يبقى أديب (الثلاثية وأولاد حارتنا) العالمى واحدا من علامات الأدب المعاصر، رغم هجوم عدد من شيوخ السلفيين عليه فى الفترة الأخيرة، بحجة أن أدبه يدعو للرزيلة والفسق، خاصة تلك الروايات مما دعا مكتبة الإسكندرية لإقامة إحتفالية ضخمة قبل أيام إحتفاءا بميلاد الأديب الكبير تحت عنوان «إعادة إكتشاف نجيب محفوظ». أفتتح الاحتفالية الدكتور إسماعيل سراج مدير المكتبة، والدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة السابق، والدكتور خالد عزب مدير إدارة المشروعات الخاصة بالمكتبة، وتتضمن معرضا لصور الأديب الراحل، وعرض لأهم أفلامه التى كتبها، إضافة إلى عقد عدد من الندوات عن تلك الأفلام مع بعض النقاد السينمائيين، كما تتضمن الاحتفالية معرضا لمؤلفاه وافتتاح معرض للدكتور نجيب محفوظ رائد علم أمراض النساء والولادة والذى سمى الأديب الراحل بأسمه، وعقدت الاحتفالية فى بيت السنارى الأثرى التابع للمكتبة بالقاهرة. وأشار سراج الدين إلى أن نجيب محفوظ عبّر عن هموم الإنسانية بكاملها إلى جانب تعبيره عن قضايا المجتمع المصرى وهمومه وحياته اليومية، حيث غير معايير الأدب والكتابة، وكتب بأسلوبه الفلسفى العميق موضوعات مستوحاة من المجتمع المصري، بشخوصه وأماكنه وبيئته وأحداثه، بألفاظ عادية دارجة بسيطة ولكنها عظيمة الدلالة. وأوضح مدير المكتبة أن أدب محفوظ كان أدبًا واقعيًا فريدًا، مر بمراحل كثيرة فكتب الرواية التاريخية ثم الاجتماعية ثم الفلسفية إلى أن وصل إلى الرواية ذات الدلالة الرمزية الفلسفية العميقة، وأدخل إنتاجه الغزير الأدب العربى إلى الساحة العالمية من أوسع أبوابها. من جانبه، أعرب الدكتور عماد أبوغازى عن سعادته لانطلاق احتفالية مئوية الأديب العالمى نجيب محفوظ، بعد أحداث الثورة المصرية مشيرا إلى أن الراحل عاش الثورة وقضى حياته كلها مدافعاً عن قيم الحرية، ومبادئ العدالة الاجتماعية؛ وهى المبادئ التى تبناها ثوار مصر، ومن الشعارات التى رفعها. موضحا إن نجيب محفوظ عاش محافظًا وأمينًا على فكرة الدولة المدنية، التى تحترم المواطنة وحقوق الإنسان، والتى تقوم على أساس عدم التمييز الديني، وترفض الدولة العسكرية التى عاشت أكثر من ستين عامًا. وأكد وزير الثقافة السابق أن الاحتفاء بنجيب محفوظ فى ظلال الثورة الجديدة يكتسب معانى جديدة وعميقة ومهمة تدعونا أن نحافظ على الشرارة التى انطلقت فى مطلع 2011، وتستمر إلى منتهاها، وألا نسمح أبدًا بأن تسرق ثورتنا منا مرة أخرى. وقد ضمت الاحتفالية برنامجا ثقافيا متنوعا يضم ندوات تتناول نجيب محفوظ من عدة أوجه. ويضم برنامج اللقاءات الثقافية المستمرة مشاركة للدكتور هيثم الحاج بعنوان «قراءات شبابية لأدب نجيب محفوظ»، كما قدم الأديب محمد جبريل لقاء بعنوان «نجيب محفوظ: صداقة جيلين» وتشهد الاحتفالية أيضا لقاء مع الدكتور صلاح فضل حول كتابات نجيب محفوظ، كما يتحدث الأديب يوسف القعيد عن الراحل فى المسرح والإذاعة، «ملامح السرد السينمائى عنده. شهدت الاحتفالية أيضا إطلاق كتاب «ببلوجرافيا نجيب محفوظ» للناقد شوقى بدر يوسف، والذى يصدر عن المجلس الأعلى للثقافة بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية. وينظم مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية فى نفس الإطار لقاء مع الأديب جمال الغيطانى ، ولقاء آخر مع الأديبين سعيد سالم ومحمد الجمال حول ذكرياتهم مع نجيب محفوظ وليالى سان ستفانو. ولمن المعرض المواز للدكتور نجيب محفوظ؛ رائد علم أمراض النساء والولادة فى مصر والذى سمى الأديب الكبير نجيب محفوظ على اسمه، يتضمن المعرض ملامح لحياته وسيرته العلمية والتى لا يعرفها الكثيرون. حيث يعد الدكتور نجيب محفوظ طبيب مصرى عالما عصاميا؛ علَّم نفسه داخل وطنه ونال شهرة عظيمة بالداخل والخارج، وبرع فى علوم الطب فكان من كبار الأطباء المصريين عبر التاريخ. ترك محفوظ تراثًا علميًا رفيعًا أهم ما يميزه أنه باللغة العربية، إيمانًا منه بضرورة تيسير العلوم الطبية الحديثة لأبناء وطنه. ويستعرض معرض الدكتور نجيب محفوظ مراحل حياته، حيث وُلِد محفوظ فى 5 يناير 1882، فى مدينة المنصورة، وكان الابن الثامن للأسرة. والتحق الدكتور نجيب باشا محفوظ بمدرسة الطب فى عام 1898، وتخرَّج فيها فى يونية 1902، وكان ترتيبه الأول على الدفعة. وتولى الدكتور نجيب محفوظ العديد من المناصب؛ منها: عضو المجلس الأعلى لجمعية الهلال الأحمر، وعضو مجلس إدارة جمعية رعاية الأطفال المصرية، وعضو مجلس إدارة مستشفى شبرا، والوكيل الأول للجمعية الطبية المصرية، والرئيس الدائم للجمعية المصرية للولادة وأمراض النساء، وعضو مجلس إدارة تاريخ العلوم وشعبة تاريخ الطب. وكان الدكتور محفوظ من أبرز مؤسسى مستشفى الولادة فى شبرا، وعمل به ثلاثين عاما متصلة، كما كان الدكتور محفوظ من أكبر المساهمين فى إنشاء المستشفى القبطى عام 1926 مع كلٍّ من إبراهيم فهمى المنياوى باشا وإسكندر فهمى جرجاوى من خلال الجمعية الخيرية القبطية التى كان يرأسها آنذاك جرجس باشا أنطون. ويبين المعرض أيضًا الجوائز التى حصل عليها الدكتور نجيب محفوظ؛ ومنها: نيشان النيل عام 1919، ورتبة البكوية من الدرجة الثانية ولقب صاحب العزة عام 1925، ودرجة الماجستير الفخرية فى الجراحة من جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا) عام 1930، ودبلوم عضوية الملكية للأطباء بلندن للأطباء الباطنيين عام 1932، وزمالة الكلية الملكية البريطانية للولادة وأمراض النساء سنة 1934، ورتبة الباشوية عام 1937، والزمالة الفخرية لكلية الجراحين الملكية بإنجلترا. حصل محفوظ أيضًا على الزمالة الفخرية للجمعية الملكية الطبية (Hon F.R.S.M.) عام 1947؛ وهى أرفع درجات الطب البريطانية، وزمالة أكاديمية الطب بنيويورك فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وجائزة الجمعية المصرية لتاريخ العلوم عام 1948، وجائزة فاروق الأول (جائزة الدولة حاليًا) عام 1951، وجائزة الدولة التقديرية فى العلوم فى عام 1959، كما منح اسمه قلادة الجمهورية من الرئيس السادات عام 1979. وفى عام 1950 تشكلت لجنة برئاسة الدكتور إبراهيم شوقى باشا لتخصيص جائزة باسم الدكتور محفوظ؛ لتشجيع البحوث فى علوم أمراض النساء والولادة، وتُمنَح لمن يقدم أحسن بحث نُشِر أو أُعِدَّ للنشر خلال السنتين السابقتين على التاريخ المحدد لمنح الجائزة، وقد استطاعت اللجنة جمع ألفين جنيه للجائزة، اكتتب الدكتور محفوظ هو وأسرته ألفًا منها. يذكر أن مركز الفنون يحتفى بمئوية نجيب محفوظ بمقر المكتبة بالإسكندرية وذلك فى إطار البرنامج السينمائى لشهر ديسمبر الجاري. كما يشهد البرنامج عرض الأفلام الفائزة فى الدورة الثالثة من مشروع «بلازا»، والذى يتناول أفلام قصيرة مأخوذة عن كتاب نجيب محفوظ الأخير «أحلام فترة النقاهة». حيث يعرض برنامج السينما لقاء طه حسين ومجموعة من كبار الكتاب من بينهم نجيب محفوظ؛ وهو لقاء يعد الوثيقة السمعية البصرية الوحيدة لعميد الأدب العربى طه حسين مع محفوظ. وأيضا فيلم «نجيب محفوظ ضمير عصره»؛ وهو فيلم تسجيلى إخراج هاشم النحاس، وفيلم «نجيب محفوظ: نوبل الأدب العربي»؛ وهو فيلم تسجيلى مدته 26 دقيقة. وفيلم «ساحر النساء»؛ وهو فيلم روائى إخراج فطين عبدالوهاب، إنتاج عام 1958 ومدته 105 دقيقة. وفيلم «بداية ونهاية»؛ وهو فيلم روائى إخراج أرتورو ريبستين، المكسيك عام 1993، ومدة عرضه 183 دقيقة. و»زقاق المدق»؛ وهو فيلم روائى من إخراج جورجى فونس، المكسيك عام 1994، ومدة عرضه 140 دقيقة.