإنسان مخير فيما يعلم ومسير فيما لا يعلم» الإنسان مخير لأن الله أعطاه إرادة اختيارية، وأعطاه مشيئة يتصرف بها فى أمور دينه ودنياه بدون جبر أو قهر، الإختيار حقيقة وحرية القلب والنية أيضاً حقيقة، فالإنسان لديه سلطة الاختيار بين البدائل، لا أحد يجبره على أن يكون صادقاً أميناً، ولا أحد يجبره على الكذب والظلم والسرقة، ولو كان الإنسان مجبراً على عمله لفاتت الحكمة من الشرائع، ولكان تعذيب الإنسان على أعماله ومعصيته ظلماً والله عز وجل منزه عن الظلم..... قال تعالى « فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ». إذن كيف تكون أعمالنا مقدرة علينا؟ الإنسان يفعل بإختياره بلا شك، ولكن إذا فعل فإنه يجب أن يؤمن بأن هذا الشىء مقدر عليه من قبل ولكنه لا يعلم بأنه مقدر إلا بعد وقوعه، ولهذا تكون أعمالنا مقدرة علينا، لأن الله تبارك وتعالى محيط بكل شىء علماً، عالم الغيب وأعلم بما تخفيه القلوب والنفوس فهو خالقنا، وهو يعلم مسبقاً ما سنقوم بفعله من خير أو شر ويسير كل إنسان لما يريد، ويمهد الله أسباب الخير للأخيار وأسباب الشر للأشرار، فيجعل الله أمراً ما ميسراً أو معسراً حسب نية صاحبه، إذن فالإنسان مخير ومسير فى نفس الوقت، مخير يفعل ما يشاء وما يريد، ومسير لأن الله يعلم مسبقاً أفعاله ولكنه لا يجبره على فعلها. في النهاية يجب أن نتذكر جميعا أن الله يقدر ويفعل ما يشاء ولن يصيبك إلا ما كتبه لك، الله يريد لنا ويقدر لنا حتى نكتب على أنفسنا ما نريده لأنفسنا، وما نخفيه فى قلوبنا، وما نختاره دون إجبار أو إكراه الله لا يأمر الظالم أن يظلم.... أنت حر ولا يستطيع أحد أن يقتحم عليك غرفة ضميرك ويجبرك على شيء حتى الشيطان إلا إذا أذنت له. « الإنسان مخير فيما يعلم ومسير فيما لا يعلم «