على مدار الثلاثين عاما الماضية عقدت مصر العديد من الاتفاقيات التجارية مع بلدان إقليمية إضافة إلى دول أوروبا وأمريكا تلك الاتفاقيات الآن ومنها اتفاقية الكويز، حيث اختلف الصناع والخبراء حول مصير اتفاقية الكويز وموقف الحكومة منها عقب انتهاء الانتخابات لمجلس الشورى وسيطرة الإخوان على النصيب الأكبر مثل مجلس الشعب وحصولهم على النسبة الأكبر من مقاليد السياسة فى مصر وبعد المساعى الكثيرة من قبل مرشحى الرئاسة لكسب ودهم لمعرفة مدى ثقلهم بالشارع المصرى. والاتفاقيات التجارية بين مصر ودول العالم تعد بمثابة العمود الفقرى لأى دولة من خلال رصد حركة الأسواق التجارية والاقتصادية ومعرفة عمليات التبادل التجارى بين البلدان لخدمة الاقتصاد الوطنى باعتبار مصر دولة محورية فى الشرق الأوسط. ففى دراسة للدكتور محمد الشيمى الخبير الاقتصادى وضح فيها أن قدرة مصر على تنمية صادراتها كانت قدرة محدودة فى ظل قيام الدول الكبرى بوضع عراقيل أمام صادرات الدول النامية عامة وكانت الصناعات التقليدية المصرية من أكثر النوعيات التى فشلت فى النفاذ إلى الأسواق العالمية (يعود ذلك إلى انخفاض مستويات الفن الإنتاجى وارتفاع التكلفة وهى أسباب للأسف مازالت تلقى بأعبائها على الصناعة المصرية) ولم يكن لمصر أى وسائل أخرى سوى اتفاقيات التجارة التى يمكن من خلالها إيجاد موطئ قدم للسلع الوطنية فى أسواق دول أخرى. وأشار الشيمى أنه كان لاتفاقيات التجارة دور مهم فى تحقيق أهداف التصدير ومن ثم تحقيق حصيلة من العملات الأجنبية بإيرادات تسهم فى عمليات التنمية الاقتصادية. وكما كان بموجب اتفاقيات التجارة من الإمكان تدفق الواردات من المدخلات الصناعية والمواد الغذائية والخامات وهو الأمر الذى حال تماما دون حدوث الأزمات فى العديد من السلع الاستراتيجية (خاصة فى الوقت الذى كان هناك شبه حصار اقتصادى على البلاد كعقوبة لمواقفها الوطنية)، بالإضافة الى ذلك كله فإن من الإمكان تحقيق حالة من الاستقرار النسبى فى أسعار السلع المصدرة وأيضا المستوردة، حيث كانت الاتفاقيات تنص على أسعار محددة بحيث لا تتغير إلا باتفاق الجانبين أو لأسباب مبررة الأمر الذى ساعد الأجهزة التخطيطية على وضع حسابات دقيقة لتكلفة التنمية وعائدها. وطالب خالد رأفت وكيل المجلس التصديرى للصناعات النسيجية بضرورة الفصل بين الشئون السياسية والأمور الاقتصادية، مؤكدا أن إلغاء اتفاقية الكويز لن يكون ردا رادعا على التجاوزات الإسرائيلية مؤخرا، إنما هو إضرار بالسياسات التصديرية فى مصر. وحذر رأفت من إغلاق أكثر من 400 مصنع وتشريد 650 ألف عامل وضياع ما يزيد على مليار و200 ألف جنيه قيمة الصادرات المصرية لأمريكا فى حال الانسياق وراء المطالب الشعبية وإلغاء اتفاقية الكويز. ومن جانبه أيد سعيد الجوهرى رئيس الاتحاد المحلى لعمال المنوفية إلغاء اتفاقية الكويز مؤكدا أن السوق المحلى لا يعود إليه أى منفعة من تلك الاتفاقية، إنما إفادتها لمصدرى الأقمشة. وعن 650 ألف عامل المهددين بالتشريد قال الجوهرى إنه يمكن للمصانع أن تستغنى عن المكون الإسرائيلى، خاصة أنه غير مؤثر فى المنتج المصرى، إنما هو للضغط على مصر فقط. ومن جانبه قال د. مختار الشريف الخبير الاقتصادى: التفاوض حول شروط اتفاقية الكويز بتخفيض نسبة المكون الإسرائيلى من 10% - 5% مستبعدة أن يتم إلغاء الاتفاقية لما له من أضرار بالغة على الاقتصاد القومى، مشيرا إلى أن العامل النفسى عليه عبء كبير فى الكساد العالمى فالموجة التشاؤمية بوقف أى اتفاقيات كالكويز أو غيرها يترتب عليها إغلاق المصانع وتدنٍ فى مستويات الإنتاج وتسريح العمالة أو تخفيض مرتباتهم لذا فإن هذه التأثيرات السلبية سيكون لها الأثر الأكبر على انكماش الاقتصاديات خاصة الصادرات لكن مع تنويع الأسواق وتزايد الاتفاقيات ورفع كفاءة المنتجات التصديرية وتنافسها من شأنه أن يزيد من الإنتاجية. وقال الشريف إن دراسة العلاقات الاقتصادية الدولية تعد على درجة كبيرة من الأهمية لأنها توضح كيف تسير هذه العلاقات وكيف يعمل النظام الاقتصادى العالمى من خلال توضيح الاعتماد المتبادل بين الدول فما ينتجه مواطنو دولة معينة هو من الأهمية لمواطنى دولة أخرى. كما أن الواقع العملى يوضح أنه لا يمكن لدولة أن تحيا اقتصاديا بمعزل عن باقى الدول الأخرى. وطالب من واضعى السياسات التجارية والاقتصادية العامة أن يدركوا أهمية التبادل التجارى وما هى طبيعة السلع التى يمكن التخصص فيها وما هى التخصصات الأكثر فعالية وكيف يمكن عمل طفرات من خلال المعرفة والعلم لخلق تخصصات جديدة تضيف مزايا نسبية لم تكن موجودة من قبل من خلال الاهتمام بالاستثمار البشرى. ويقول عادل العزبى نائب رئيس شعبة المستثمرين باتحاد الغرف التجارية إنه يجب على الحكومة ان تستمر فى تقديم الدعم للمصدرين لدخولهم أسواقا جديدة تتطلب نفقات جديدة لغزو هذه الأسواق إضافة الى الاحتفاظ بالأسواق القديمة ولابد من تخفيض سعر الفائدة على القروض التصديرية حتى يمكن للمشروعات الاستمرار فى نشاطها والاحتفاظ بأعداد العمالة. ويضيف أن المصدريون عليهم تخفيض نسبة هامش الربح الذى يحققونه فى منتجاتهم، مؤكدا أن التواجد فى الأسواق الخارجية معركة مصيرية لابد للمصدرين المصريين أن ينتصروا فيها من خلال تقليل النفقات الانتاجية وكذلك الفاقد وهامش الربح وارتفاع مستوى الجودة حتى يحدث رواج وانتعاش فى تسويق سلعهم فى الأسواق المحلية والدولية ويوضح أن مصر عقدت كثيرا من الاتفاقيات التجاريه الدولية إضافة إلى الاتفاقيات الثنائية لجعل المنتج التصديرى المصرى فى وضع افضل تجاريا لكن هذه الاتفاقيات لم تفعل فى معظم جوانبها. وأوضح أن التكامل الاقتصادى هو صيغة متقدمة من صيغ العلاقات الاقتصادية والتى تتميز بأنها عملية من التنسيق المستمرة والمتصل، بحيث تتضمن هذه الصيغة مجموعة من الإجراءات بهدف إزالة القيود على حركة التجارة وعناصر الإنتاج فيما بين مجموعة من الدول لتحقيق معدلات نمو مرتفعة . والتكامل عملية تحتاج إلى الزمن حتى تنضج وتكتمل عناصرها ، ولذا ينظر إليه على أنه عملية تدريجية تاريخية.