عمر هذا البيان أكثر من 1400 سنة هجرية وقد أصدره القائد الأعلى لمجلس الإسلام «محمد» صلى الله عليه وسلم ولكنه يصدر الآن لكى يعرف المسلم الحقيقى أنه ليس وصيا على غيره، وقد قال الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم «لست عليهم بمسيطر» وقال أيضا «ما عليك إلا البلاغ» وفى قول ثالث وبكلام قاطع «إنك لن تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء». وأقول للأخ المصرى المسيحى اطمئن.. القرآن الكريم يحميك ويحفظ لك حقك فى بلادك.. وهو ما استشهد به محمد صلى الله عليه وسلم فى رسالته التاريخية إلى هرقل عظيم الروم، حيث قال ما جاء فى سورة آل عمران «64»: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون). وعلى أرض الواقع.. انطلقت دعوة الإسلام الأولى فى رعاية النجاشى ملك الحبشة النصرانى.. وقبل ذلك كان ورقة بن نوفل حاخام مكة هو أول من اكتشف نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.. وبعد سنوات زاد على ذلك بزواجه T من ماريا القبطية هدية المقوقس حاكم مصر القبطى ثم أوصى فى حديث شريف له سبق فتح مصر بسنوات حيث قال: أوصيكم خيرا بأهل مصر فإن لكم فيها ذمة ومصاهرة.. وهو الذى أفسح لوفد نجران المسيحى للصلاة فى مسجده بالمدينة المنورة.. وكيف للنبى الكريم الرحمة المهداة أن يعادى أهل الكتاب وهو الذى لم يلعن كافرا أو مشركا اعتدى عليه بالأذى والافتراء، وسأل الله أن يهدى قومه لأنهم لا يعلمون. كل الحقوق محفوظة هل كان محمد صلى الله عليه وسلم من الناشطين عندما تحدث فى حقوق الإنسان قبل 1400ه.. عندما قال «كلكم لآدم وآدم من تراب ولا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى».. والقرآن الكريم يحرم التجسس وتتبع عورات الناس وسوء الظن وكلنا يعرف كيف يتعامل مع جاره اليهودى الذى تعود أن يلقى بالقاذورات أمام بيته الشريف، فلما مات وقف احتراما للنفس التى كرمها الله بصرف النظر عن ديانتها، لأن الله سبحانه وتعالى هو القادر على خلق الناس أمه واحدة، لكن مشيئته جعلت الاختلاف والتعدد ضرورة لدفع الحياة وتفاعلها ومن وحى منهج محمد صلى الله عليه وسلم ودستورنا العظيم (القرآن الكريم).. قال الإمام الشافعى: رأيى صواب يحتمل الخطأ.. ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب.. وهو ما يسمى حاليا بأدب الحوار والتفاوض.. وهذا هو حق إبداء الرأى قبل أن يعرف العالم الأوروبى ما يسمى بالديمقراطية كانت الشورى أساسية فى الإسلام طبقها محمد صلى الله عليه وسلم مع أصحابه فى أمور كثيرة منها بناء الخندق، وكذلك عند اختيار موقعة بدر.. وهى معارك مهمة فى تاريخ الأمة الإسلامية. كل الحقوق مصانة ومكفولة.. حتى الطريق له حق.. لأن إماطة الأذى عن الطرقات صدقة.. فما بالك بحقوق المرأة التى هى مصباح البيت، كما وصفها الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم خطبه هى الميثاق الأهم الذى يلخص ميثاق الإسلام وحضارته وسموه.. حتى حقوق الحيوان مصانة.. من عذبت قطة ستدخل النار ومن سقت كلبا وهى مذنبة ستدخل الجنة.. وقد أوصى المصطفى بالشجر والحجر.. وهل هناك أجمل من حديثه الشريف الذى يقول فيه: «من ابتلى من البنات بشىء فأحسن إليهن كن له سترا من النار».. إنها وصية غالية وتكريم خاص «لأبو البنات».. فهل هناك أروع من هذا ويا جمعية مساواة المرأة.. أين أنتم من هذا من 1400 سنة هجرية لو كنتم منصفين حتى العبد حقوقه محفوظة ولا يجوز قذفه بالزنا، لأن من فعلها بدون دليل أو سند يقام عليه الحد يوم القيامة، كما قال خير خلق الله فى حديثه الذى رواه أبو بكر بن أبى شيبة وأبو كريب.. وواجب على السيد إطعام عبده وكسوته مما يلبس.. والقاعدة النبوية من لا يَرحم لا يُرحم. وحق الابن على أبيه أن يطلق عليه الاسم الحسن وحقوق الآباء على الأبناء معروفة وشهيرة. والجسد له أيضا حقوق عند صاحبه.. إن لبدنك عليك حق.. والنصيحة النبوية الخالدة.. ثلث للأكل وثلث للماء.. والثلث الثالث للتنفس وهى قاعدة أصبحت الدراسات الطبية الحديثة تقدمها وجدواها.. وسبقها لعصرها. سؤال فهل هذا التناحر الذى نراه بين المسلم والمسلم على اختلاف وجهات نظرهما.. وبين المسلم وأخيه المسيحى فى الوطن الواحد.. وبين اختلاف الميادين الثورية، وهذه العواصف التى تجتاح أجواء الأمة الواحدة بالتخوين والتشكيك والتشهير، وهل هذه الأفعال لها علاقة بالإسلام وتعليمات ووصايا نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم؟.. الإجابة لا وألف لا.. وهل من حقى باسم الدين أن أكون وصيا عليك وأنا مثلك أخضع لحساب ربى والله وحده اعلم بالنوايا والقلوب. انظر إلى مفاهيم التسامح والتعايش والمحبة والتعددية والديمقراطية والتحضر.. كلها موجودة فى سيرة النبى محمد صلى الله عليه وسلم وتاريخه الشريف.. بصورة حاضرة وقوية.. وسلاحه دائما وأبدا قرآن ربه الكريم، وقد جاء فيه للمسلم ولغير المسلم «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير». أليست هذه الآية هى أساس ميثاق الأممالمتحدة، والأتقى كما تم تعريفه هو الأكثر خوفا من الله الذى ينعكس فى إنسانيته الرفيعة.. لذلك يقال إن الدين المعاملة. ودعنى أذهب بك إلى روسيا، حيث أديبها الكبير تولستوى وشهادته التاريخية بحق النبى محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال:(محمد لم يقل عن نفسه إنه نبى الله الوحيد.. بل اعتقد أيضا بنبوة موسى والمسيح وقال إن اليهود والنصارى لا يُكرهون على ترك دينهم.. بل يجب عليهم أن يتمموا وصايا أنبيائهم، وفى سنوات دعوة محمد الأولى تحمل الكثير من اضطهاد أصحاب الديانات القديمة شأن كل نبى قبله نادى أمته إلى الحق، ولكن هذه الاضطهادات لم تثن عزمه بل ثابر على دعوته حتى بلغت الدنيا كلها. ومن فضائل الدين الإسلامى أنه أوصى خيرا بالمسيحيين واليهود فقد أمر بحُسن معاملتهم وأباح هذا الدين لأتباعه التزوج من المسيحيات واليهوديات على الترخيص لهن بالبقاء على دينهن ولا يخفى على أصحاب البصائر ما فى هذا من التساهل العظيم ربما لا ريب فيه أن النبى محمد من عظام المصلحين الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمات جليلة ويكفيه فخرا أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق وجعلها تجنح للسكينة والسلام. هذه كلمات تولستوى الكاتب الشيوعى فى حق محمد صلى الله عليه وسلم.. وتأكيدا على بيانه المهم الذى أصدره للعالم من خلال رسالته.. قال الله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85) )