كانت ومازالت كيفية استرداد الأموال المنهوبة فى عصر النظام السابق من أهم القضايا المطروحة للرأى العام المصرى منذ تنحى مبارك فى فبراير الماضى وحتى الآن، وقد تسابق الخبراء طوال الفترة السابقة فى الحديث عن آليات وتفاصيل هذه الكيفية، إلا أن الجمعية العربية للقانون التجارى والبحرى نظمت فى الفترة الأخيرة مؤتمرا عن هذه القضية، وخلصت فى نهايته إلى العديد من التوصيات، أهمها الاستفادة من الخبرات الدولية فى هذا المجال، ودعم الضغط الشعبى فى مكافحة الفساد، والاعتناء بإضافة مبادئ الشفافية والنزاهة فى المناهج الدراسية لتعزيز منظومة القيم فى المجتمع، إضافة إلى توصيات أخرى وتفاصيل لقضية استرداد الأموال نقرأها فى التحقيق التالى: وقال د. نادر محمد إبراهيم الخبير القانونى إن توصيات المؤتمر انتهت إلى ضرورة تحقيق أكبر قدر من التنسيق بين الجهات الرسمية المعنية باسترداد تلك الأموال، وضمان استدامة تلك البرامج التدريبية، ودعم الضغط الشعبى فى مجال مكافحة الفساد وبالذات الضغط على الحكومات الأجنبية، فالقضية ليست قانونية بقدر ما هى سياسية، وتشجيع المصريين فى الخارج، خاصة المتخصصين منهم فى دعم المجهودات الشعبية فى مكافحة الفساد فى مصر واسترداد الأموال المنهوبة منها. وأضاف د. خالد حنفى عميد كلية النقل الدولى واللوجيستيات فى مؤتمر عقد فى التاسع من ديسمبر 2003: أبرمت اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد والتى نفذت فى عام 2005 والواجبة التطبيق فى مصر، موضحا أهمية تفعيل آلية تنفيذ هذه الاتفاقية. وأكد د. هشام صادق أستاذ القانون الدولى بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية والرئيس العلمى للمؤتمر أن مصر تمر بحالة ثورية تقتضى مكافحة الفساد، وتفعيل كافة الآليات التى يكون من شأنها القضاء عليه. ومن وحدة مكافحة الفساد من وزارة الخارجية المصرية قال الوزير المفوض أيمن الجمال تنبغى الإشارة إلى أهمية تعريف المجتمع المصرى بما تقوم به وزارة الخارجية من إنجازات فى مجال مكافحة الفساد والذى لا يعرف عنه كثير من المواطنين شيئاً، وتناول الصعوبات الموضوعية والإجرائية فى الاسترداد، وعدم تعاون الدول الكبرى مع الدول صاحبة الأموال لمجرد شكوك دون أدلة. وأكد د. إسماعيل عبد الغفار فرج رئيس الأكاديمية على أهمية مكافحة الفساد لما لهذه الجريمة من أثر سلبى على التنمية، فالدول النامية تخسر مبالغ طائلة تفوق ما تحققه من مكاسب فى سبيل الحصول على المساعدات الدولية. وقد خصص المؤتمر جلسة خاصة حول «المنظور الدولى لاسترداد الأموال المنهوبة» رأسها «ديفيد جريك» مدير البنك الدولى بالقاهرة، بدأت الجلسة بالإطار العام لاسترداد الأموال المنهوبة، واستعرض خبراء اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد والتى وقعت عليها 158 دولة، موضحين دور مكتب الأممالمتحدة المعنى بالجريمة والمخدرات فى تفعيل أحكام الاتفاقية وتحقيق التعاون بين الدول الأطراف من خلال عقد اللقاءات وإصدار القرارات والإعلانات المعززة لتطبيق الاتفاقية. وتناول «إيميل فيلبوز» الخبير المالى بالبنك الدولى فى واشنطن صعوبات استرداد الأموال المهربة، حيث أكد أن ذلك يتم من خلال آليات للتخفى فى شكل مشاريع مشروعة على غير وجه الحقيقة، وكيف أن هذه الوسائل يمكن التغلب عليها عن طريق تعزيز التعاون بين الأجهزة الوطنية المعنية بمكافحة الفساد، مشيراً إلى ما حدث فى نيجيريا، حيث إنهم استردوا جزءًا من الأموال المنهوبة يمثل 10% فقط، وهو ما يكشف عن تعقد وصعوبة كشف الفساد وتعقبه. وحول استرداد الأموال المنهوبة من المنظور الداخلى فقد عقدت جلسة خاصة برئاسة د. هشام صادق أستاذ القانون الدولى بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية وبدأت باستعراض حسين حسن لمشروع مكافحة الفساد بمكتب الأممالمتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة بالمكتب الإقليمى للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتناول جذور مشكلة الفساد فى مصر سواء من حيث الإطار المؤسسى والقانونى، وأشار بصفة خاصة إلى مشكلة حرية تلقى المعلومات وقصور النظام القانونى الحالى فى حماية الشهود والمبلغين. وأكد د. حسام عيسى أستاذ القانون التجارى بعين شمس ورئيس اللجنة الشعبية لاسترداد الأموال المنهوبة، أهمية وأكد على ضرورة التعاون مع الخبراء من أجل مكافحة الفساد فى مصر، كما استعرض مدى عمق الفساد فى فترة حكم الرئيس السابق حسنى مبارك، حيث إن السلطة كان هدفها الرئيسى هو صناعة الثروة بشكل غير مشروع، وإن ذلك كان يتم من خلال الفساد والإفساد، وقيّم جهود الحكومة المصرية عقب الثورة فى ملف الاسترداد وكيف أنه لم يكن كافيا، وأن التحرك كان بتأثير المبادرة الشعبية، وعلى الرغم من أنه يرى أن المبالغ المهربة والمعلن عنها ليست دقيقة، فإنها بالتأكيد تتكون من عشرات المليارات بالدولارت، كما أكد أنه ينبغى ألا نركز على الجوانب القانونية للاسترداد، فهى قضية سياسية، وبالضغط الشعبى يمكن استرداد الكثير من هذه الأموال.