أغنية صنعت مغنياً هو محمد محيى وكانت (أعاتبك على إيه).. وكرسى صنع رئيساً هو محمد حسنى مبارك، وكانت أغنيته التى نرددها له (أحاكمك على إيه.. ولا إيه؟).. ففى كل لحظة نكتشف أن هذا الرجل باع البلد برخص التراب وخربها ونام على تلها.. بدد ثروتها، وأهدر كرامتها، وكان يتمنى من كل قلبه سراً وعلانية لو جاءت للشعب شوطة أو «فرة» لا تبقى ولا تذر، لأنهم الأسرع فى النمو السكانى، وكم طالبهم على الملأ (يلموا رجلهم شوية) فى إشارة لما يسمى بتنظيم الأسرة.. وكانت أمريكا تنفق بسخاء فى هذا البند لأنها لا تريد للثروة البشرية أن تتكاثر، وقد قدمت لشعبنا الكثير من تكنولوجيا منع الحبل، وقد ضربها الفقراء بالقديمة وحققوا أعلى معدلات الخلفة بالعند فى المعلم. أحاكمك على إيه ولا إيه.. فعلاً هى أغنية «القرنين» وصفا لما عُرف بمحاكمة القرن.. الواحد.. وهذه هى الحيثيات كما أعلنها قاضى القاضى «فقراوى مكسور مذلول». اقتصادياً انهارت الصناعات الكبرى لصالح المحاسيب.. فقد تم تفكيك قلعة الحديد والصلب التى بناها عبد الناصر.. لكى ترتفع قامة الطبال «القزّعة» عز ويلعب بالحديد كما يريد.. والتهبت أسعار المساكن، لأن الأسمنت أيضاً.. ركبه العصبى وفقا لآليات سوق مبارك.. وكان الإنتاج الأعظم فى عهد بسلامته هو العشوائيات.. وتسبب ذلك فى رفع معدلات «الصياعة» حيث لا زواج ولا يحزنون.. ويا ريته اكتفى بذلك، لكنه باع أكبر المصانع ومعها عمالها.. وظهرت كارثة المعاش المبكر، حيث يتحول الرجل إلى «حرّمه» فى بيته.. أخذ القرشين وضاعوا فى يومين.. وبعضهم مات مبكرا من الحسرة، وقد تحول فى بيته إلى «مروحة سقف»، وفقد السيطرة حتى على نفسه.. وانتشرت البطالة بين الكبار والشباب الذى توافرت له كافة وسائل «الهلس».. الفيلم الهابط والمسلسل الذى يجد له كافة مبررات الانحراف والعار.. والأغنية البزرميط.. التى يغنيها ما يمكن أن تسميه أشباه الرجال من الفرافير بأصوات مخنثة وكلمات أقل ما توصف به أنها «واطية».. تراجعنا صناعيا، ولم نعد ننتج سوى «الهلس».. السادة أو المحشى، حيث اختفت زراعتنا حزنا وكمدا على صناعتنا، وكنا نتباهى بالقطن طويل التيلة.. وأصبحنا نفخر كل الفخر بأننا نعيش «بالتيلة» وفى ظروف «نيلة» فى بلاد النيل الذى تحول إلى دورة مياه عمومية أهدرنا مياهه المقدسة وحولناه إلى زريبة وآسف فى التعبير لكنها الحقيقة، وقد كتبت مسلسلا تليفزيونيا حول نهر النيل وكيف لوثناه، ثم شربنا وتلوثنا نحن أيضاً فى أفكارنا وسياساتنا وتعاملاتنا، وكيف أن الكارثة الكبرى تمثلت فى انصراف عم حسنى عن أفريقيا، حيث تقطعت علاقاته مع أغلب الدول الأفريقية فى منطقة حوض النيل وكانت النتيجة تواجد إسرائيل بقوة وسيطرتها على الوضع المائى والسياسى حتى تمردت هذه البلاد علينا وكانت تنظر إلينا أيام عبد الناصر على أننا قوة عظمى ساهمت فى تحريرها وتدين لنا بالولاء. ولأن المسلسل «النهر والتماسيح» جاء على الوجيعة، تم تجاهله لأنه رصد تلوث الأحزاب السياسية والصحافة والأخلاقيات عموما، بينما تم إفساح كل الطرق البرية والبحرية والجوية لأفلام ومسلسلات المخدرات والدعارة والجنس والشذوذ، فيما يؤكد أن سياسة مبارك البزرميط لم يكن لها أن تستمر إلا فى مناخ مناسب من «الهجص» وقلة القيمة، فقد تفنن النظام فى القضاء على القيادات المحترمة التى لا تمتلك سوى قيمتها المهنية، وكرامتها الإنسانية، ومن هنا صعد المنافقون والطبالون والفارغون. سياسياً كانت مقولته الشهيرة أن السلام هو «خيارنا الاستراتيجى».. ولم نجد خيار سيادته إلا فى السلاطة فقط.. وللأسف كانت أيضاً بلا طعم أو رائحة.. لا استفدنا من سلام فى رفاهية.. وكم اخترق العدو حدودنا بوقاحة وقتل أولادنا ولم يكلف خاطره بمجرد الاعتذار.. لأن العشم فى الباشا كان زائدا حتى أن الست وزيرة خارجية بنى صهيون كانت هنا تصافحه، وهم يخططون لمجرزة غزة.. ولم يكن غريبا أن ولاء سيادته لليهود على حساب أهلنا فى غزة.. الأمر الذى أهان الكبرياء الوطنى المصرى.. وتراجعنا عربيا وأفريقيا ودوليا.. ووفقا لذلك تحول العداء صوب دولة إسلامية هى إيران.. فى إصرار مؤلم لرجل يحمل دكتوراة فى العند مع مرتبة القرف بينما الدلع كله مع الدولة العبرية، بل إنه صنع لهم دولة موازية فى شرم الشيخ اعتبرها عاصمته الآمنة.. وبرطع الصهاينة على حسه فى هذه الدولة على مزاج أهلهم تحت بند السياحة كانوا يدخلونها بلا شروط.. ولأنه عاش لنفسه فقط.. واعتبر البلد عزبة خصوصى.. أراد أن يسلمها إلى وريثه.. ومن هنا أصبحت أمن الدولة عفريتا يضع أنفه فى كل صغيرة وكبيرة، ويتحكم فى تعيين أساتذة الجامعة وقيادات الصحافة والوزراء.. وتجسسوا وتلصصوا حتى يكون لهم على كل واحد «ذلة».. فأذلهم الله جميعا فى قفص واحد بعد سلطوا زبانية التعذيب والترهيب على كل معارض أو صاحب رأى مخالف.. وبنفس المنطق عالجوا مظاهرات يناير وداست المصفحات على الشباب وتفننوا فى ألوان القتل والخطف ولجأوا إلى أدنى السبل والوسائل ومشهد جمالهم وخيلهم وحميرهم شاهدة عليهم.. حتى جاء فى المحاكمة أن «سيستم» المخفى بيديه أو بالنظارة الشمسية قد أنفق ما يزيد على 20 مليارا من الجنيهات لتصفية خصوم التوريث تحت إشراف حبيبه العادلى وبلغ الاستبداد مداه والظلم أقصاه.. حتى سمعنا صوت الاستبداد يتكلم عن نفسه. وكما جاء فى كتاب الكواكب: أنا الشر وأبى الظلم وأخى الغدر وأختى المسكنة وعمى الضُر وخالى الذل وابنى الفقر وبنتى البطالة وعشيرتى الجهالة ووطنى الخراب أما دينى وشرفى فهو المال.. المال.. المال. وراجعوا كل الأوصاف ستجدونها هى سمات عصر المخلوع وأبرز ما فيه.. انهيار التعليم وتربعت العوالم على قمة الهرم وفى أدناه العلماء.. وتقزمت مصر العملاقة.. لأن ثروتها أخدها غراب البين حسين غير سالم من صاحب المحل بلا حساب أو رقابة.. وتوحش رجال الوطنى كل حسب اتساع كرشه وما شبعوا لكن جاع الشعب.. وسلط الله عليهم أنفسهم وركضوا فيها مثلما يركض الوحش فى البرية حتى يهلك. وقديما قال أحد الحكماء: إنى أرى قصر المستبد فى كل زمان هو هيكل الخوف عينه فالملك الجبار هو المعبود وأعوانه هم الكهنة ومكتبته هى المذبح المقدس والأقلام هى السكاكين وعبارات التعظيم والنفاق هى الصلوات والناس هم الأسرى الذين يقدمون على أنهم قرابين الخوف.. والاستبداد عدو العلم.. والمستبدون مثل «أبو علاء» أفئدتهم هواء ترتجف من صولة العلم لأنه من نار وأجسادهم بارود.. لذلك فإن شلة «قابضين ياريس» أو عياله الندامه من المدافعين رغم كل ما فعل.. هم عبيده الذين ارتضوا الذل وأصابهم مرض السادية وحب التعذيب، لذلك فإن تهمة الخيانة العظمى هى أقل ما يمكن توجيهها إلى صاحب الضربة الشاملة فى قلب مصر ومهما كان حكم محكمة الدنيا فإن محكمة الله فيها ما هو أكثر وأشد وأقسى، وقال الله تعالى: ( هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ ? وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ? وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) صدق الله العظيم الآية (30) سورة يونس