تجاوزت الخامسة والاربعين بسنوات قليلة .. اى انها فى عز شبابها.. ولكن من يراها يؤكد انها تخطت الستين من عمرها.. تحملت الفقر والبؤس.. وبالرغم من ذلك فهى حامدة شاكرة ترضى بالقليل.. لم تكن فى يوم من الأيام تتطلع للعيش فى قصر لم تطلب ان تجلس هى وبناتها على مائدة تحمل ما لذوطاب كما تشاهد فى الافلام.. والمسلسلات.. انما كانت دائما تطلب الستر والصحة والسعادة.. أحلام اليقظة كبيرة كانت تعيشها.. وعندما تقدم لها يطلب يدها وجدت فيه أو ربما وجدت فيه تحقيق احلامها أو حتى تحقيق جزء من هذه الأحلام وقد كان.. حملها بعيدا عن منزل الاسرة الفقيرة المتكدس بالأخوة والأخوات ومع انها كانت تعمل مدرسة اشغال بإحدى المدارس بمرتب صغير ولا يكفى احتياجاتها الشخصية - فقد ظنت انه آخر المطاف لم تكن تعلم ما يخفى لها القدر.. عندما انتقلت من بيت ابيها إلى بيت زوجها كادت تطير من السعادة لما يحويه من أشياء كانت تفتقدها كثيرا.. عاشت شهورا ولافى الاحلام ولكنها بدأت تفيق على واقع لم تكن تنتظره.. الزوج سرعان ما تحول إلى انسان شرس يمد يده فى أول الشهر ليحصل على مرتبها ويتركها بدون مصروف بل الاكثر من ذلك يمد يده فى أى وقت ولأتفه الاسباب بالضرب تحملت شتائمه وضربه لم تشك لأحد وكانت دائما تؤكد لنفسها انه ربما يتحول هكذا بسبب ضيق ذات اليد أو بسبب مشاكل تواجهه فى العمل أو بسبب جلوسه بالأيام بدون عمل وشعرت بالحمل أخبرته ظنت ان ذلك سوف يقوم من سلوكه معها.. ولكنه تلقى الخبر وكأنه لا يعنيه من قريب أو بعيد وماهى إلا شهور قليلة ورزقها الله بطفلتها لم تشفع لها عند الاب الذى واصل الإهانات والسباب بسبب أو بدون سبب وكان أحد الأسباب الرئيسية طلبها لمصروف البيت فقد كان يتركها بالأيام بدون رغيف عيش ويصرف ما يدخل جيبه على ملذاته سنوات من الهم والغم وطفلة ثانية والطلبات أصبحت اكثر والحياة غلاء وهى لا تستطيع ان توفر اى مبلغ للغذاء أو علاج اية طفلة منهما.. حتى جاء اليوم الذى خرج فيه من البيت ولم يعد.. انتظرته طويلا سألت عليه وارسلت من يبحث عنه هنا وهناك حتى اسرته وإخوته لا يعلمون عنه أى شىء تركها مع ابنتيها بدون عائل تركها تحمل مسئولية أسرة المفروض انها مسئولة منه هو.. ولكنه هرب من هذه المسئولية وعندما استطاعت ان تجده كانت ورقه طلاقها تسبقه وطلب منها الا تبحث عنه مرة اخرى وعليها ان تتحمل مسئولية بنتيها.. عاشت سنوات مراراً.. حاولت ان تعمل على ماكينة خياطة بجوار عملها بالمدرسة حتى تستطيع أن توفر لهما حياة كريمة ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه كانت تستطيع ان توفر لقمة العيش للبنتين.. حتى هناك مصيبة تنتظرها آلام أصابت جسدها.. كانت تشعر بالوهن لا تستطيع ان تقف على قدميها وجهها تحول لونه إلى اللون الازرق.. شفتاها أصبح لونهما ابيض كالسحاب لا تستطيع ان تلتقط انفاسها.. ذهبت للطبيب لعلها تعالج مما أصابها من أجل اسرتها فهى العمود الفقرى لهذه الاسرة والسند للبنتين طلب منها الطبيب تحاليل سريعة وما ان رأى التحليل حتى طلب أشعة ثم حولها إلى المعهد القومى للأورام وما ان وصلت إلى المعهد حتى تم إدخالها المعهد فقد كان التشخيص ورماً سرطانيا بالغدد الليمفاوية وتحتاج إلى علاج كيماوى واشعاعى مع الراحة التامة.. كانت تبكى من شدة الآلام الجسدية والنفسية فهى تخاف على ابنتيها وهى لا تملك ما تصرفه على العلاج والسفر من القرية التى تعيش فيها بإحدى محافظات شمال الصعيد.. ساعدها أولاد الحلال لفترة ولكن سرعان ماتركوها تواجه مسئولياتها وحيدة ومازاد الطين بلة ان الاطباء اكتشفوا بعد فترة من العلاج إصابتها بالتهاب كبد وبائى فيرس ؤ.. مما أدى إلى أصابتها بتليف الكبد وتضخم بالطحال.. وزادت معاناتها المرضية والنفسية فهى فى حاجة لمن يقف بجانبها ويساعدها على تحمل مصاعب الحياة والمرض فهل تجد؟. من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.