يبدو أن المعاناة اليومية التى يعيشها الشعب الفلسطينى بصفة عامة.. واللاجئون منهم بشكل خاص، تدفعهم إلى البحث عن بدائل للحياة القاسية التى يعيشونها.. ولمقاومة الاحتلال الجاثم فوق أنفاسهم. وفى تشيلى - إحدى دول أمريكا الجنوبية - لم يستسلم نصف مليون لاجئ فلسطينى لمعاناتهم اليومية أو ينسوا وطنهم الأم - فلسطين - بل لجأوا إلى تأسيس فريق كرة قدم ينافس بقوة على درع الدورى التشيلى واستغلوا نجاحاته المتعددة فى رفع علم فلسطين فى المحافل المحلية والدولية فى محاولة لتذكير العالم بأن هناك وطناً محتلا يبحث عن حريته.يعود تأسيس نادى فلسطين أو «بلاستينو» وفقا للغة الاسبانية - اللغة الرسمية بدولة تشيلى- إلى عام 1920م عندما قام بعض اللاجئين الفلسطنيين، والذين تم إبعادهم عن وطنهم الأم قسرا نتيجة الحروب والنكبات التى ألمت بالشعب الفلسطينى فى بداية العشرينيات من القرن الماضى والمستمرة حتى وقتنا الحاضر بإنشاء ناد رياضى يحمل اسم وطنهم الأم «فلسطين» الذى يتمسكون بأمل العودة إليه مرة أخرى، ويشكل نادى فلسطين فى تشيلى أكثر من مجرد فريق لكرة القدم بالنسبة للجالية الفلسطينية الكبيرة التى يبلغ تعدادها أكثر من نصف مليون نسمة، فهو يذكرهم دائما بوطنهم الأصلى وقضيتهم النضالية ضد الاحتلال الصهيونى، ولطالما قام الفريق ومشجعوه بالتعريف بتاريخ فلسطين فى كل مشاركات الفريق المحلية والقارية حتى يظل العالم مهما مرت السنون يعلم بوجود دولة تسمى فلسطين، على الرغم من إزالتها من معظم خرائط العالم ووضع دولة الكيان الصهيونى «اسرائيل» بدلا منها. وبالجهود الذاتية والتعاون فيما بينهم نجح أفراد الجالية الفلسطينية بتشيلى فى تأسيس نادى فلسطين الرياضى بالعاصمة سنتياجو التى اتخذوا منها مقرا لناديهم، ولم تجد الجالية الفلسطينية أى صعوبة فى تحقيق حلمهم، حيث إن تشيلى تعد من أكثر دول العالم الحاضنة للجاليات العربية بمختلف جنسياتها، حتى أن مسئولى بلدية مدينة سنتياجو قد سمحوا برفع العلم الفلسطينى فوق مقر النادى بجانب العلم التشيلى. ويتخذ نادى فلسطين بتشيلى من ألوان العلم الفلسطينى «الأسود والأبيض والأخضر والأحمر» شعارا وزياً لنادى وفريق كرة القدم به كرمز لبلدهم المغتصبة، ولايقتصر نشاط النادى على الناحية الرياضية فقط بل إنه كثيرا ما يرعى ويعقد المناسبات الاجتماعية والثقافية والترفيهية التى تذكر أبناء الجالية الفلسطينية بوطنهم الأم وتعريف الأبناء الصغار بوطنهم الذى لم يروه من قبل وعاداتهم وتقاليدهم فى محاولة للحفاظ على الهوية والقضية الفلسطينية وتناقلها من جيل إلى آخر. كما يتخذ مشجعو ومحبو بلاستينو من مباريات فريقهم بالدورى التشيلى و دورى أبطال أمريكا الجنوبية مناسبة وفرصة للتنديد بالاحتلال الصهيونى لدولة فلسطين وممارساته الوحشية ضد ما بقى هناك من الشعب الفلسطينى. دعم منتخب فلسطين ويساهم النادى فى تزويد منتخبات تشيلى على مختلف أعمارها السنية باللاعبين المميزين، كما يدعم الكرة الفلسطينية عن طريق تزويد المنتخب الفلسطينى بعدة لاعبين تشيليين من أصول فلسطينية للعب مع المنتخب فى الكثير من المحافل الدولية، وذلك فى ظل التضييق من قبل سلطات الاحتلال الصهيونى على النشاط الرياضى فى الأراضى المحتلة، ومن أبرز اللاعبين كان روبرتو كاتالون وبابلو عبد الله وربرتو بشارة، والمدرب الفلسطينى ذو الجنسية التشيلية نقولا شهوان الذى درب المنتخب الفلسطينى لعدة سنوات وحقق معه العديد من النتائج الطيبة على مستوى تصفيات بطولتى الأمم الاسيوية وكأس العالم. وفى عام 1988م نجحت الجالية الفلسطينية من خلال جهودها الذاتية وبمساعدة بعض رجال الأعمال الفلسطينين فى تأسيس ستاد خاص بالفريق بحى لاسستيرنا بوسط العاصمة سنتياجو يسع إلى 12 ألف مشجع يمتلىء بهم وأكثر فى كل مباراة للفريق تقام عليه ليكون بمثابة دخل مادى ثابت وعون للنادى الفقير ماديا إلى حد ما، وتمتاز ألوان مقاعد مدرجات الاستاد بتشكيلها للعلم الفلسطينى. سجل البطولات فى عام 1952م انضم نادى فلسطين رسميا إلى الاتحاد التشيلى لكرة القدم ليترك منافسة الهواة ويخطو أولى خطواته بالدورى التشيلى للمحترفين، وكانت بطولة الدورى عام 1955م أول إنجازات الفريق فى تاريخه، ثم تلاه العديد من الانجازات أهمها تحقيقه للفوز بلقب الدورى مرة أخرى عام 1978م، و أيضا الفوز ببطولة الكأس مرتين عام 1975م، و1977م، واحتلاله المركز الثانى فى الدورى عام 2008م، والمركز الثالث عام 2007م، ومن الانجازات الأخرى التى حققها نادى فلسطين هى الفوز بلقب بطولة كامبيوناتوس أربع مرات فى أعوام 1955 و1957 و 1972 و 1977. ومن أبرز نجوم كرة القدم العالميين الذين ارتدوا قميص فريق فلسطين المهاجم الاورجوانى لويس سواريز نجم فريق ليفربول الإنجليزى حاليا، وكذلك الموهوب التشيلى أليكس سانشيز المنتقل حديثا إلى العملاق الكتالونى فريق برشلونة الاسبانى، كما تولى تدريب الفريق فى موسم 1990 / 1991م مانويل بيليجرينى مدرب الفريق الملكى الإسبانى ريال مدريد سابقا وفريق ملقة حاليا.