ألم تسأل نفسك لماذا ينصحك المقربون بضرورة العمل أولا قبل أن تصبح زوجا؟ الإجابة البدهية هي أن الوظيفة توفر الاحتياجات المادية التي يتطلبها الزواج ويجب أن يؤسس الرجل نفسه جيدا قبل أن يؤسس عش الزوجية. وبالطبع هذه النظرية صحيحة 100% ولكنك بذلك تحكم علي الوظيفة بمنطق مادي بحت، كما تحكم علي الزواج بمنطق مادي فقط وباحتياجات مادية مطلقة، ولكن تأكد أن الوظيفة مطلوبة قبل الزواج كي تكتسب منها 7 صفات لا يمكن أن ينجح زواجك بدونهم وكي لا تتعرض للمشاكل الزوجية التي تقودك للطلاق مبكرا. المطاطية يعيش الشاب فاتحا لصدره وداخل الدنيا بقلب جامد إلي أن يلتحق بوظيفة، بعدها تلاقيه كاشش وخايف وعنيه كلها انكسار وكأن حد ماسك عليه ذلة، قارن كده بين أي حد قبل الوظيفة وبعدها، فإذا كان صاحب صوت عال فسوف تجده وقد تحول إلي ملاك بريء وخجول وماشي في حاله رافعا مبدأ «يا حيطة داريني». فالرجل يبدأ في التعود علي المطاطية متغنيا بأغنية «علشان نعلي ونعلي ونعلي لازم نطاطي نطاطي نطاطي» والمشكلة أنه يتعود علي أن يطاطي من غير ما يعلا، وإذا كانت المطاطية هي صفة سلبية اكتسبها الرجل في الشغل، إلا أنها إيجابية جدا علي صعيد الزواج، فإذا لم يتعود الرجل علي المطاطية وتحمل الانكسار فربما يفشل في حياته الزوجية، فالزواج يحتاج إلي قدر كبير منها حتي لو كان الرجال يسمونها «انحناء بسيط كي تمر العاصفة». تحمل الإهانة تخيل معي «المشهد الأول» وهو عبارة عن رجل لم يلتحق بوظيفة وتزوج مباشرة، ثم جاءت زوجته وقالت له «أمك دي مش طايقاني» فبالتأكيد سيقول لها بكل انفعال «إزاي تقولي علي أمي كده.. أنتِ إيه أنتِ أساسا.. دي ستك وتاج راسك.. اسم الله علي أمك النكدية العقربة.. أنا مسمحش لحد يهين أمي» واحتمال ينتهي الموضوع بالطلاق. انتقل معي عزيزي القارئ بخيالك الواسع لرجل التحق بوظيفة لمدة 3 سنوات ثم تزوج، وجاءت زوجته وقالت له «أمك دي ولية - براوية.. ومنفسنة ومش بتطيقني.. دي الناقصة بتكلمني بقرف وبتحب مرات أخوك أكتر مني.. روح قولها يا ولية اختشي واعرفي مقامك» فبالتأكيد سيرد الرجل بكل انكسار - الذي يسميه الرجال (تطييب خاطر)- «هي متقصدش.. والله دي طيبة وبتحبك.. بكرة تاخدوا علي بعض.. أما بخصوص طريقتها في الكلام فهي دي عقليتها وطريقتها والمقامات محفوظة ليكي يا حبيبتي.. خلاص بقي». وإذا أردت عزيزي أن تعرف السبب فستجده في أن الرجل في شبابه يكون - سوري يعني- ضاربها صرمة ومش فارق معاه أي حاجة، فاستحالة حد يشتمه في الشارع ويسكت أو يهينه في الكلية ويسكت، أما في مجال العمل فهيتشتم ويسكت وهيتهان ويسكت وه..... ويسكت برضه، فلن يعترض علي الجمل التالية رغم فظاظتها «إيه الشغل المقرف ده» «ناموسيتك كوحلي يا أستاذ» «طبعا ما أنا فاتح عربخانة كل واحد ماشي بكيفه»، كل ذلك والرجل لا ينطق، ولذلك فهو يتحمل كل إهانات الزوجة ببرود وهدوء أو قل «تعود». النفاق في العمل ستنبهر بماركة بدلة المدير حتي لو كانت من إنتاج شركة «ستيا المحلة الكبري» وستشيد بقراراته الحكيمة حتي لو كانت إلغاء الحوافز، وهذا يعودك علي مدح خفة دم حماتك حتي لو كانت دمها يلطش أو بدون أساسا، وسوف تشيد بقرار زواجك وسط المقربين رغم أنك كنت تدعو منذ قليل في سرك قائلا «يارتني كنت سقطت في ثانوية عامة ولا دخلتش الكلية النحس إللي شوفتك فيها»، وهذا النفاق هو ألف باء النجاح الزوجي. العمل الشاق الشغل يعودك علي العمل الشاق والمجهود الإضافي، فسوف ينهد حيلك طوال الأسبوع ورغم ذلك فأنت معرض للعمل في الويك إند بسبب المدير الخنيق، وهذا يؤهلك للتعامل مع العمل الشاق في الزواج، حيث سينهد حيلك طوال الأسبوع أيضا ولكنك مطالب بمجهود إضافي كي لا تستمع يوم الخميس إلي الجملة السهنة إللي كلها تلاقيح «مالك يا راجل؟». إنكار مجهودك إذا لم تلتحق بوظيفة وتتعامل مع مدير، فربما تتضايق جدا لو أحضرت مشتريات الشهر لزوجتك ثم وجدتها لم تقل لك كلمة شكرا، ولكن إذا تعاملت قبل الزواج مع المدير الذي لا يعرف الشكرانية مطلقا، فسوف يمر زواجك علي خير لأنك لن تنفعل ولن تتضايق حين تجد شريكتك تنظر في المشتريات وهي في الأكياس وتقول: «ليه إن شاء الله جايب شامبو سباركل عادي، يعني متجوزين بقالنا سنة ومتعرفش إن شعري دهني». كبت الطموح تخيل أن كبت الطموح هي ميزة كبيرة لا يدركها إلا من وقع في مواقف سلبية بسبب الإفصاح عن طموحه وعايش في دور الصريح، فإذا لم تتعامل مع مدير فربما تجلس مع زوجتك أمام إعلانات «أفلام عربي أم الأجنبي» وتفصح عن إعجابك بجمال وجمودية رشا وتقول «مدام رشا دي قطة»، وربما زوجتك ساعتها تدبحلك القطة وتنكد عليك، ولكنك إذا تعاملت مع «مدير» فستتعود ألا تفصح عن رغباتك في زيادة المرتب، أو تقدير سهرك في العمل، أو الثناء علي أفكارك المبتكرة، أي أن هذا المدير سيقتل فيك أي صراحة أو طموح، وسوف تتعود علي كتمانه في قلبك لدرجة أنك قد تجلس مع زوجتك فيما بعد وتشاهد «إعلانات أفلام عربي أم الأجنبي» ثم تفصح لزوجتك عن إعجابك بجمال وجمودية تهامي باشا، تجنبا لحدوث مصادمات. الابتسامة الصفراء يدعي الرجل طوال حياته أن الذي في قلبه علي لسانه، وأنه يكره التمثيل والحركات القرعة، ولكن الزواج يحتاج إلي التمثيل والحركات القرعة وكتمان ما في القلب في القلب، وهذه الأشياء لن تكتسبها إلا من خلال تعاملك مع نوع من البشر يسمي «المدير». فهذا الشخص علاقتك به غاية في الغرابة، فقوانين العمل تتيح لك أن تناقشه، ولكن قوانينه الشخصية تتيح لك فقط أن تنفذ أوامره، كما أنه دائما ما يدعي ديمقراطيته ولكن الحقيقة أنه يطبق شعار ديمقراطية الحوار وديكتاتورية القرار، كما أنه يعاملك علي أساس أنك عبد في وسية أبوه، وفي الوقت نفسه أنت تنظر له نظرة أحمد عرابي للخديو توفيق، ناقصك فقط أن تقول له «لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا» فأنت تتعجب من تصرفاته وقراراته ورغم ذلك أنت مطالب أن ترسم علي وجهك ابتسامة صفراء. بالتأكيد هذه الابتسامة الصفراء هي كنز كبير سوف تشكر مديرك عليه حين تخرج بسببها من مواقف صعبة في الزواج، لأنك ستحتاج إلي هذه الابتسامة الساقعة الحمضانة إللي كلها تمثيل حين تقول لك زوجتك إن مامتها جاية تقعد عندكوا لمدة شهر، وحين تخبرك أنها اشترت لأختها خاتم دهب بمناسبة خطوبتها، وحين تكون أنت مع زوجتك وتقابل صديقك الغبي الذي يقول لك «يالا سلام أشوفك مع الشلة علي القهوة زي كل يوم» فزوجتك كانت تعتقد أنك تسهر في العمل. كلام موظفين: أفكار مطرقعة وأفكار رصينة، الموظفين مع المطرقعة، والمديرين دايما ((مع الرصينة)).. بس خلاص