على مدار الثلاثين عاما الماضية عقدت مصر العديد من الاتفاقيات التجارية مع بلدان إقليمية بالإضافة إلى دول أوروبا وأمريكا تلك الاتفاقيات الآن ومنها اتفاقية الكويز صارت محل جدل ومهددة بالإلغاء حيث اختلف الصناع والخبراء حول مصير اتفاقية الكويز وموقف الحكومة منها خاصة بعد إنهاء عقد تصدير الغاز لإسرائيل. فعلى الرغم من الاتفاقيات التجارية بين مصر ودول العالم فإنها تعد بمثابة العمود الفقرى لأى دولة من خلال رصد حركة الأسواق التجارية والاقتصادية ومعرفة عمليات التبادل التجارى بين البلدان لخدمة الاقتصاد الوطنى باعتبار مصر دولة محورية فى الشرق الأوسط لذلك فقد حذر عدد من رجال الأعمال والصناع من خطورة قيام إسرائيل بإلغاء اتفاقية الكويز أو استغلالها كورقة ضغط على مصر لإعادة تصدير الغاز لإسرائيل مرة أخرى، خصوصًا أن أكثر من 400 شركة مصرية تستفيد من هذه الاتفاقية، كما توفر أكثر من 300 ألف فرصة عمل، فى حين استبعد آخرون أن تكون الكويز ورقة ضغط على مصر، مشيرين إلى أن أطرافها كثيرة سواء فى مصر أو أمريكا أو إسرائيل، أما اتفاقية الغاز فلها طرفان هما الشركة المصرية ونظيرتها الإسرائيلية، ولذلك فإن إلغاءها يكون أسهل على الطرفين خصوصًا أنها علاقة تجارية فقط. مجدى طلبة، وكيل غرفة الصناعات النسيجية استبعد تأثير قرار الحكومة المصرية بإلغاء تصدير الغاز إلى الكيان الصهوينى على اتفاقية الكويز، لافتاً إلى أن القرار تجارى بحت ولا يوجد به أى ضغط سياسى. وأضاف طلبة أن الحكومة المصرية من حقها أن تأخذ جميع حقوقها، لافتا إلى أن القرار جاء بسبب عدم التزام شركة شرق المتوسط بالشروط التعاقدية، مستشهدا بتصريحات فايزة أبو النجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولى، بأن الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية أخطرت الجانب الإسرائيلى بذلك، منوهة إلى أن هذا العقد ليست له علاقة بوزارة البترول أو الحكومة المصرية، لكنه عقد تجارى بين شركتين. ومن جانبه قال محمد قاسم رئيس المجلس التصديرى للملابس الجاهزة إن هناك فرقا واضحا وكبيرا بين اتفاقية الغاز بين مصر وإسرائيل واتفاقية «الكويز»، حيث إن الأولى هى علاقة تجارية بين البلدين كبائع ومشترٍ إلا أن الثانية هى مصالح متعددة الأطراف، قائلا إن الدول لا تتعامل بمنطق مبادلة الخسائر أى أن إسرائيل لن تلغى اتفاقية الكويز فى مقابل إلغاء مصر لاتفاقية الغاز كوسيلة للضغط عليها. وقال قاسم إن اتفاقية الغاز كان من السهل إلغاؤها من أى من الطرفين لكونها اتفاقية تجارية بينهما، كما أنها تمثل ضررًا على الجانب المصرى لصالح الجانب الإسرائيلى نتيجة أسعار الغاز المتدنية، التى يتم تصديرها لإسرائيل، إلا أنه على الجانب الآخر فمصر هى المستفيد الأول من «الكويز» ويليها الأطراف الأخرى من الشركات الإسرائيلية المصدرة لمصر . وأوضح قاسم، أن اتفاقية الكويز تربطها علاقات متعددة تتمثل فى عشرات من الشركات الإسرائيلية الموردة للأقمشة إلى مصر، وما يقابلها من شركات مصرية والمستوردة لهذة الأقمشة من إسرائيل حيث يصل عددها من 300 إلى 400 شركة مصرية، والتى تصدر بما يقرب من مليار دولار من الصادرات المصرية إلى الأسواق الأمريكية والمعفية من الجمارك بموجب الاتفاقية، والتى تنص على أنه فى حالة استيراد الشركات المصرية للأقمشة الإسرائيلية يتم السماح لها بتصدير الملابس الجاهزة إلى أمريكا بدون رسوم جمركية. ففى دراسة للدكتور محمد الشيمى الخبير الاقتصادى وضح فيها أن قدرة مصر على تنمية صادراتها كانت قدرة محدودة فى ظل قيام الدول الكبرى بوضع عراقيل أمام صادرات الدول النامية عامة وكانت الصناعات التقليدية المصرية من أكثر النوعيات التى فشلت فى النفاذ إلى الأسواق العالمية (يعود ذلك إلى انخفاض مستويات الفن الإنتاجى وارتفاع التكلفة وهى أسباب للأسف مازالت تلقى بأعبائها على الصناعة المصرية) ولم تكن لمصر أى وسائل أخرى سوى اتفاقيات التجارة التى يمكن من خلالها إيجاد موطن قدم للسلع الوطنية فى أسواق دول أخرى. وأشار الشيمى إلى أنه كان لاتفاقيات التجارة دور مهم فى تحقيق أهداف التصدير ومن ثم تحقيق حصيلة من العملات الأجنبية بإيرادات تسهم فى عمليات التنمية الاقتصادية. وطالب خالد رأفت وكيل المجلس التصديرى للصناعات النسيجية، بضرورة الفصل بين الشئون السياسية والأمور الاقتصادية، مؤكدا أن إلغاء اتفاقية الكويز لن يكون ردا رادعا على التجاوزات الإسرائيلية مؤخرا إنما هو إضرار بالسياسات التصديرية فى مصر.وحذر رأفت من إغلاق أكثر من 400 مصنع وتشريد 650 ألف عامل وضياع ما يزيد على مليار و200 ألف قيمة الصادرات المصرية لأمريكا فى حال الانسياق وراء المطالب الشعبية وإلغاء اتفاقية الكويز. وأكد رأفت على ضرورة قيام المجلس العسكرى والمجموعة الاقتصادية بعقد اجتماعات متواصلة قبل اتخاذ أى قرار من شأنه يلحق الضرر بالسياسات التصديرية. ومن جانبه أيَّد سعيد الجوهرى رئيس الاتحاد المحلى لعمال المنوفية إلغاء اتفاقية الكويز مؤكدا أن السوق المحلى لا يعود إليه أى منفعة من تلك الاتفاقية إنما إفادتها لمصدرى الأقمشة. وأضاف الجوهرى أن الدولة لابد أن تنتهج سياسات جديدة للنهوض بصناعة النسيج فى مصر منها التوسع فى زراعة القطن متوسط وقصير التيلة والاستمرار فى عملية التصدير ولكن ب 100% منتجات محلية. وعن ال 650 ألف عامل المهددين بالتشريد قال الجوهرى إنه يمكن للمصانع أن تستغنى عن المكون الإسرائيلى خاصه أنه غير مؤثر فى المنتج المصرى إنما هو للضغط على مصر فقط. ومن جانبه قال د. مختار الشريف الخبير الاقتصادى التفاوض حول شروط اتفاقية الكويز بتخفيض نسبة المكون الإسرائيلى من 10% إلى 5% مستبعد لما له من أضرار بالغة على الاقتصاد القومى. مشيرا إلى أن العامل النفسى عليه عبء كبير فى الكساد العالمى فالموجة التشاؤمية بوقف اى اتفاقيات كالكويز أو غيرها يترتب عليها إغلاق المصانع وانخفاض فى مستويات الإنتاج وتسريح العمالة أو تخفيض مرتباتهم لذا فإن هذه التأثيرات السلبية سيكون لها الأثر الأكبر على انكماش الاقتصاديات خاصة الصادرات لكن مع تنويع الأسواق وتزايد الاتفاقيات ورفع كفاءة المنتجات التصديرية وتنافسها من شأنه أن يزيد من الإنتاجية. وطالب الشريف وزارة التجارة والصناعة عقد المزيد من الاتفاقيات العالمية لكى تفتح أسواقا جديدة أمام الصادرات المصرية وأن يراعى الجودة لهذه السلع والأسعار المنافسة. وقال الشريف إن دراسة العلاقات الاقتصادية الدولية تعد على درجة كبيرة من الأهمية لأنها توضح كيف تسير هذه العلاقات وكيف يعمل النظام الاقتصادى العالمى من خلال توضيح الاعتماد المتبادل بين الدول فما ينتجه مواطنو دولة معينة هو من الأهمية لمواطنى دولة أخرى. كما أن الواقع العملى يوضح أنه لا يمكن لدولة أن تحيا اقتصاديا بمعزل عن باقى الدول الأخرى. وطالب واضعى السياسات التجارية والاقتصادية العامة أن يدركوا أهمية التبادل التجارى وما هى طبيعة السلع التى يمكن التخصص فيها وما هى التخصصات الأكثر فعالية وكيف يمكن عمل طفرات من خلال المعرفة والعلم لخلق تخصصات جديدة تضيف مزايا نسبية لم تكن موجودة من قبل من خلال الاهتمام بالاستثمار البشرى.