إننى لا أتندر بهذه العبارة ولكنها فى الحقيقة كانت المقولة السائدة فى كل مؤسسات مصر لفترة طويلة بين كل مرؤوس ورئيسه حتى يكون من الحظوة والتى تنعم دائما بالترقيات والمكافآت و البدلات والسيارة اللى تجئ بالبيه وتروّح البيه .. هكذا للأسف شاهدت ورأيت كيف تكون الإدارة فى معظم دواوين الحكومة ومعظم الشركات ومعظم الهيئات وكل موظفى الدولة الذين يريدونها سهلة وطرية .. أما الغلابة اللى لا يعرفون مسح الجوخ وشراء الخضار بل أحيانا تصل الى عصر الطماطم والذهاب بالأولاد الى المدرسة و إعادتهم .. وأحلام سيادتك أوامر يا فندم .. وصل بهؤلاء إلى أنهم الأرض التى يمشى عليها سعادة الباشا الرئيس او المدير وهؤلاء الآن هم الذين يرتقون المناصب العليا فى كل مكان فى الدولة ما دام هؤلاء استطاعوا غرس الفجل من عروقه كما طلب السيد المدير ولاّ الرئيس ولاّ غيره .. وليس من الجذور كما يقول الكتاب .. إن الشيخ سيد درويش فى الأوبريت الشهير ( شهر زاد ) كان يتغنى فى بعض أجزائه ويقول ( علشان ما نعلى ونعلى ونعلى .. لازم نطاطى نطاطى نطاطى ) لكن الرجل والله لم يكن يقصد أن البنى آدم علشان ينول مراده لابد أن يكون مثل البهلوان .. فى الأوبريت كان يقصد أن نصبر حتى يغادر المحتل البريطانى أرضنا .. لكن يبدو ان هؤلاء استخدموا هذه العبارة كى يصلوا الى اغراضهم.. هل هذا نوع من الذكاء ولاّ نوع من الخداع وقلة القيمة؟! ولهذا رأينا أن من يعتلى المناصب بل يترقون بسرعة الصاروخ هم هؤلاء الذين على أفواههم أحلام سيادتك أوامر وبالتالى ابتعد كثير عن الكفاءات التى لاتستطيع أن تطاطى الرأس وتنافق وتوافق على كل شئ يراه الرئيس، ولا يمكن ان يناقشه أو يراجعه فى قرار حتى وان كان يجور به على زملائه هو لايهمه غير نفسه ما دام سيحصل على الفائدة بمفرده .. ولعل مجال الصحافة هو أكثر المجالات التى ترى فيها ذلك وببجاحة لأن أى رئيس تحرير لايحاسبه أحد فهو يعتبر أنها عزبة وهبها المنعم عليه وانا ومن بعدى الطوفان.. وكم من ناس قتلت وانهارت ومرضت بسبب انها لم تستطع أن تأخذ حقها حتى وان كانت من جهابذة الصحفيين لأنها لا تعرف تطاطى وتطاطى.. علشان تعلى وتعلى .. وأحلام سيادتك أوامر انا لا أستطيع ان أحدد مخترع هذه العبارة السيئة.. التى تفقد الرجل كرامته وعزته وكبرياءه لمجرد علاوة ولا ترقية ولا حتى مال قارون .. ولهذا وجدنا ان معظم الرجال المصريين فيما قبل الثورة تجده كالمضروب على رأسه.. مجرد من التجاوب الإنسانى فى أى شىء. وكل ما كان يشغله توفير لقمة العيش بأية طريقة ، ويجرى هنا وهناك وراء تحصيل المال .. وليس له رأى فى اى شئ .. وفى اى مكان تجده هو عينه حيكسب إيه من القعدة أو من الاجتماع اللى شغال , وطبعا هو بتاع أحلام سيادتك أوامر .. وتناسى هؤلاء قيمة الرجل والرجولة المصرية الأصيلة والشهامة والجدعنة والنخوة المعروف بها الرجل المصرى , وقد شاهدنا ذلك مرارا وتكرارا عندما كانت البنات يتم الحرش بهن عينى عينك فى الشوارع ولاتجد حتى من يهتز ويدافع عنهن .. بعد ان كانت معروفة لدينا مقولة «دول بنات شارعنا نحافظ عليهن» .. أصبحوا هم من يتحرشون ببنات شارعهم .. يبدو كما قلت سابقا إن الذين نهبوا مصر لم ينسوا أيضا أن تصبح بلدنا بلا أخلاق .. قال إيه أصلها أخلاق الزحام . بلد مثل اليابان والصين زحمة جدا جدا .. لكنهم شعوب يحافظون على قيمهم وأخلاق بلادهم .. وفى كثير من الأحيان تجد امرأة وهى بألف رجل .. ليس لأنها شكل الرجال ولكنها تحمل أخلاق الرجال الجميلة التى افتقدناها .. تعرف الواجب وتؤديه ولها رأى وقوية فى الحق وللأسف هؤلاء غير مرغوب فيهن اطلاقا وربما تحاربن محاربة بلا هوادة ليس فى رزقهن فقط ولكن فى كل حياتهن وأعرف سيدات كثيرات أضطهدن بسبب انهن أفضل من رجال كثيرين. ..وفى الوقع أنا محزونة لما يحدث من فكرة استبعاد النساء الآن من المشاركة فى أوجه الحياة السياسية والاجتماعية ومختلف الميادين ويريدون بنا العودة الى بيوتنا بعد ان كافحت المرأة طويلا من أجل أن يكون لها دور فى الحياة وهذه تعتبر ردة حضارية.. وأتمنى ان تختفى هذه الدعوات.. وأيضا يختفى هؤلاء أصحاب المقولة التى أفسدت العمل والإنتاج والرأى السليم والصراحة والوضوح فى الحق ولا يخشى الإنسان لومة لائم ..لأنه إذا كانت أحلام سيادتك أوامر هى التى أوقعت النظام فلم يرى حقيقة ما يجرى حولهم .. هؤلاء المنافقون من أجل الترقية والعلاوة والسفرية والحصول على المال والوظائف، بأى شكل حتى ولو بالغش.. غش الرئيس فلا يرى حقيقة الأمور.. هذه العبارة الانتهازية أفسدت مصر وأفسدت أجيالا كاملة لأنها عاشت بلا كرامة ولا كبرياء ..أرجوكم اقتلوا وأخرجوا هذه المقولة من قاموس المصريين .بأسرع ما يكون .. نريد أن تكون أحلام الشعب المصرى كله هى اللى أوامر ..فى التنمية والتقدم والرخاء.