مثلث الرعب.. مثلث يقف بالمرصاد للآلاف.. بل للملايين.. مثلث أضلاعه الثلاثة كل واحد منها أقوى من الآخر.. عندما يحاصر إنساناً داخله فإنه يعتصره لا يتركه إلا بعد أن يقضى عليه.. ينهى حياته وحياة الأسرة كلها.. فقر.. جهل.. مرض.. هى الأضلاع الثلاثة لمثلث الرعب.. يقف كل إنسان ينظر إليه من بعيد ويحاول الفرار منه، ولكن ويله من يقع داخله.. هالك لا محالة.. وهذا ما حدث لصاحبتى القصتين فهما متشابهتان إلى حد كبير.. فصاحبة القصة الأولى هى «سعيدة» وهى اسم على غير مسمى.. هى بمعنى آخر تعيسة.. كانت زوجة عاشت لبناتها وزوجها وبيتها.. نعم العيش ضيق وقد تمر أيام والبيت لا يوجد به ما يسد نفقاته، ولكنها كانت تحاول أن تدبر نفسها فهى سيدة غير متعلمة تعيش وأسرتها فى قرية صغيرة بإحدى محافظات شمال الدلتا وزوجها كان يعمل فلاحاً أجيراً من أرض إلى أرض ومن قرية إلى قرية يجرى وراء لقمة العيش لم يكن عملا ثابتا يدر عليه دخلاً ثابتاً يستطيع الاعتماد عليه كان يحاول أن يجد عملاً أكثر نفعا وأكثر رزقا ولكنها حكمة الله.. والرزق مكتوب حتى لو حاول أى إنسان أن يغيره.. فكل واحد له رزقه وعلى الإنسان أن يسعى.. سنوات عجاف عاشتها الأسرة ومع ذلك فهى تحمد ربها ولو حتى على العيش الحاف.. ولكن الأم بدأت تشعر بالارهاق والتعب والوهن لم تأخذ فى بالها، ولكن الارهاق تحول إلى إغماء، وتكرر ثانية وثالثة.. إصفرار فى الوجه وشحوب.. كان الزوج ينهرها دائما لأنها لا تأكل تعطى اللقمة لبناتها.. كانت من ناحيتها تؤكد له أن البنات أهم وأنها بصحة جيدة وتطلب منه ألا يخاف عليها، ولكنها كانت تشعر أنها ليست على ما يرام حتى جاء اليوم الذى سقطت منه على الأرض فاقدة الوعى.. وأرسلت إحدى الجارات تطلب من زوجها العودة للمنزل سريعا وجاء وشاهد زوجته وهى نائمة على الأرض وكأنها شبح حملها إلى الوحدة الصحية وهناك طلبت الطبيبة منه الذهاب بها إلى المستشفى لإجراء بعض التحاليل والفحوصات المتخصصة وبالفعل ذهب بها كما نصحته وجاءت التحاليل لتؤكد إصابتها بأنيميا تكسيرية وشحوب شديد نتيجة نقص نسبة الهيموجلوبين بالدم وأكد الأطباء حاجتها إلى نقل دم بصفة مستمرة والاهتمام بالتغذية بجانب الأدوية حاول الزوج أن يوفر لها ما طلبه الأطباء، ولكن القدر لم يمهله كثيرا فما هى إلا شهور قليلة حتى سقط صريعاً للمرض، ثم انتقل إلى الرفيق الأعلى وترك الزوجة المريضة التى تحتاج إلى متابعة وتوفير احتياجاتها وترك معها حملاً ثقيلاً ابنة طالبة بإحدى الكليات وأخرى لم تستكمل تعليمها بسبب ظروف الأسرة الاقتصادية وحاول الأهل مساعدتهن، ولكن أسابيع قليلة وانشغل كل إنسان بحياته الخاصة ولم يتبق لهذه الأرملة المسكينة سوى مبلغ 145 جنيها وهو معاش الضمان الاجتماعى وهو لا يكفى العيش الحاف. أرسلت تطلب مساعدتها، فهل تجد؟ من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية. مسيرة الحياة أما صاحبة القصة الثانية.. فهى أرملة.. توفى زوجها منذ خمسة أعوام وترك لها بنتين وولداً.. كان يعمل بإحدى الوظائف الصغيرة مرتبه كان يكفى بالكاد.. خاصة بعد أن أصابها المرض اللعين.. فقد استيقظت فى أحد الأيام على آلام لا تطاق لم تستطع تحملها وبالرغم من ذلك تحاملت على نفسها وحاولت ألا تظهر ذلك للزوج فهى تعلم علم اليقين أنه لن يتركها إلا بعد أن يذهب بها إلى الطبيب وهى تعلم جيداً أيضاً أنه لا يملك المال وسيضطر إلى الاستدانة من أجلها، ولكنه شعر بها وبآلامها وسمع آناتها بالليل.. انتظر للصباح بفارغ الصبر حتى يصطحبها إلى المستشفى، وهناك طلب الأطباء تحاليل وأشعة، وانكشف المستور.. إنها مصابة بورم بالثدى الأيمن وتحتاج إلى جراحة استكشافية حتى تتم معرفة ماهية هذا الورم وجاءت النتيجة غير مرضية، فقد أكدت التحاليل أنه ورم سرطانى وتم استئصال الثدى بأكمله وخضعت لعلاج إشعاعى وكيماوى وخلال رحلة المرض والعلاج توفى الزوج وتركها فى وسط الطريق لم تستكمل العلاج بعد ولم يستكمل الأولاد تعليمهم وترك لها معاشاً «197 جنيها»، فهل تكفى هذه الجنيهات لاستكمال مسيرة الحياة.. للأسف لا.. خاصة أنها أصيبت أيضاً جراء العلاج والحقن بفيرس كبدى (C) وأصبحت لا حول لها ولا قوة وهى فى حاجة إلى علاج والأولاد فى حاجة لاستكمال التعليم ولكن العين بصيرة واليد قصيرة، فهل تجد من يعينها على استكمال مسيرة الحياة؟ من يرد يتصل بصفحة مواقف إنسانية.