ونعم الصداقة حيث يختار الرجل صاحبه الذى يشبهه.. ولأن الجوارح على أشكالها تقع.. دخل «سحس» المتدلع إلى المحكمة الأسبانية على مقعد متحرك.. نسأل الله له الشفاء من داء الجشع.. ولما سأله القاضى هناك إن كان يود أن تتم محاكمته «توربينى» فى مصر.. أو «أسبانى» فى مدريد كان جوابه الحاضر: أنا مواطن أسبانى.. يعنى يسرقنا بالمصرى.. ويتدلع حسب جنسيته الأوروبية.. «وطبعا ولا همه».. لأن أسبانيا هى أمه.. وأشبيليه مرات عمه والأندلس أخته.. لكن شرم الشيخ التى أكلها فيما مضى «والعة» ولهفها وحده ولم يزوّر، لأن صاحبه الكبير كان يمسك له «بالقله» القناوى يناوله إياها «كلما أدركه الظمأ».. وصداقة «حسين سالم» مع «الفريق أول محمد حسنى السيد مبارك علينا جميعا» عميقة الجذور.. وظلت فى طى الكتمان لأنها غير مشروعة.. وقد بدأت من خلال سلاح الطيران الذى جمعهما معا.. وحتى قبل أن يتربع مبارك على عرشنا.. ولكن الأسرار مهما ظلت فى خزانة حديدية سيأتى عليها الوقت وتخرج.. وقد حدث هذا فى عام 1986.. عندما وقف النائب البرلمانى الشجاع «علوى حافظ» وتقدم بطلب إحاطة مستندا فى ذلك إلى ما جاء فى كتاب «الحجاب» للكاتب الصحفى الأمريكى «بوب دوورد» وقد أكد فيه أن شركة تسمى «الأجنة البيضاء» قد تم تسجيلها فى فرنسا هى المورد الرئيسى لتجار السلاح فى مصر وهى تضم أربعة شركاء هم: منير ثابت شقيق الست سوزان وحسين سالم، وعبد الحليم أبو غزالة، ومبارك، وكان نائبا لرئيس الجمهورية عند تأسيسها.. أى أن الديك الفصيح من قبل الرئاسة وهو يصيح.. وذلك سيادتك اسم الشركة، لأن ثلاثة من هؤلاء جمعهم الطيران والروقان، لذلك لم تسم «بالكبد والقوانص»، لكنها الأجنحة.. التى تمنع البلل.. وعندما كشف علوى هذا الموضوع تحت قبة البرلمان.. لم تعلق الرئاسة ولا تكلم منير ولا نطق حسنى، فقط «أبو غزالة» الذى هب وفض؟.. وظل «سحس» كعادته «لابدا فى الدره».. لذلك بلغت ثروته فى عين العدو الذى هو بالنسبة له الشريك والمصلحة أكثر من ميزانية مصر بحالها فى سنة والرقم المذكور هو 350 مليار دولار.. رغم أن اسمه قد ورد فى قضايا تهرب من قروض واجبة السداد عليه منها واحدة مع شركة بترول عالمية.. ولأن سيادته على «الحجر» ومفيش غيره دخل البنك الأهلى وكأنه فى الشركة.. وحتى أثبت لك هذا دعنى أسألك وأحرجك: هل سمعت عن حتة فى مصر اسمها «شرم الشيخ» من قبل التسعينات؟.. ما أظنش يا حبيبى.. لكن سبقنا سحس وأصبح أول رجل يمتلك محافظة تسليم مفتاح على مزاج مزاجه وضع يده على خليج نعمة.. وفايزة.. وبديعة.. وعندما بدأ البناء أوصى المقاول بعمل قصر اسبشيل على أعلى مستوى وتجهيزه من مجاميعه سخن وبارد وجاكوزى وزحاليق ومراجيح. ويقال إنه علم بأن المعلم الكبير سوف يقضى إجازة العيد هناك فأمر على الفور ببناء مسجد محندق يليق بمقام السيد الرئيس وفى زمن قياسى ظهر المسجد بتكلفة بلغت 2 مليون جنيه والله أعلم بالنوايا إن كان هذا العمل سيكتب فى ميزان حسناته أو فى ميزان المدفوعات باعتباره أن كلها فلوس «الميغة»، حيث بنى من لا يملك لمن لا يستحق.. ولكن سحس للأمانة أدخل إلى شرم لعبة الجولف.. وهى رفاهية لم تكن موجودة عند الشعب المصرى من قبل بعد أن كانت الألعاب مقصورة فى الموروث الشعبى على الاستغماية ونفطة الإنجليز وحاورينى يا كيكه. ظل الصديق الغامض بسلامته يرتع ويبرطع فى كل ما يحقق الثروة باعتباره صاحب مفاتيح البلد كلها وليس «شرم» فقط.. حتى إذا جاءت صفقة تصدير الغاز لإسرائيل ظهر اسمه فقد كانت اسهمه 65% وشريك إسرائيلى «يوسى ميلمان» 25% وال10% الباقية للحكومة المصرية وأنا وأنت.. وكانت بنود الاتفاقية تنص على تصدير 120 مليار متر مكعب من الغاز مقابل 28 مليار دولار فقط لا غير وعلى الهامش وقّعت شركة سحس الجبار عقدا مع شركة إسرائيلية أخرى هى «دوراد اينرجى» لتصدير الغاز إليها لمدة 15 سنة مقابل 100 مليون دولار عن كل سنة إضافية، وكان رأس مال الشركة 500 مليون أخذ الحاج حسين من البنك الأهلى قرضا على حسها قيمته 380 مليون دولار بخلاف قروض أخرى من الاتحاد الأوروبى.. وبعد ذلك بدأت عملية بيع أسهم الشركة تباعا لشركات أمريكية وأخرى من تايلند، يعنى خليها «تسقع» وبيع.. وبلغت الأرباح مقابل ذلك بليون دولار أى ألف مليار فإذا كان المليون أمامه ستة أصفار، فالمليار يصطف أمامه 12 صفرا، وبالتالى فإن البليون يلزمه «دستتين» من الأصفار أى (24)، وقد تم كل هذا قبل بداية تصدير الغاز حتى أن صحيفة هآرتس الإسرائيلية كتبت تقريرا كان عنوانه «تحقيق أرباح من غاز بدون الغاز».. ولم تكن تعرف أن «سحس» بما له نفوذ وسند أحد القلائل الذين يستطيعون «دهن الهوا دوكو».. وقامت الدنيا لكنها قعدت.. لأن بتاع الغاز ونعمة.. كان أقوى من القانون ومن إرادة الشعب ومن صوت الجماهير، ومع ذلك ولأنها مصالح كان بسلامته أول الخالعين بعد الثورة ركب الناقة الخاصة بتاعته ذات الأجنحة النفاثة.. وشرخ، ولما قالت الصحف إنه «فلسع» أنكر ذلك ثم ظهر حضرته فى سويسرا بلاد الشيكولاتة.. وقد نشرت بعض التقارير أنه أخذ على طائرته التى هرب بها خزانة كان بها حبة سيولة على الماشى تقدر بنحو مليار ونصف المليار من الورق الأمريكانى الأخضر لزوم تكاليف العيشة. وقد اتجه فى أول الأمر إلى دبى من أجل تزويد الطائرة بنزين 92.. واكتشف رجال الجمرك أمر الخزانة وصدرت تعليمات إليهم بأن يرحل على أن تلحق به «القرشنات» فيما بعد.. وجرى المشهد بعد ذلك بتقديم بلاغات واتهامات.. ضد رجل ينتمى إلى إحدى قبائل سيناء.. ومن هنا كانت معرفته «بشرم» ونظرته البعيدة لها وكان موظفا راتبه 18 جنيها تخصم منها ضريبة للدفاع عن فلسطين قدرها 2 جنيه ثم التحق بعد ذلك بسلاح الطيران وشارك فى حربى 67 ، 73.. وكان دخوله إلى المجال الجوى وش السعد، حيث تعرف على سيادة الفريق مبارك وقبلها فى أيام السادات كان مسئولا عن تنفيذ المعونة الأمريكية.. أى أن جنابه من يومه عارف ومذاكر كيف تكون السكك المربحة.. وكفاية أن تعلن تأييدك للخيار الاستراتيجى الذى هو السلام يا سلام.. وبعد كل هذا من الطبيعى أن يقول حسين للقاضى وهو يحاكمه فى مدريد عندما سأله عن مصر حيث قال: أنا ماعرفش بلد بالاسم ده.. أنا جنسيتى يا باشا على دولة «شرم» وعلاقتى فقط «بالمشاريم»!