كنبن : هبة مظهر ....... يبدو أن الرئيس السنغالى عبد الله واد لم يستوعب الرسالة التى بعثت بها الشعوب العربية للحكام فى العالم لينضم لقائمة الرؤساء الذين يحاولون التشبث بالسلطة وتوريثها لأبنائهم، رغم أن البعض لم يستبعد انتقال الربيع العربى إلى بلاده بسبب محاولاته لتوريث الحكم لنجله على غرار ما كان يخطط له الرئيس المخلوع حسنى مبارك. فما أن أعلن المجلس الدستورى وهو أعلى سلطة قضائية فى السنغال شرعية ترشح الرئيس الحالى عبد الله واد لولاية ثالثة فى الانتخابات التى ستجرى فى 23 فبراير الحالى مخالفاً بذلك نص الدستور الذى يسمح بولايتين رئاسيتين فقط حتى اشعلت هذه الخطوة احتجاجات شديدة فى الشوارع فاندلعت أعمال عنف وسط العاصمة السنغالية «دكار» وعدد من المدن الأخرى بين عدد من الشباب المسلحين بالقضبان الحديدية والعصى وأضرموا النار فى مبنى الحزب الحاكم ورشقوا الشرطة بالحجارة فيما قامت الشرطة باستخدام الغازات المسيلة للدموع، فى الوقت الذى تجمع فيه آلاف المعارضين وسط العاصمة استجابة لدعوة حركة 23 يونيو التى تضم أحزابا سياسية ومنظمات من المجتمع المدنى رداً على قرار المجلس الدستورى متوعدين بأن يجعلوا السنغال التى طالما كانت نموذجا للاستقرار والهدوء فى غرب أفريقيا بلداً يصعب حكمه إذا أصر الرئيس الحالى على ترشيح نفسه لفترة ثالثة ودعت إلى المقاومة الجماهيرية والتظاهرات خلال الأيام المقبلة، خاصة بعد أن رفض المجلس الدستورى طعون أحزاب المعارضة فى دستورية قراره، وأيد ترشح واد و13 منافساً له، كما منع ثلاثة مرشحين أبرزهم المطرب السنغالى الشهير «يوسو أندرو» من الترشح للرئاسة، حيث تتهم المعارضة واد البالغ من العمر 85 عاماً بأنه عمد إلى تعديل الدستور بحيث يصبح بمقدوره أن يتولى ثلاث فترات متعاقبة، حيث انتخب لأول مرة فى عام 2000 لولاية بسبع سنوات وأعيد انتخابه لولاية ثانية فى عام 2007، ولكن لمدة خمس سنوات فقط، وذلك استنادا لتعديل دستورى أجرى فى 2001، وفى عام 2008 تمت العودة إلى القانون القديم الذى يحدد الولاية الرئاسية الواحدة بسبع سنوات. ويخشى المعارضون للرئيس واد من أن يؤدى استمراره فى السلطة لفترة رئاسة ثالثة إلى توريث الحكم لابنه كريم البالغ من العمر 43 عاما خاصة مع زيادة نفوذه وتبوئه العديد من المناصب منذ 2001 حيث شكل كريم فى الفترة الأخيرة ظاهرة سياسية وإعلامية شدت انتباه الرأى العام السنغالى حيث أضحت كل تحركاته مادة دسمة لوسائل الإعلام المحلية خاصة بعد أن وضعه والده فى صدارة المشهد السياسى من خلال تأسيس إطار سياسى شبابى يوازى المنظمة الشبابية للحزب الحاكم. كما حصل على الكثير من الامتيازات الخاصة والصفات الرسمية حيث تم منحه صفة مستشار للرئيس وتم تعيينه فى منصب وزير الطاقة والنقل الجوى والتجهيز وهى وزارة تقدر ميزانيتها بربع ميزانية الدولة السنغالية، وعلى الرغم من نفى الرئيس عبد الله واد لوجود أى مخطط لتوريث الحكم لابنه وهو ما نفاه أيضاً كريم فى وقت سابق وقال إنه ضحية لحملة كراهية من جانب وسائل الإعلام وأن الحديث عن توريث السلطة إهانة للشعب السنغالى، فإن الأوساط السنغالية المعارضة ترى أن الرئيس واد يسير على خطى الرئيس السابق حسنى مبارك بينما يرى عبد الله واد وبعض أنصاره أن المكانة التى يحظى بها نجله هى نتاج قدرته ومؤهلاته العلمية. ويبقى السؤال: هل ينجح واد فى الاستمرار فى السلطة لفترة رئاسية ثالثة ليبقى على احتمال توريث الحكم لابنه رغم غضب الشارع السنغالى؟ أم ينتهى به الحال لمصير مشابه لما انتهى إليه مبارك ونجله؟.