أرجو ألاّ يغضب أى مرشح محتمل من هذا التحقيق، وألا يعتبر الكلمات والسطور التالية نقدًا لذاته أو لشخصه لسبب بسيط وهو أن سياسة تحرير المجلة تقف على مسافة واحدة من كل المرشحين ولايعنيها فوز زيد أو صعود عبيد إلاّ ما كان فى مصلحة الوطن. ومن هذا المنطلق فقد تبين من خلال هذا التحقيق الاستقصائى ومن خلال نبض الشارع السياسى أن كل مرشح من مرشحى الرئاسة يقوم الآن بتوزيع مسكنات ومهدئات فى صورة أحلام ووعود على أبناء الشعب فى الجولات واللقاءات.. بالمدن والقرى سواء فى شمال الدلتا أو الصعيد الجوانى.. تصريحات وتربيطات وكلام معسول لأبناء النوبة والأقباط وأبناء سيناء وقبائل مطروح.. غزل صريح وعفيف للعمال والمهندسين والشباب والمدرسين والمحامين والأطباء.. للرجال والنساء للمشايخ والقساوسة.. وعود وأحلام ما أنزل الله بها من سلطان.. هناك من قال إن مصر ستكون دولة عظمى خلال 12 شهرا، وهناك من قال ستكون مثل ماليزيا وتركيا فى 6 أشهر، وهناك من وعد بتوزيع الأموال على السيدات والأطفال وتوفير شقق «ووظايف» للمولود فى بطن أمه. .. كل مرشح ثورى أو مدنى، ليبرالى أو إسلامى، سواء ن تجاوز الخمسين أو تخطى السبعين.. الكل يصور نفسه على أنه الاسكندر الأكبر أويوسف الصديق أو سوبرمان عصره وأوانه وأنه حلاّل العقد، والقادر دون غيره على حل مشاكل مصر المزمنة والطارئة، وأنه يمتلك بين أصابعه عصا موسى ومُلك سليمان وصبر أيوب وفصاحة صالح وحكمة لقمان وشجاعة النبىT.. امتلكوا فى وقت واحد الفانوس السحرى ومصباح علاء الدين، ووقف البعض فى ا لميدان، والآخر فى البرلمان ليقول لكل طالب معونة وكل طالب شقة أو وظيفة أو عروسة «شبيك لبيك» عبدك وملك إيديك طلباتك أوامر يامصطفى مع الاعتذار للفنان الراحل محمد فرج. وإذا كان زمن الأنبياء قد انتهى وأن يوسف الصديق الذى قال «اجعلنى على خزائن الأرض» لن يعود إلى مصر مرة أخرى، فإن أبناء هذا الوطن العريق لن ينظروا لتلك الوعود أو تلك المسكنات والمهدئات التى يوزعها المرشحون من آن لآخر، ولن يلتفتوا لحبوب الشجاعة التى تطلقها حاشية «الملك» فى الفضائيات حتى لاينطبق عليهم قوله تعالى: «استخف قومه فأطاعوه».. لن يلتفت أبناء الشعب لجنرالات الفيس بوك أو فضائيات الفتنة، التى روّجت للمرشح «المنسحب» والذى اعتبروه فيما بينهم مفجر الثورة أو المنقذ من الضلال، وادعوا أن هذا «الرئيس النووى»!! بناء على رغبة ما يطلبه المستمعون، ليفوزوا معه بالمال والسلطان ودعم الأمريكان وعجبى!!. لن يلتفت الشعب ومعه ثوار يناير كما يقول د.طارق زيدان -أمين عام ائتلاف شباب الثورة إلى الذين يتاجرون بدماء الشهداء، لن ينظر إلى تصريحات المرشحين الذين يروجون لأنفسهم فى الشوارع والميادين دون تقديم البرنامج الانتخابى الخاص بهم، كما لم ينجح أى مرشح أجاد الرقص على جثة الوطن، وتشويه صورة القوات المسلحة الباسلة، وإحداث الوقيعة بين الجيش والشعب. ويضيف: إن تلك التصريحات والوعود التى يلقيها مرشحو الرئاسة على مسامع أبناء الشعب لن تجدى لأنها بمثابة وعود ومسكنات لتخدير عقل المواطن وتهدئة أعصابه، واللعب بمشاعره بغرض إدمان تلك المهدئات. والطريف كما يقول أمين عام الثورة بأن مفعول تلك التصريحات والمسكنات لن يتجاوز فترة الانتخابات بعدها ينتهى مفعول تلك الحبوب، حيث يستيقظ الناخب على واقع أليم، لأنه سيكتشف آنذاك أنه كان ضحية جرعة زائدة من حبوب الشجاعة، التى لاتختلف فى تأثيرها النفسى على أقراص الترامادول أو جرعة الهيروين. ومن خلال الاستقصاء الذى قامت به «أكتوبر» تبين أن المرشحة بثينة كامل التى قامت بسحب استمارة الترشح وهى ترتدى العباءة الهندى الخضراء، أول من تجرأت وقامت بتوزيع حزمة من الوعود والتصريحات، على ائتلاف شباب الثورة فى ميدان التحرير، وقالت فى إثارة واضحة: الثورة مستمرة لحين القصاص للشهداء، والذين أسقطوا النظام السابق، وطالبت بتطهير الداخلية من القيادات الموالية لحبيب العادلى، حيث تبين فيما بعد من خلال التصريحات المسئولة والأصوات العاقلة، أنها لم تفرق بين شهداء الثورة الذين ماتوا فى ميدان التحرير لتحقيق أهداف الثورة، والذين لقوا حتفهم أمام أقسام الشرطة والمجمع العلمى، والمحاكم ووزارة الداخلية ومحمد محمود وقصر العينى، ومجلس الوزراء، مما أدى إلى تراجع شعبية الإعلامية القديرة صاحبة برنامج «اعترافات ليلية» والذى يعد أشهر برنامج للفضفضة فى الإذاعة المصرية، والذى «دغدغ» مشاعر المراهقين والمراهقات والمتزوجين والمتزوجات فى وقت من الأوقات. والخطأ الذى وقعت فيه الإعلامية القديرة بثينة كامل: كما تأكد من خلال الرصد والمتابعة أيضا -أنها كانت ومازالت أسيرة الماضى ولاتتكلم إلاّ عن المحاكمات وفساد النظام السابق كغيرها من هواة التشويق والإثارة، ولم تقدم برنامج عمل لبناء مصر المستقبل كما أنها تعتمد فى حملتها الانتخابية على أوجاع الجرحى ودماء الشهداء لاستعطاف الناخب، وجذب أكثر عدد من المواطنين، مع أن التركيز على فئة معينة دون باقى فئات الشعب لن يؤدى إلى نجاح أى مرشح فى انتخابات رئاسة الجمهورية، اللهم إذا كانت تلك الحملات بغرض «الشو الإعلامى» وليس بغرض الفوز بمنصب الرئيس. ومن جملة المسكنات التى وزعتها الإعلامية القديرة - وجاءت فيما يبدو بنتائج عكسية على حملتها الانتخابية - دفاعها المستميت عن أطفال الشوارع الذين أحرقوا المجمع العلمى، وقاموا بقذف قوات الشرطة والجيش بالحجارة وزجاجات المولوتوف بالإضافة إلى دفاعها المستميت أيضا عن الفتاة المسحولة فى ميدان التحرير، فى حين أنها لم تحرك ساكنًا ضد فتاة 6 إبريل التى تطوعت بخلع ملابسها، وظهرت كما ولدتها أمها على الفيس بوك فى الوقت الذى شاركت فيه بمسيرة حاشدة أطلقت عليها جمعة الحرائر بدعوى حماية أعراض المصريات. ومما يؤخذ على المرشحة المحتملة أيضا كما تبين من خلال المتابعة والرصد أنها لم تتكلم فى أى لقاء عن احتياجات المرأة المعيلة، أو دعم المشروعات الصغيرة، ولم تناقش مشاكل المرأة فى الصعيد والريف ولم تلتق بأسر شهداء القوات المسلحة أو مصابى الشرطة فى القاهرة والمحافظات، وأكتفت فقط بإلقاء المسكنات والمهدئات على أسر شهداء التحرير وكأنهم من عجينة وباقى شهداء الوطن من عجينة أخرى. فيديو أبو إسماعيل أما الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل الذى بدأ حملته الانتخابية من مسجد أسد بن الفرات بالدقى بالمخالفة للقانون فقد قام باستيراد عقار أو مسكن سريع المفعول، ويقوم بتوزيعه حاليا على الشباب فى المدارس والجامعات لدعمه فى الفوز بمنصب الرئيس، يعتمد هذا الدواء الجديد على تخدير العقول واللعب على وتر الدين، والهجوم على المجلس العسكرى، والتحريض على الاعتصام والاستمرار فى التظاهر حتى تحقيق أهداف الثورة. وقد دأب الشيخ حازم من خلال فيديوهات وتسجيلات على اليوتيوب مغازلة شباب الثورة والقصاص للشهداء ومحاكمة الرئيس المخلوع والدعوة للتظاهر فى ميدان التحرير وأمام الداخلية، وأكاديمية الشرطة ومديريات الأمن فى المحافظات على أساس أن شرعية الميدان أقوى من شرعية البرلمان. ومن خلال المسكنات والمهدئات التى يوزعها الشيخ الرئيس -مع الاعتذار للفيلسوف العظيم ابن سينا- هو هجومه الدائم على المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقد هدد أكثر من مرة -كما ظهر فى تصريحاته المتوالية- بالدعوة إلى مليونيات لا تبقى ولا تذر إذا لم يرحل المجلس الآن وفورًا، ومن الطرائف التى لا تنسى أنه هدد بالاعتصام فى ميدان التحرير مع أفراد أسرته إذا لم تنفذ قيادات المجلس بما يطالب به الشيخ حازم، وهى نفس المطالب التى كان يدعو إليها د.محمد البرادعى وأدت إلى تراجع شعبيته فى الشارع السياسى. فيتامينات حمدين ومن خلال عرض تصريحات ولقاءات الزميل الصحفى حمدين صباحى مع أنصاره ومريديه تبين أن المرشح المحتمل ابن بلطيم وكفر الشيخ قد أجاد توزيع الفيتامينات وتصنيع المسكنات والمهدئات وتوزيع الوعود بنفسه عندما ارتدى قميص عبدالناصر، واعتنق الفكر الاشتراكى منذ بداية حياته عندما كان رئيسا لاتحاد الطلبة فى كلية الإعلام وحتى ترشحه لرئاسة الجمهورية ولم يعتمد صباحى على حبوب الشجاعة أو المسكنات المستوردة، مثل الشيخ حافظ أبوإسماعيل ولكنه قام بتصنيعها محليا واعتمد فى ذلك على شعارات العزة والكرامة والقومية العربية التى كان يطلقها عبدالناصر فى الخمسينيات والستينيات، حيث أعلن حمدين على الملأ بأنه «إذا لم يخرج رئيس من الميدان، فعلى الدنيا السلام»، على أساس أن مرشح الميدان من وجهة نظره هو القادر دون غيره على تحقيق أهداف الثورة، وفى نبرة لاتخلو من تحد واضح وزعامة متوقعة قال: «إذا لم تتحقق أهداف الثورة سيخرج المصريون من الميدان لتحقيق واستكمال تلك الأهداف». والملاحظ أن المسكنات التى يوزعها الزميل الصحفى حمدين صباحى المرشح المحتمل للرئاسة سريعة المفعول لارتباطها بقطاعات عريضة من أبناء الشعب خاصة صيادى البرلس، وعمال الغزل والنسيج ومصانع الكتان والحديد والصلب، وارتباط تلك المسكنات والتصريحات أيضا بمطالب واحتياجات الفقراء، وعلى رأسها حل مشاكل الفلاحين المزمنة والمرتبطة بالحمى القلاعية ومشروع البتلو وتوفير الأسمدة، ورفع غرامات وفوائد بنك التنمية والائتمان الزراعى. ومن ضمن الوعود أو المسكنات التى أجاد حمدين صباحى تصنيعها تأكيده على فرض ضريبة على الأغنياء الذين يزيد رأس مالهم على 50 مليون جنيه، وفرض ضريبة أخرى أطلق عليها ضريبة التحرير يخصص دخلها لشهداء ومصابى الثورة وفرض ضريبة ثالثة بمقدار 0.5% على البورصة، وضريبة تصاعدية رابعة كما قرر من خلال تصريحاته «الجميلة» ترشيد الإنفاق الحكومى، وإعلان الحرب على الفساد ومحاسبة لصوص المال العام بأثر رجعى، وتعويض عمال الشركات الذين أضيروا من برنامج الخصخصة وعلى رأسهم عمال كتان طنطا، والزيوت والصابون، والمراجل البخارية، والخزف والصينى، وياسين للزجاج، وقنال تكس للأرضيات. والمشكلة أن الشارع السياسى المصرى يتخوف الآن من شعارات ومسكنات صباحى التى وعد فيها بإقامة نظام ديمقراطى لدولة مدنية خالصة بعيدة عن العلمانية والدينية أو العسكرية وفى المقابل يأمل الشارع أيضًا أن تتحقق تصريحات صباحى التى يتعهد فيها بالتنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية التى ثارت من أجلها الثورة وضرورة استقلال قرار مصر الوطنى خشية أن تكون تلك الوعود دخان فى الهواء. شعارات الحريرى وإذا كانت مسكنات حمدين وأبوإسماعيل وبثينة قد تم توزيعها على ائتلافات شباب الثورة فى ميدان التحرير، وغيره من الميادين فى الدلتا والصعيد الجوانى، فإن تصريحات ووعود أبوالعز الحريرى تم تداولها عبر الفضائيات وجلسات مجلس الشعب والصحافة الخاصة والقومية واعتمد على وعود ومسكنات مستوردة أيضًا كالتى استخدمها د.محمد البرادعى وحركات كفاية و6 إبريل والجبهة الوطنية للتغيير، وهى الهجوم على المجلس العسكرى -عمال على بطال- حيث استغل صمت جنرالات الجيش واتهم قيادات المجلس -على غير الحقيقة وبلا سند أو دليل- بأنهم وراء الثورة المضادة وهى نفس الاتهامات التى رددها د.البرادعى فى وقت من الأوقات وأدت إلى انهيار شعبيته فى الشارع السياسى وذلك لعدم فهم العلاقة الوثيقة التى تربط الشعب بقواته المسلحة. ومن خلال حزب التحالف الشعبى الاشتراكى أعلن أبوالعز ترشحه لرئاسة الجمهورية بدعوى أنه مرشح توافقى لكل قوى الثورة أو أنه المرشح الوحيد القادر على تحقيق أهداف الثورة وعلى رأسها الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية. ومع أن أبوالعز الحريرى برلمانى قديم وله قدم راسخة وخبرة طويلة فى الرقابة والتشريع إلاّ أنه سعى بكل قوته خلال جلسات مجلس الشعب الأخيرة إلى استرضاء الثوار والقصاص لدماء الشهداء وسرعة محاكمة الرئيس المخلوع متجاهلا القضايا الرئيسية التى تهم أكثر من 85 مليون مصرى وعلى رأسها رغيف الخبز وأنبوبة البوتاجاز. وعلى رأس الوعود أو المسكنات التى يتعاطاها النائب أبوالعز الحريرى ويحاول فرضها على الشعب خطة اليسار لإنقاذ الوطن ومفادها أن التيار الليبرالى التقدمى هو وحده القادر على إنقاذ مصر من الغرق وتتمثل فى رفع الغرامات عن الفلاحين والتنازل عن الأحكام القضائية ضدهم مع التأكيد على أنه مرشح ليبرالى ولا علاقه له بالرأسمالية. عصا موسى وإذا كان السيد عمرو موسى وزير خارجية مصر الأسبق وأمين عام جامعة الدول العربية السابق، قد اكتسب شهرته عندما تولى مقاليد وزارة الخارجية فى عهد الرئيس المخلوع مدة 10 سنوات، اشتهر خلالها بعدائه الصريح للكيان الصهيونى، ورفضه الدائم لسياسات قادة إسرائيل، فإنه غير مواقفه 180 درجة بعد توليه مسئولية أمانة جامعة الدول العربية، وإعلانه بعدها الترشح للرئاسة بعد قيام الثورة وتنحى مبارك.. فالقومية العربية التى كان ينادى بها والشعارات العنترية التى كان يرددها، قد تخلى عنها فى غمضة عين حيث سمح لقوات التحالف بضرب ليبيا فى القرار الشهير رقم 1973، والذى كان من نتيجته تشريد الشعب الليبى ونهب ثرواته النفطية وتقسيم ليبيا إلى أقاليم كما حدث مؤخرا فى إقليم برقة. ولأن السيد عمرو موسى يحب أن يكون فى الصورة دائما ويفضل أن يبقى فى الأضواء أكبر فترة ممكنة فقد أعلن ترشحه للرئاسة وقرر أن يكون رئيسا لمصر رغم تجاوزه السبعين بكثير، وبدأ فى توزيع مسكنات ووعود -كغيره من المرشحين- لتخدير أبناء الشعب، فعندما ذهب إلى سيناء مؤخرًا وعد شيوخ القبائل برفع الأحكام الغيابية والقضائية عن أبنائها والإفراج عن المعتقلين السياسيين والجنائيين كما وعدهم بتمليك الأراضى وهو الحلم الذى يراود سكان سيناء منذ قيام ثورة يوليو وحتى الآن. وفى مغازلة صريحة للأقباط أكد -المرشح المحتمل للرئاسة- بمدينة السرو بدمياط على حقوق الأقباط وحرية بناء الكنائس وتولى المناصب العليا فى الدولة مع أن تلك المطالب من المسلمات، والتى هى حق أصيل للإخوة الأقباط على أساس أنهم شركاء فى بناء الوطن وكانوا اللبنة الأساسية لنجاح ثورة 25 يناير. ومن جملة المسكنات التى أطلقها عمرو موسى فى مؤتمراته الانتخابية التركيز على حقوق المرأة والأقليات وأبناء النوبة والوقوف مع كل التيارات على مسافة واحدة سواء كانت إسلامية أو قومية أو ليبرالية أو اشتراكية. الصفقة المشبوهة ومع أن حزب الوفد أعلن تأييده للسيد منصور حسن على أساس أن كل حزب حر فى تأييده أو دعمه لمن يراه الأصلح فى الفوز بمنصب الرئيس فقد تقمص السيد عمرو موسى دور المعارض الشرس حيث تخلى موسى كما أكدت مصادر خاصة ل «أكتوبر» عن دبلوماسيته المعهودة ووصف تأييد الوفد ل«حسن» بالصفقة المشبوهة وتعليقاً على تصريحات ووعود مرشحى الرئاسة يرى د. جهاد عودة أستاذ العلاقات الدولية والسياسية أنه ليس هناك برامج انتخابية حقيقية لجميع مرشحى الرئاسة وذلك لأنه -من وجة نظره السياسية- أن البرنامج الانتخابى هو البرنامج التنفيذى وليس مجرد شعارات وحوارات شخصية وكلمات براقة كما أن البرنامج الانتخابى فى كل الأنظمة السياسية هو تعاقد صريح بين المرشح والمواطن وله مواعيد محددة وله دراسات وافية، وهو أن يكون البرنامج قابلا للتنفيذ على أرض الواقع وأنا أعتقد أنه لا يوجد من بين هؤلاء المرشحين من يعرف جيداً طبيعة المجتمع المصرى والحقائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية وطبيعة وثقافة هذا الشعب ولكن حقيقة الأمر أن مستوى الحياة السياسية والنظام السياسى عندما يكون ضعيفاً فإن البرنامج الانتخابى يأخذ شكل شعارات انتخابية ووعود شخصية وهذا هو حقيقة الوضع فى مصر منذ عدة سنوات وعلى مر التاريخ لم يكن هناك برامج انتخابات رئاسية حقيقية تنهض بالمجتمع ودفع به إلى التفوق العلمى والاقتصادى والسياسى مؤكداً أنه ليس من المنطق السياسى أن يقوم مرشح الرئاسة بإعداد برنامج انتخابى مسبق دون أن يعرف ما هى الصلاحيات التى سوف يمنحها له الدستور؟!. فى حين يؤكد الكاتب الصحفى الكبير سعد هجرس أنه لا يوجد فى مصر ثقافة البرنامج الانتخابى وأننا بعيدون كل البعد عن تلك الثقافة مضيفاً أن الانتخابات فى مصر أصبح لها بُعد آخر وهو التصويت على أساس دينى وليس انتخاب برامج وهذه أزمة تعصف بالحياة السياسية والديمقراطية فى مصر وتجعلنا بعيدين عن واقع الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدليل هذا العدد الضخم من المرشحين الذى أكد على أن الكثير منهم يخوض الانتخابات لأغراض عبثية وليس هناك من بين المرشحين سوى عدد قليل يملك أجزاء برامج غير مكتملة لا تتوافق أو تنطبق مع الواقع المصرى من النواحى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وأنه لابد من شرح تلك البرامج للناس وهذا ليس دور المرشح ولكنه عمل المحللين للوقوف على مناطق القوة ومناطق الضعف ولابد أن تكون هناك مناظرات بين المرشحين وعلينا أن نخرج من عباءة انتخاب أشخاص وأن ننتخب برامج . مشروعات حقيقية وتدعو د. يمن الحماقى إلى ضرورة تغيير طريقة العمل والتى كانت فى النظام السابق وهى أن تكون الاستفادة لفئة محدودة من المجتمع فقط فلابد من إعداد مشروعات استثمارية حقيقية وإعداد برامج تعطى تكافوء الفرص بين أبناء الشعب وإن كنت أرى أننا لسنا فى حاجة إلى برامج وخطط جديدة لكن لدينا ما يكفى ونحتاج الآن إلى إدارة تنفيذية حقيقية تستهدف جميع الفئات تقوم بتحويل جيوش العاطلين إلى منتجين لذلك أرى المرشحين يستغلون عدم وعى الأفراد واللعب على وتر المشاعر من خلال تصريحات سياسية وردية تفتقر إلى البعد السياسى والاقتصادى والاجتماعى للواقع المصرى وأن التحدى الحقيقى هو الاستغلال الأمثل للموارد البشرية عن طريق رفع قيمة العمل وأن تحليل تلك البرامج يعكس عدم فهم المرشحين لحقيقة الوضع فى مصر، وعلى المرشح أن يقيم الفترة السابقة ويظهر ما هو إيجابى وما هو سلبى ويركز بالبناء على الإيجابى ويتخطى الجانب السلبى . وتؤكد الدكتورة جميلة المأمون خبير الإحصاء بالمركز القومى للبحوث أن تلك البرامج غير الواعية وتلك الوعود غير الصادقة يكون لها تأثير سلبى على المجتمع فليس فى الإمكان أبدع مما كان ولابد أن يكون كلام المرشحين واقعيا لأن جميع المظاهرات والاعتصامات تأتى نتيجة الوعود غير الصادقة والتى لا تقبل التنفيذ. أزمات نفسية ويشير الدكتور أحمد عثمان أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس ان المواطن المصرى عاش حقبة من الزمن عانى فيها من أزمات نفسية واجتماعية نتيجة سوء الأحوال الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مما جعل لديه بعض المشاكل النفسية نتيجة ذلك. ولكن ثورة يناير جددت الأمل لدى المواطن ومعنى أن يصدم الناخب فى شخص رئيس الجمهورية الذى هو يمثل الأمل بالنسبة له تحدث كارثة خاصة بعد ثورة 25 يناير، والوعود الكاذبة تفتقر إلى الواقع ولم تصلح من شأن المجتمع وكل هذا يؤدى إلى سوء الحالة النفسية للمواطن والمجتمع مما يترتب عليه العديد من المشكلات وخاصة الانفلات الأخلاقى والإجرامى نتيجة التوتر النفسى لدى المواطن الذى سوف يصيب المجتمع نتيجة الصدمة التى تلقاها من شخص وضع ثقته فيه بأنه المنقذ والمخلص. كلام فى كلام ومن الناحية الاجتماعية ترى الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم الاجتماع السياسى أنه لابد من طرح البرامج برؤية واضحة واستراتيجية عامة دون أن تأخذ شكلاً هلامياً فجميع البرامج تعتمد للكلام فقط وذلك نتيجة ارتباك المجتمع وارتباك الحالة السياسية وهذا ظلم للشعب وللمجتمع حيث إن المجتمع يرى فى شخص رئيس الجمهورية الأمل ومن الناحية الاجتماعية فإن جميع البرامج ليس لها صلة بواقع الحياة العامة فى مصر. فيما طالبت الكاتبة الصحفية أمينة النقاش جميع المرشحين بالنظر إلى مستقبل مصر مع الاعتراف بوجود العديد من المشكلات والأزمات المتراكمة، والاعتراف أيضاً بأن الحمل ثقيل ولابد من وضع تصور حقيقى لحل تلك المشكلات والتغلب عليها وركزت على وجود ظاهرة غير منطقية وهى عدد المرشحين الضخم حيث جعل من انتخابات رئيس الجمهورية انتخابات شخصية وليست انتخابات برامج. ومن جهته يرى اللواء عادل شمس الخبير الأمنى أن فشل الرئيس القادم فى تحقيق وتنفيذ برنامج حقيقى ينهض بالمجتمع سوف يكون لذلك أثر كبير من الناحية الأمنية على المجتمع حيث تكثر المظاهرات والاعتصامات ويشعر الجميع بأنه ليس هناك أى تقدم ملحوظ على أرض الواقع مما يزيد من حالة الفوضى والتى يكون لها أكبر الأثر على الحالة الأمنية للمجتمع .