من النادر فعلاً أن تجد فيلماً من أفلام الخيال العلمى بهذا العمق السياسى الذى يقدمه الفيلم الأمريكى «In Time» والذى عرض تجاريا فى الصالات المصرية تحت عنوان «فى الوقت المحدد» الفيلم الذى كتبه وأخرجه «أندرو نيكوول» لا يعتمد فقط على طرافة الفكرة بتحويل الصراع فى المستقبل إلى صراع من أجل الحصول على وقت إضافى لإطالة العمر، ولكنه يقول بصراحة إن النظام الرأسمالى المبنى على الجشع ليس إلا سرقة علنية للفقراء، ويقترح الفيلم بصورة ثورية مواجهة السرقة بالسرقة المضادة، وقيادة ثورة للفقراء لبناء نظام عالمى أكثر عدلاً سواء كان ذلك بإعادة تقسيم الوقت بين الناس اللى فوق والناس اللى تحت أو تقسيم المال والثروة على اعتبار أن المجتمع لأمريكى البراجماتى يؤمن بأن الوقت يساوى المال. يتخيل الفيلم أن الإنسان قد تم تعديل جيناته وراثياً بحيث ينتهى عمره فى سن الخامسة والعشرين، فإذا رغب إنسان فى أن يعيش سنوت أكثر، فإن أمامه أن يشترى وقتاً إذا كان ثرياً أو يسرق الوقت «الأيام والدقائق والساعات» إذا كان فقيراً، وينجح مؤلف الفيلم فى أن يُعيد بناء نموذج لدولة رأسمالية يدور الصراع فيها حول الوقت بدلاً من المال، وممكن نقل الوقت الإضافى أو سرقته عبر تلامس الأذرع!! وأن هناك عالمان: الفقراء.. ويعيشون فى مدينة «داتيون» التى يكدح أهلها لإطالة عمرهم يوماً بيوم أو حتى ساعة بساعة، والتى ينتشر فيها لصوص الوقت، والمدينة الثرية التى تمتص أعمار الناس لصالح الأغنياء، حيث يختزنون مئات الأعوام والسنين ليعيشوا بلا نهاية. بطل الفيلم الشاب «ميل سالاس» يكافح يومياً من أجل إطالة عمر والدته ولكنها تموت لعدم قدرتها على الحصول على وقت إضافى، وبعد أن ينجح فى الحصول على قرن إضافى من رجل ثرى التقى به، يقتحم «ميل» مدينة الأثرياء، وينجح فى اجتذاب الحسناء «سيلفيا» ابنة صاحب الثراء الفاحش «فيليب وايز»، يحاول أن يختطفها ويفاوض والدها لكى يفرج عن مخزون الوقت الذى يحتكره، ولكن الأب يرفض أن يمنح الوقت للفقراء، تتعاطف «سيلفيا» مع حبيبها وتساعده على اقتحام «بنوك الوقت» ذات الفوائد العالية، بل إنها تساعده على اقتحام خزينة والدها للسطو على «ألف عام» قام بالاحتفاظ بها، يتحول «ميل» و«سيلفيا» إلى نسخة معاصرة من «بونى» و«كلايد»، حيث يرفعان شعار سرقة ما قام الأغنياء بسرقته من الفقراء، وينتهى الفيلم القنبلة بجولة جديدة من الثنائى لسرقة بنك أضخم للوقت، وإعادة ما تم سلبه إلى الفقراء الذين سرقت الرأسمالية أعمارهم. نجح الفيلم فى تقديم دراما تجمع بين الإثارة والخيال العلمى مع وضوح الرؤية السياسية، كانت هناك أيضا مشاهد جيدة التنفيذ بصرياً خاصة فيما يتعلق بالمطاردات، أداء الممثلين كان جيداً بصفة عامة خاصة أن بعضهم كان مطلوباً منه أن يكون شاب المظهر وعجوزاً من حيث عدد السنوات، كم هو مثير بالفعل أن تجد فيلما أمريكياً يعلن الحرب علىالرأسمالية الجشعة!