فاصل جديد من الإثارة تشهده الساحة القضائية المشتعلة منذ أزمة التمويل الأجنبى، إذ هدد الكثير من قضاة الاستئناف وعلى رأسهم المستشار محمد محمود شكرى رئيس محكمة جنايات القاهرة المتنحى هو ودائرته فى قضية التمويلات بأنه يعتزم وعدد من زملائه القضاة الاستقالة احتجاجا على ما وصفوه بخضوع القضاة إلى الضغوط بعد قرار الجمعية العمومية لقضاة محكمة استئناف القاهرة باستمرار المستشار عبد المعز إبراهيم فى التفويض الممنوح له من القضاة فى إدارة وتسيير أمور المحكمة. «أكتوبر» تستطلع آراء عدد من شيوخ القضاء حول ما يشهده القضاء المصرى مؤخرا من معارك ملتهبة.يرى المستشار علاء شوقى رئيس محكمة جنايات الجيزة ورئيس الاستئناف بمحكمة استئناف القاهرة أن القضاة اتبعوا القانون ولجأوا للمادة 32 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والتى تنظم كيف تكون الدعوة لعقد جمعية عمومية والتى تنص على أن تكون إما لرئيس المحكمة أو أحد أعضائها ليقدم الطلب باسم أقدم أعضائها إلى رئيس المحكمة أو بطلب من النيابة العامة ويشترط حضور أكثر من نصف الأعضاء عند تحديد ساعة معينة إن حضر هذا العدد فتصبح الجمعية بحضور أكثر من نصف الأعضاء أو تؤجل لمدة ساعة. ولكن فى هذه الحالة لايصح الحضور إلا بحضور ثلث أعضاء الجمعية كحد أدنى وفى الدعوة السابقة حصلنا على أكثر من 300 توقيع وفى تلك الأثناء تم تقديم طلب المحكمة ولكن رفض القائمون التوقيع بدون حضور المستشار عبد المعز إبراهيم ولم يكتمل النصاب القانونى لعقد الجمعية إذ حضر 71 قاضيا فقط. ويؤكد أن شيخ القضاة المستشار حسام الغريانى رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى حضر الجمعية وأبلغهم بأن حضوره يبطل الجمعية لأنها جمعية استئناف وليست جمعية عمومية لمحكمة النقض وطلب انتظار حضور المستشار عبد المعز إبراهيم من السفر والاستماع إليه حيث إن القرار يخص قضاة الاستئناف،وعاد عبد المعز ودار سجال بينه وبين الحاضرين انتهى إلى إقراره بأنه لا يتمسك بالتفويض الممنوح له من قبل الجمعية السابقة فتمسك أحد المستشارين بهذا القول وقال إن هذا القول يكفى فى حضور المستشار الغريانى وشهادته والذى وافق على ذلك وغادر المستشار عبد المعز إبراهيم ثم حدث ما حدث من سفر عبد المعز للمكسيك وتصريحه بأنه لم يتنازل عن التفويض. وأبدى استعداده لذلك عندما يكتمل عقد الجمعية العمومية لمستشارى الاستئناف.ويضيف المستشار شوقى أن يوم الثلاثاء شهد انعقاد الجمعية العمومية بناء على طلب من طرفين الأول المستشار عبد المعز إبراهيم باعتباره رئيسا لمحكمة الاستئناف والآخر هو المستشار حسين عبد الحميد الذى كان الحضور السابق قد نصّبه باعتباره أقدم الأعضاء بعد المستشار عبد المعز إبراهيم فى ممارسة الاختصاصات الخاصة بالتفويض الذى كان ممنوحا للمستشار عبد المعز إبراهيم وظل الحضور معلقا حتى وصل العدد إلى 288 قاضيا وهو ما يوازى أكثر من الثلث المطلوب لعقد الجمعية ليكون النصاب صحيحا. حيث أيد عدد قضاة الاستئناف يقترب من 950 قاضيا ثم أنبرى الجميع كل يريد أن يدلى بدلوه فى الجمعية بعد أن قال المستشار عبد المعز إبراهيم كلمته والتى ردد فيها ما سبق وقال إنه على استعداد للتنحى حال أن تكتمل الجمعية. ويضيف المستشار شوقى أننى وإن كنت أحد المائة وأحد الذين قالوا لا باعتبار أن ما حدث كان يتعين أن يكون جزاءه هو الاكتفاء بهذا القدر من سريان التفويض غير أننا فى البداية والنهاية قضاة نحتكم إلى القانون فى كل مناحى حياتنا. فبالضرورة كان علينا التسليم بهذه النتيجة التى انتهى إليها التصويت واحترام شأنها تماما كما كنا نتمنى أن يحترم الآخرون النتيجة لوكان الأمر قد انتهى إلى عكس ما انتهى إليه أى بتغليب واحترام إرادة التصويت حال لو كانت نتيجة عدم استمرار المستشار عبد المعز إبراهيم فى ذلك التفويض لأن القاضى الحق هو من يرتكن إلى الشرعية ويسير على طريقها فعليه لزما أن يقبل بنتيجتها. ويؤكد المستشار هشام جنينة الرئيس بمحكمة الاستئناف وسكرتير عام نادى قضاة مصر السابق وأحد قادة تيار الاستقلال أن رئيس محكمة الاستئناف ليس متسلطا علينا وبمقتضى الأقدمية هو يقوم بإدارة المحكمة وتسيير أمورها فى توزيع الدوائر والقضايا ولكنه يجب ألا يتدخل فى عمل المحكمة وأن ما حدث فى محكمة استئناف القاهرة هو شأن داخلى محض، ونحن نعلم أن هناك أطرافا تربطها مصالح ومن مصلحتها بقاء المستشار عبد المعز إبراهيم فى مكانه. ويضيف أن ما حدث فى قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى كان سببا فى اهتزاز الثقة فى عبد المعز وفى أى موقع يتبوأه كما أدى إلى اهتزاز الثقة فى القضاء المصرى ونرجو ألا يتكرر مرة أخرى وفىالنهاية فإننا نحترم إرادة الجمعية العمومية التى رأت استمرار التفويض بعدد 154 مقابل 101 مستشار رأوا ضرورة إلغاء التفويض الممنوح له حتى 31 يونيو القادم. ويضيف المستشار عادل الشوربجى نائب رئيس محكمة النقض أننى أحترم إرادة القضاة ورأيهم والذى انتهى إلى استمرار التفويض الممنوح لرئيس محكمة استئناف القاهرة فى إدارة المحكمة وتسيير أعمالها وأننى أهيب بقضاء مصر أن تكون مداولاتهم كما اعتدنا داخل القاعات المغلقة وليس على الملأ. ويضيف الشوربجى أننا نريد أن يكون مرجعنا وملاذنا الأول هو مجلس قضائنا الأعلى وأن تكون كلمتنا الأولى والأخيرة صادرة منه معبرة عن آمال وتوجيهات القضاة. ويؤكد الشوربجى أن ما حدث كان محاولة لفتنة بين القضاة ولكن بحكمة القضاة وحنكتهم تم وأدها فقد كانت محاولة لبث الانقسامات بين القضاة.. فمن الممكن أن نختلف فى الرأى والرؤى أثناء المداولة لكننا نحترم ما ينتهى إليه رأى الأغلبية وندافع عنه جميعا لأن هذه طبيعتنا كقضاة. ويرى المستشار ياسر رفاعى رئيس محكمة الاستئناف ورئيس استئناف جنح النقض أن المستشار عبد المعز إبراهيم أخطأ باتصاله بالدائرة بالإضافة إلى أنه خالف الأعراف والتقاليد القضائية ولكن هذا لم يتسبب فى حدوث فتنة أو انقسام بين القضاة حيث قاموا بالتصويت وأعطوا له استمرارية التفويض لأن المدة المتبقية هى شهران فقط. كما أخطأ المستشار إبراهيم بناء على تصريحه وهذا كان له أثر فى النظر لرئيس محكمة استئناف القاهرة واستمرار العمل بالتفويض الممنوح له. القانون هو الفيصل ويرى المستشار حسن النجار رئيس محكمة الاستئناف ورئيس نادى قضاة الشرقية أن القانون هو الفيصل فى هذه المعركة وقد انتصر فى النهاية ورغم اللغط الذى حدث فى بعض الأحيان من شبهة تدخل المستشار عبد المعز إبراهيم لدى المستشار شكرى فى قضية التمويلات للمجتمع المدنى فإن جميع المختلفين اعتصموا بصحيح القانون وانتصر القانون وارتضت الأقلية ونزلت على رأى الأغلبية التى رأت استمرار رئيس المحكمة فى موقعه.